Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Apr-2019

المطلوب قليل من الثقافة القانونية !*د. زيد حمزة

 الراي-تصيبني الدهشة كلما قرأت تصريحاً لمسؤول يقول فيه انه ينوي ((تفعيل)) قانون ما ويقصد بذلك ان يفهمنا انه كان ((معطلا)) من قبل مسؤول سابق، فمن بالله عليكم منح أيا من المسؤوليْن هذه الصلاحية فوق الدستورية (!) سواء بتعطيل هذا القانون او بتفعيله بعد أن كان قد صدر كأي قانون آخر مر بمراحله الدستورية وتم توقيعه من قبل رأس الدولة ونُشر في الجريدة الرسمية منتهيا بعبارة ((رئيس الوزراء والوزراء مكلفون بتنفيذ احكامه))؟! وكيف وُجد اصلاً مسؤولٌ اعطى لنفسه الحق في تجاهل القانون فلم يطبقه بل وضعه على الرف حتى قيّض الله له مسؤولاً آخر أتى بعده وفي لحظة حماس وعد بتفعيله اي تطبيقه؟!

 
وينتابني الاستغراب حد الاستنكار حين أسمع مسؤولاً يصرح بانه ينوي تحويل ((نظام)) ما الى ((قانون)) بدعوى انه بذلك يصبح أقوى ! فمن يا ترى افتى له بأن مجرد تحويل النظام الى قانون يشحنه بقوة سحرية تجعله اكثر مَهابةً كي يعمل به المواطنون، ذلك شطط لا معنى له، فالمنظومة التشريعية كل لا يتجزأ بدءاً من القانون المشتق من مادة في الدستور مروراً بعد ذلك بالنظام المستند الى مادة من مواد القانون نفسه وصولاً آخر المطاف حتى الى التعليمات الصادرة بناءً على النظام، وقوة هذه المنظومة تأتي من اعتماد كل جزء من اجزائها على الآخر، ويتوجب على المسؤولين تطبيقها بحذافيرها حسب مقاصدها والحاجة اليها، وعلى المواطنين طاعتها واحترامها والتقيد بأوامرها ونواهيها، سواءً كانت قانوناً أو نظاماً او تعليمات والا فالقضاء بالمرصاد لمن يخرقها..
 
أما ما يقلقني حد الغضب فهو الالتفاف احيانا على طريقة التشريع حين يريد مسؤول ان يخدم مصالح معينة او ان يحقق اهدافاً محددة بسن قانون يشرعنها لكنه يخشى ألا يوافق البرلمان عليه فيقوم بدل من ذلك بصياغته على شكل نظام لا يحتاج الا الى موافقة مجلس الوزراء حيث يمكن ان يتم من اجله استنباط سند من مادة في قانون قريب الصلة والمعنى، ولقد صدر قبل عامين نظام من هذا النوع كتبت مطالباً بالغائه بعد اعتراف المسؤولين عنه (شفهياً) بصحة طلبي !
 
وبعد.. فتلك ملاحظات اجتهادية حول ضعف ثقافة القانون عند بعض المسؤولين او استغلاله من قبل بعض اخر، وما يثيرني بشأنها حقاً ان كثيراً من التجاوزات تمر من خلالها بلا مبالاة، فليس عندنا ((أُمبودزمان)) كما في الدول المتقدمة يعيّنه البرلمان كي يراقب كل صغيرة وكبيرة من الهنات أو المخالفات فيبادر الى التنبيه لها ومن ثم الأمر بتصويبها بحزم.. أما دور المحكمة الدستورية في هذا المجال فمهم وخطير لكني أؤجل الحديث عنه الى مقال آخر !