Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-Aug-2019

الضحيّة بميّة في التكيّة*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور-أبهرتني الطريقة التي تدار بها هذه المؤسسة، كما هي نتائجها أيضا، باهرة ناجحة، تمثل نموذجا مطلوبا توافره في كل مؤسسات المجتمع المدني، بما فيها المؤسسات العامة..

قبل 7 سنوات تقريبا، كان عددها فقط 4000، أعني الأسر التي تتلقى معونات غذائية ثابتة، ضمن البرنامج الغذائي الذي تنتهجه المؤسسة الخيرية الاجتماعية الانسانية «تكية أم علي»، لكنها اليوم تبلغ 30 ألف أسرة منتشرة في أرجاء الأردن، تنفق عليها التكية حوالي مليون ونصف المليون شهريا، وتؤمن لها غذاء مأمونا ذي جودة عالية، يصلها على هيئة طرود، تحملها الجمعيات الخيرية المنتشرة في كل محافظة ولواء وقضاء، دون هدر أو امتهان لكرامة الناس الذين يعانون قلة المال وقلة الغذاء..
لا يمكنني التحدث عن الجانب الإنساني الاجتماعي ولا الخيري التكافلي الذي تقوم به التكية، دون الإشارة الى إدارتها، وقد يبدو الحديث تقليديا إن نحن قرأناه أو استمعنا له عن بعد، ومهما تحدثنا فلن نكون أفصح ولا أكثر دقة أو إلماما، من الأستاذ سامر بلقر المدير العام لتكية أم علي، فهو نجح في تقديم نموذج مؤسسي ديناميكي، وفق أسس الحوكمة الرشيدة واستخدم أدواتها، واعتمد على التكنولوجيا في اختصار كثير من المعاملات والإجراءات الروتينية التي يتطلبها عمل التكية..
اليوم؛ تقدم التكية عملا جبارا في إطعام الناس المحتاجين، وعلاوة على وجبة يومية لعابري السبيل، تقدم غداء ل 400 شخص في الأيام العادية، وتفطّر 2000 صائم في شهر رمضان، تقوم المؤسسة كما أسلفنا بتأمين الطعام ل35 الف أسرة، على امتداد العام، وقد تتبدل هذه الأسر، بمعنى قد يتوقف 7000 الى 8000 أسرة عن استقبال الغذاء من التكية، لكن يحل مكانهم العدد نفسه من أسر أخرى جديدة..
في الأضاحي، تستقبل التكية 25 الف توكيل، التوكيل الواحد يبلغ 100 دينار وليس «99 دينار»، هو ثمن أضحية، يقدمها المتبرع للتكية كي تقوم بشراء هذه الأضحية وذبحها في المسالخ المعروفة، أو شراء غنم استرالي، وارسال فريق ومفتٍ شرعي في أيام عيد الأضحى، يشرف على ذبحه وفق الطريقة الاسلامية، ثم يتم تقطيعه وتجميده ليصل الى ثلاجات التكية بعد شهر من العيد، ويتم توزيعه خلال العام، حتى قدوم العيد في العام التالي.. وتتلقى التكية تبرعات من 55 الف متبرع، يلتزم كثيرون منهم بتقديم مبلغ معدله 30 دينارا شهريا لحساب التكية، وجزء من المال يأتيها تبرعا من جهات حكومية دولية أو من القطاع الخاص الأردني، ويتطوع للعمل مع فرق التكية 10 آلاف متطوع سنويا..وهو رقم يعبر عن أن الخير وفعله أصبح مؤسسة ذات ثقافة إنسانية وإدارية وأخلاقية في الأردن وبحمد الله.
قد يستهين أحدنا بهذا العمل، ويتغافل عن أثره الطيب المطلوب بين افراد وفعاليات ومؤسسات المجتمع، ويفعل الناس الخير كل يوم، لكن أن تتفرد مؤسسة غير ربحية البتّة، وتقدم مثل هذا النموذج «النظيف» من عمل الخير، تطعم الجائعين بطريقة راقية تحافظ على كرامتهم وتبتعد عن الدعاية القابلة للتسييل في أرصدة التشهير والشعبويات.. فهذه ثقافة إنسانية أردنية راقية، وعمل يجب تعزيزه وتضخيمه وتعميمه على كل الجهات المختصة القائمة على قيم فعل الخير والتكافل، وتعزيز الأخلاق الجميلة بين الناس.
يقول لي سامر بلقر مدير عام تكية أم علي: يأتي الى هنا متطوعون كثر، نخبة أردنية سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وشباب في مقتبل العمر، يقدمون طلبا من خلال موقع التكية الالكتروني، ويتنافسون على الحصول ولو ليوم واحد على مثل هذه الفرصة، البعيدة عن الاعلام والدعاة والاتجار بفقر الناس وجوعهم..يأتون الى هنا ليساعدوا في إطعام الناس لا غير، أو في توصيل الطرود لمحتاجيها.
هذا نموذج من العمل الاجتماعي سينتشر بسرعة رغم كل الظروف الاقتصادية، لأنه يدار بطريقة ديناميكية أمينة، تملك رؤيتها الجميلة وتنهج استراتيجية إدارية رشيقة وتستند الى منظومة قيم وأخلاقيات «فقدها كثيرون»..نموذج يستحق المتابعة ممن يهتم بالتميّز والتجارب الأردنية الناجحة في التنمية الاجتماعية وغيرها.