Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Jan-2020

رسائل «ملغزة» في أول «جمعة معترضة»… ورسالة الإسلاميين إلى الأردنيين: «الغاز الإسرائيلي في بيوتكم»

 القدس العربي-بسام البدارين

 استعرض الإسلاميون في الأردن بعضاً من قدراتهم، ليس على المساهمة في تحشيد شعبي بالشارع تحت عنوان إسقاط اتفاقية الغاز الإسرائيلي، بل أيضاً على صعيد توجيه شعارات وهتافات مئات المعتصمين بعد صلاة الجمعة أمس الجمعة في وسط العاصمة عمان وبصيغة مثيرة للانتباه.
هتف المشاركون نسبياً للغاز القطري والجزائري، في إشارة إلى عروض غاز كانت متاحة وتجنبتها الحكومة الأردنية لصالح الغاز الإسرائيلي. وهي الرواية التي أصر عليها وكررها عضو البرلمان عن القائمة الإسلامية موسى هنطش، الذي نقل عن سفراء ومسؤولين قطريين وجزائريين قولهم بأن بلادهم كانت مستعدة لتزويد الأردن بالغاز.
 
تشخيص
 
وندد بهذه الرواية عملياً تشخيص تبناه وزراء طاقة سابقون أشاروا إلى عدم صدقية رواية النائب هنطش، ولأن الجانبين القطري والجزائري طلبا من الأردن الذهاب للسوق الدولية وشراء الغاز بالسعر الدولي، وهو خيار يتناقض مع العرض الأمريكي بخصوص الغاز الإسرائيلي الأقل سعراً.
فوق ذلك، ظهرت هتافات تحاول الاستثمار في لحظة الانقلاب الإسرائيلي على المملكة، داعية إلى مراجعة اتفاقية وادي عربة أصلاً، مع الإشارة إلى أن اتفاقية الغاز قد تكون البداية لانهيار هذه الاتفاقية التي وصفت بأنها تستهدف الأردن والأردنيين.
 
تقاطعات سياسية واقتصادية وشعبوية بالجملة والموقف يتحول إلى أزمة داخلية
 
وبخصوص عدد المشاركين في أول اعتصام تقريباً بالشارع الأردني تحت عنوان إسقاط اتفاقية الغاز، برزت الإشارات على تفاضل عددي يظهر بأن أي مسيرات أو اعتصامات أو حراكات في الشارع الأردني تبقى خالية من الدسم ما لم يشارك فيها تنظيماً وشعاراً التيار الإسلامي.
وعليه، ظهرت جملة اعتصام الجمعة تكتيكية ومنضبطة وواضحة الهدف، وهو التركيز على إسقاط اتفاقية الغاز دون التطرق لهتافات تشتم أو ترفع السقف أو تتهم الدولة أو حتى تطالب بالإصلاح السياسي.
ذلك بطبيعة الحال مؤشر قوي على ذكاء المنظمين الذين يحاولون تجنب التصعيد والهتافات التي تخترق الخطوط الحمراء وبصورة جاذبة أو يمكنها أن تجذب جميع الأردنيين، خصوصاً أن الأمر يتعلق – كما أعلن الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي الشيخ مراد عضايلة- بـ»غاز إسرائيلي» سيدخل بيت كل الأردنيين.
وكان اعتصام الجمعة أصلاً قد نظم بعد ظهور علني للشيخ العضايلة في شريط فيديو يدعو فيه الأردنيين للتعبير عن موقفهم الرافض لاتفاقية الغاز مع إسرائيل، علماً بأن وزيرة الطاقة هالة زواتي أبلغت «القدس العربي» مبكراً بأنها شخصياً لا تستعمل وصف «الإسرائيلي» للغاز المشار إليه، بل تتعامل معه باعتباره غازاً يرد من شركة أمريكية، يقول المختصون إنها تستثمر في الغاز من المياه الدولية المقابلة للمياه الإقليمية الفلسطينية.
 
إسقاط الاتفاق
 
الأهم عملياً أن شعار إسقاط الغاز الإسرائيلي في مرحلة حساسة وصعبة من احتقان الشارع قد يصلح كهتاف توحيدي للقوى الحراكية والمعارضة مرحلياً، وقد يوحي ضمنياً -إذا ما قرر الإسلاميون الاستمرار في برنامجهم بالخصوص- بأن اعتصامات الجمعة تحديداً في طريقها للعودة للأضواء وتحت لافتة خطاب سياسي هذه المرة ما دامت المؤسسات الرسمية والحكومية محتارة وقلقة من الحراك المطلبي أو المعيشي.
لافت للنظر أن الشارع بدأ يتحرك بهذه الصورة بعد ثلاث سنوات مرر خلالها مجلس النواب ميزانية مالية فيها نصوص مخصصة لنفقات إقامة أنبوب النفط الناقل للغاز بالرغم من قرار رئيس المجلس عاطف طراونة انعقاد جلسة أولى لمناقشة قانون جديد يلغي قانون اتفاقية الغاز الأحد المقبل. وموقف البرلمان أن اتفاقية الغاز مرفوضة شعبياً ودستورياً. لكن كل تلك العناصر، بما فيها موقف الإسلاميين والشارع، لم تمنع عملياً ضخ الغاز المسال في الأنبوب اعتباراً من اليوم الأول من العام الحالي.
والمعنى أن الغاز الإسرائيلي لا يتأثر عملياً أو سياسياً بمسارات الاعتراص الأردني العمومية والشعبية، والصفقة التي أثارت غضباً واسعاً في أوساط الشعب الأردني لا تزال صامدة رغم كل المهرجانات والخطابات ضدها خارج وتحت قبة البرلمان الأردني.
الأهم وعلى الأرجح، يعرف الإسلاميون أن السعي لإسقاط تلك الاتفاقية سيتحول إلى «أزمة» بين القوى الشعبية والشارع الأردني من جهة، والحكومة من جهة أخرى، وليس بين الأردن وإسرائيل، لأن الاتفاقية ببساطة شديدة دخلت حيز التنفيذ، والغاز يضخ في الأنبوب الأردني شمالي البلاد فعلاً، بصرف النظر عن الضجيج المحلي.
وتلك الحلقة الأكثر حساسية في المسألة اليوم، لأن الملف الداخلي لا يحتمل عناوين جديدة تثير الاحتقان والحراك الشعبي، ولأن الوضع الاقتصادي الداخلي أصلاً معقد وحساس ومفتوح على الاحتمالات ومفخخ في كثير من أسئلة الاقتصاد الحرجة وتساؤلات الإصلاح السياسي الغائب. وتلك إشارات تعبر عنها، ولو نسبياً وعن بعد، تلك الملغزة التي ظهرت مع أول مسيرة ترفع شعار إسقاط الغاز في وسط العاصمة عمان أمس الجمعة.