Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Feb-2018

روسيا بين دوري.. المتدخل والوسيط - فيصل ملكاوي

 الراي - في ايلول من العام 2015 ،مارست روسيا دور المتدخل الحاسم في الازمة السورية حتى باتت المحصلة والنتيجة ان موسكو باتت اللاعب الرئيسي على الساحة السورية وانه لايمكن التوصل الى مقاربات للحل دون التفاهم معها، ومنذ ان مكن التدخل الروسي من اعادة بسط النظام السيطرة على اكثر من نصف الاراضي السورية فان الرئيس بوتين يحاول الانتقال بالدور الروسي من (المتدخل) الى (الوسيط ) خاصة بعد ان ضمن المصالح الروسية الاستراتيجية في سوريا واعلن عن انهاء العمليات القتالية الاساسية وبناء على ذلك قلص القوات المقاتلة لكنه لم يقلص الوجود العسكري الذي بات مركزيا في قاعدة حميم الجوية في اللاذقية وطرطوس البحرية بما في ذلك نصب منظومة الصواريخ الاستراتجية اس 400 فائقة التطور والامكانيات.

لكن في ذات الوقت فانه صحيح ان التدخل الروسي اظهر فارقا ميدانيا على الارض لصالح النظام السوري، الا ان سوريا لم تعد باي حال الى حالة الاستقرار ومضى الوقت الذي يمكن ان تعود فيه الى تلك الحالة دون حل سياسي شامل، لا يمكن العودة به الى سوريا ما قبل اذار 2011 فان سوريا قبل ذلك التاريخ لا يمكن ان تكون ذاتها بعد ذلك، والسنوات السبع الماضية بكل مجرياتها المأساوية شاهد على ذلك ولا يفصلنا عن دخول الازمة عامها الثامن سوى اقل من شهرين، وثبت انه لو انتصر احد في الميدان فانه لا يعني انه صاحب الحسم النهائي في مسار الازمة التي لا يبدو لها نهاية قريبة في الافق.
حالة النشوة بالتقدم العسكري على الارض، واضعاف المعارضة السورية، والاعتراف الاقليمي والدولي بهذا الواقع، حتى ان رحيل النظام سقط عن الاجندة الاقليمية والدولية كشرط فوري، بل اصبح باحسن الاحوال السعي سياسيا لان يكون نتيجة وليس مقدمة للحل، هذه الحالة جعلت سقف التوقعات الروسية ترتفع بانها يمكن ان تحرق المراحل وان تقفز الى الحل دفعة واحدة، دون الالتفات للكثير من الاعتبارات والتدخلات وتعدد اللاعبين على الساحة السورية الذين باتت لهم مصالح ونفوذ ووكلاء لا يمكن الدفع بهم خارج الطاولة، اذ ان القوة العسكرية واعادة التلويح باستخدامها لم يعد اداة يمكن ان تحدث فرقا جوهريا من الواقع الراهن للازمة السورية ميدانيا وسياسيا واستراتيجيا، اذ ان الدولة الاكثر نفوذا في مثل هذه الحالة الاصل ان تكون صاحبة مصلحة مباشرة لاجتراح حل عادل وشامل ينهي الازمة لا تقديم وصفات جاهزة ومحاولة تكريس معادلة منتصر ومهزوم، فتطورات الازمة السورية تقول ان مثل هذه النشوة لاي طرف انما هي مؤقتة سرعان ما تطويها التطورات المتسارعة والتي لا يمكن التنبؤ بها في سياق الازمة السورية، فالارض غير مستقرة والتحالفات متحركة والمصالح متضاربة، والعصى السحرية ليست بيد اي طرف.
مؤتمر سوتشي الذي ارادت به موسكو الانتقال من دور المتدخل الحاسم الى الوسيط القوي، كان يمكن ان يلاقي نجاحا معتبرا لو ان موسكو اظهرت للمجتمع الدولي، ان هذا المؤتمر هو بمثابة (حدث هام ) وليس ( مسار ) يثير القلق ان يحل محل مسار جنيف ومرجعياته ورعايته الاممية المقبولة من الجميع، لانه في الطريق الى سوتشي حتى مطار هذا المنتجع الهام في روسيا كانت الانسحابات تتوالي ومنهم من وصل مقر المؤتمر ولم يشارك والمبعوث الاممي الذي قرر المشاركة في اللحظة الاخيرة لم يدخل قاعات الاجتماعات!
والدول الكبرى قاطعت ودول كثيرة خفضت مستوى التمثيل، في حين انه كان بالامكان جعل هذا المؤتمر جزءا من مسار جنيف بخصوصية روسية ونفوذ قوي معترف به لكن يبدو ان الفرصة هذه ضاعت وان الازمة السورية بقيت في مربعها الاول والى مزيد من المجهول وبلا فائز في الساحة فالجميع خاسرون.