Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Dec-2017

ندوة تعاين مسرحية ‘‘اوركسترا‎‘‘: الصراع بين النساء المضطهدات والهيمنة الذكورية

 

عزيزة علي
عمان –الغد-  رأى نقاد ومختصون أن مسرحية "اوركسترا"، تحمل هموم المرأة العربية المعاصرة، بعيدا عن تنميط الواقع، ولكن تبين الواقع بتناقضاته من خلال الصراع الدائر بين النساء المضطهدات والرجل الذي يمثل الهيمنة الذكورية "البطرياركية"، إلا أنها رؤية عقلانية وليست متطرفة كما في بعض الرؤى النسوية التي نجدها في الأعمال الأدبية والفنية للنسويات في الغرب.
ونفت مؤلفة "اوركسترا"، ان تكون فكرة المسرحية قائمة على نظرية "نسوية"، بل على نظرية إنسانية تشمل المرأة والرجل، فيما قالت المخرجة إن المسرحية هي تتبع لتاريخ القضية الفلسطينية التي انشغل عنها العرب بصراعاتهم وحروبهم، وتسلط الضوء على قضية العرب المركزية الأولى.
جاء ذلك في الندوة التي نظمتها لجنة المسرح والدراما في رابطة الكتاب الأردنيين بالشراكة مع منتدى النقد الدرامي، حول مسرحية "اوركسترا" بمشاركة مؤلفة النص الروائية والكاتبة المسرحية سميحة خريس والمخرجة الدكتورة مجد القصص وتحدث فيها الناقد د. زياد ابو لبن، والناقد المسرحي العراقي عواد علي، وادارها عضو الهيئة الإدارية للمنتدى د. الحاكم مسعود.
ورأى الناقد د. زياد أبو لبن ان مؤلفة ومخرجة مسرحية "اوركسترا"، استطاعتا أن تقدما نصا دراميا يسخر من واقع اجتماعي مصاب بالانفصام، فخريس الروائية قدمت نصا جادا يحمل هموم المرأة العربية المعاصرة، ويخرج عن تنميط الواقع، ويتميز بلغة شاعرية قائمة على التخييل، والمخرجة المسرحية الدكتورة مجد القصص تقدم عملا مسرحيا على خشبة المسرح بجدية الطرح، وما تحمله المسرحية من كشف الواقع بتناقضاته، وهذا العمل يضاف إلى أعمال مسرحية جادة قدمتها (القصص) عبر مسيرة فنية خصبة، لا تقل عما قُدّم في المسرح العربي والعالمي.
وتحدث أبو لبن عن لقطات من مشاهد مسرحية "اوركسترا"، مشيرا إلى أن المشهد الأول يتحدث عن حالات إنسانية تنزع في مجملها إلى شخصيات منهارة تعاني آلام الحياة وقلقها واضرابه، وكذلك باقي مشاهد، فشخصية المرأة العاقر في مواجهة شخصية المرأة الحبلى، فهما ثنائيتان ضديتان في الوجود الإنساني، فالأولى عاقر يعاندها فراغ الحياة وبؤسها، حيث تجعل من الأغنيات والموسيقى نافذة تطل بها على العالم، بعدما فقدت حبيبها، وأصبحت أسيرة الماضي، كما تظهر في المشهد الثاني، في حين نجد شخصية الحبلى تهبها الحياة طفلا، بما يمثله من امتداد للصراع الكوني في ثنائية الموت والحياة معا، أما شخصية العشيقة، في شخصية حالمة في فضاءات لا متناهية، تقتات على حكايات العشق الأبدية، وفي مقابل شخصية العشيقة شخصية الغانية، وهما – أيضا- ثنائيتان ضديتان في الوجود الإنساني، فالغانية تمثل متع الحياة المنفلتة من قيود المجتمع.
وأشار أبو لبن إلى رمزية المكان حيث تتحول "دار المسنين"، في هذا العمل إلى صندوق أسود تموت فيه أحلام النساء، والخروج منه هو خروج من المقبرة، بما تمثله من موت حتمي، فتدفعك شخصيات المسرحية للبكاء مرة، وللضحك مرة أخرى، بل يكاد يختلط البكاء والألم معا، في تصاعد لحظات مفارقات الحياة بين الأمل المنشود والحلم الضائع، بإثارة قضايا المرأة المعاصرة، ما بين خسارات الواقع الفاقد للحب، في زوجة محافظة، وزوج يبحث عن متعة اللحظة المرهونة بالفشل، وعشيقة متحررة تكسر قواعد المجتمع، فالأولى تعيش في وهم لقاء زوجها الذاهب للحرب دون عودة، أو زوج شرّع لنفسه الخيانة، وعشيقة فقدت قدرتها في الحياة المؤطرة بالزواج.
الناقد المسرحي العراقي عواد رأى أن المخرجة مجد القصص اعتمدت "دراماتورجيا"، في نص خريس، فأعادت توزيع الحوارات، بعد تكثيفها، على الشخصيات النسائية الخمس، وصاغت رؤيتها الإخراجية بملامح ما بعد حداثية، حيث جرى تفكيك البنية الدرامية وتشظيتها، وأسلبة المشاهد والعلاقات بين المؤديات والمؤدي الذي جسد ثلاث شخصيات رجالية، انطلاقا من أن العرض المسرحي فن متخيل افتراضي، وليس محاكاة للواقع على أساس المماثلة بين أفعال الإنسان في الحياة والأفعال على الخشبة.
وبين عواد أن المخرجة تلاعبت بالزمن وجعلت الماضي يتداخل مع الحاضر بأسلوب برشتي يقوم على اللعب والكشف، والتأكيد على جماعية العرض بحيث يتساوى الممثلون في حضورهم، دون التركيز على شخصية رئيسة واحدة كما يحدث في أغلب المسرحيات التي تنتمي إلى المسرح الدرامي.
واشار عواد إلى أن العرض حمل رؤية نسوية للصراع الدائر بين النساء المضطهدات والرجل الذي يمثل الهينة الذكورية "البطرياركية"، إلا أنها رؤية عقلانية وليست متطرفة كما في بعض الرؤى النسوية التي نجدها في الأعمال الأدبية والفنية للنسويات في الغرب.
وخلص إلى أن المرأة في هذا العرض لم تعف من تحمل ما آل إليها وضعها الاجتماعي بسبب سلبيتها واندفاعاتها العاطفية، مشيرا إلى الأداء المتقن للممثلين والممثل في العرض، والمنحى السيميائي للسينوغرافيا، وعضوية الموسيقى والغناء، حيث كانا جزءا أساسيا في العرض وليسا مكملين أو عنصرين زخرفيين.
الروائية سميحة خريس التي ابدت سعادتها بهذا التعاون بينها وبين المخرجة القصص، وتود لو يتكرر هذا التعاون قائلة "هذا أول عمل مسرحي لي بعد تحويل قامت بتأليفه بشكل مباشر بعد تحويل روايتي "الخشخاش"، لافتة إلى أن تعاونها مع المخرجة جاء عندما كانت تبحث عن نص أردني تقوم بإخراجه.
وأضافت خريس ان جزءا من العمل عندي والجزء الثاني كان عند المخرجة، التي تعمل على فيزياء الجسد، والفكرة كانت حول "رجل و5 نساء"، نافية أن تكون الفكرة قائمة على نظرية "نسوية"، بل نظرية إنسانية تشمل المرأة والرجل معا.
فيما بينت المخرجة المسرحية الدكتورة مجد القصص أن أول من ادخل الحداثة إلى المسرحي الأردني كان الفنان الراحل نادر عمران، والفنان خالد الطريفي من خلال "مسرح الفوانيس"، وانا ادخلت ما بعد الحداثة للمسرح، ليس لان ما بعد الحداثة شيء عظيم ولكن ضروري ان نجربه ونتعرف عليه من اجل مواكبة التطور في عالم المسرح.
وقالت القصص ان مسرحية "اوركسترا"، هي تاريخ القضية الفلسطيني التي انشغل عنها العرب بصراعاتهم وحروبهم، وهي تسلط الضوء على هذه القضية العربية المركزية الاولى، مبينة أن اغاني هذا العمل هي جميعها من التراث الفلسطيني وتسلط الضوء جاء من خلال ثلاث شخصيات هم "الرجل المناضل الذي خجل ان يعود إلى المرأة التي وعدها بتحرير الوطن فذهب ولم يعد، والرجل الذي احب الممرضة، والزوجة العاقر"، فقد اتبعت في هذا العمل الاسلوب الملحمي على طريقة الفيلسوف الألماني "بريخت".