Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Oct-2020

نساء عفرين المفقودات و”غصن الزيتون” التركي

 الغد-دايفيد ليبسكا – (أحوال تركية) 3/9/2020

 
“إننا نرى العديد من هذه التقارير المزعجة عن اختطاف نساء، وإجبارهن على الزواج من أعضاء الجماعات المسلحة، وتعرضهن للتعذيب والعنف الجنسي وجميع أنواع الفظائع، ولم يكن هناك اهتمام بهذا الأمر. إننا نرى في مكان كان في يوم من الأيام مركزاً مستقراً وسلمياً لتحقيق مكاسب في حقوق المرأة وحقوق المجتمعات الدينية والعرقية المختلفة في شمال سورية، تعرُّض النساء لهذه الفظائع. هذا أمر مرعب”.
 
* *
في غضون أسابيع من غزو تركيا لمحافظة عفرين السورية في كانون الأول (يناير) من العام 2018 ضمن عملية عسكرية أطلق عليها اسم “غصن الزيتون”، أفادت هيئات دولية عن جرائم حرب ارتكبها المتمردون السوريون المدعومون من تركيا، بما في ذلك التعذيب والإخفاء القسري والتشريد وقطع المياه والكهرباء ومصادرة الممتلكات ونهبها.
ومع انتقال الجيش التركي إلى شنّ عمليات توغل أخرى في سورية، تشتت انتباه العالم عن عفرين، مما سمح لانتهاكات حقوق الإنسان بالتضاعف إلى حد انعدام سيادة القانون، حسب الباحثة ميغان بوديت.
وحسب الموقع الإلكتروني الذي تديره بوديت باسم “نساء عفرين المفقودات”، أكّد مراقبون محليون اختطاف 52 امرأة على يد مقاتلين سوريين مدعومين من تركيا في عفرين في العام 2018. ومع 55 حالة حتى آب (أغسطس) من هذا العام، قد تسجّل السنة الحالية 82 عملية، بزيادة تقارب 60 في المائة، وسط تأكيدات الجماعات الحقوقية بأن هذه الفظائع بلغت ذروتها.
وقالت بوديت لموقع أحوال تركية: “إن هذا الوضع يخلق بيئة غير صالحة للعيش. لقد أدى هذا الاحتلال غير الشرعي إلى تعاسة المدنيين الذين كانوا يعيشون هناك”.
في سعيها للقضاء على وجود الأكراد على طول حدودها، انتزعت تركيا أجزاء من المنطقة الكردية السورية المعروفة باسم “روج آفا” في عفرين شمال شرق البلاد في العام 2018، مع هجومها العسكري الذي ندّد به عدد من الدول. وترى أنقرة في مجلس سورية الديمقراطية الذي يقوده الأكراد، والذي يشرف على “روج آفا”، وذراعه العسكري، قوات سورية الديمقراطية “قسد”، امتدادا لحزب العمال الكردستاني، الذي قاد تمردا في جنوب شرق تركيا على مدى عقود.
وواصلت الولايات المتحدة، حليف تركيا في حلف “الناتو”، شراكتها مع قوات سورية الديمقراطية ضد تنظيم “داعش”، مما ساعد على استمرار الوجود الكردي في “روج آفا”، والتي حظيت بإشادة واسعة النطاق بسبب تنوعها العرقي ومساواتها بين الجنسين. وعلى الرغم من تسليح تركيا لمقاتليها بالوكالة وتدريبهم للقتال في سورية ، إلا أنها لم تتمكن إلى حدّ كبير من السيطرة عليهم في عفرين والشمال الشرقي.
تراقب ميغان بوديت، التي تخرّجت من جامعة جورجتاون والتي تدرس الحركة النسائية الكردية السورية، احتلال تركيا لعفرين، وقررت التركيز على عمليات الاختطاف، مما دفعها إلى إطلاق موقعها الإلكتروني في تموز (يوليو).
تقول بوديت: “إننا نرى العديد من هذه التقارير المزعجة عن اختطاف نساء، وإجبارهن على الزواج من أعضاء الجماعات المسلحة، وتعرضهن للتعذيب والعنف الجنسي وجميع أنواع الفظائع، ولم يكن هناك اهتمام بهذا الأمر. إننا نرى في مكان كان في يوم من الأيام مركزاً مستقراً وسلمياً لتحقيق مكاسب في حقوق المرأة وحقوق المجتمعات الدينية والعرقية المختلفة في شمال سورية، تعرُّض النساء لهذه الفظائع. هذا أمر مرعب”.
ومع ذلك، لم يكن هذا مفاجئا. فقبل التوغّلات التركية في كل من عفرين وشمال شرق سورية، أعرب الرئيس رجب طيب أردوغان عن أمله في أن تتمكن تركيا وحلفاؤها من طرد السكان الأكراد المحليين واستبدالهم باللاجئين العرب الذين غمروا بلاده هاربين من مختلف أنحاء سورية. ولذلك، اتُّهمت تركيا بالتطهير العرقي حيث أُجبر عشرات الآلاف من الأكراد واليزيديين على مغادرة المناطق التي تسيطر عليها.
ويؤكد ارتفاع عدد عمليات الاختطاف تأثير السيطرة التركية الإشكالي. ففي سنة 2014 ، أصدرت “روج آفا” سلسلة من القوانين التي زادت من حماية النساء، بما في ذلك تجريم العنف القائم على الجنس وضمان حضور مراقب لحقوق الإنسان في المحاكمات والإجراءات التشريعية ذات الصلة. وقالت بوديت: “كل هذا غير موجود في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة”، مشيرة إلى نظام القضاء الذي نادراً ما يعاقب الرجال الذين يرتكبون جرائم العنف ضد النساء.
وتابعت: “من المرجح أن يمضي هؤلاء الرجال في حياتهم بحرية في عفرين، بعد أن أصبحت تحت سيطرة تركيا”. ويعكس هذا الواقع الأخبار الواردة من تركيا، حيث قفز عدد النساء المقتولات من 121 في العام 2011 إلى 474 في العام 2019، وفقاً لمجموعة “وي ويل ستوب فيميسادز” للمراقبة، في حين زاد عدد النساء التركيات اللواتي تعرضن للعنف بنسبة 50 في المائة منذ العام 2015، حسب بيانات وزارة الداخلية نفسها.
في الأسابيع الأخيرة ، كانت الحكومة التركية تدرس ما إذا كانت ستنسحب من اتفاقية إسطنبول، التي تعدّ أكبر ميثاق عالمي لمنع العنف ضد المرأة، مع استمرار تعرض العديد من الرجال لعقوبات بسيطة على جرائم العنف ضد النساء. وقالت بوديت أن الأمر الذي من شأنه أن يكون مفاجئا هو أن تبدي تركيا قلقها من عمليات الاختطاف، وبالاستعانة بمصادر يُنظر إليها على أنّها مؤيدة لـ”روج آفا” ومعادية لها وغير سياسية، وثّقت بوديت 173 حالة اختطاف منذ بدء الاحتلال التركي، وكانت معظم الضحايا من النساء الكرديات. وقد وجّه الاتهام في51 تقريرًا من بين 132 تقريراً، والتي تتعلق بارتكاب جرائم، إلى الجيش والشرطة المدنية، ويخضع كلاهما للجيش التركي.
وكانت فرقة الحمزات الموالية لتركيا هي المسؤولة عن أكبر عدد من عمليات الاختطاف في عفرين، بتورطها في 15 حالة على الأقل. وفي زيارة لقاعدة ذلك الفصيل العسكرية الجديدة في حلب قرب نهاية الشهر الماضي، أبرزت سكاي نيوز كيف كان العلم التركي مرفوعاً مع علم المعارضة السورية.
وبالنسبة لبوديت، فإنها تُرجع عمليات الخطف وانتهاك الحقوق في عفرين إلى آراء حزب العدالة والتنمية الحاكم بشأن النساء والأكراد، وكذلك النظام الإداري ونظام العدالة الذي أسسته تركيا.
وقالت: “أعتقد أن هيكل الحكم المدعوم من تركيا يساهم في ذلك كثيراً مع غياب العقوبات والرقابة”. وأشارت بوديت إلى القتل الوحشي للسياسية الكردية الصاعدة، هفرين خلف، في تشرين الأول (أكتوبر) في العام الماضي على يد المتمردين السوريين الذين تدعمهم تركيا، والذي وصفته وسائل الإعلام الموالية للحكومة التركية بأنه عملية ناجحة لمكافحة الإرهاب.
وقالت بوديت: “هكذا رأت تركيا اغتيال شخص لم يسبق له أن حمل سلاحا في حياته”. وبينما كانت تركيا تضغط على اليونان في الأشهر الأخيرة في شرق البحر المتوسط، بدأت انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها المتمردون التابعون لها في عفرين في جذب المزيد من الاهتمام. ففي أيار (مايو)، نشرت 20 منظمة حقوقية سورية رسالة مفتوحة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ولجنة حقوق الإنسان التابعة لها لتؤكد أن الجرائم المرتكبة ضد المدنيين الأفارقة بلغت درجة قصوى من الفظاعة. وفي تقرير نُشر الشهر الماضي، أبلغت وزارة الخارجية الأميركية المحققين العسكريين أن حكومة المعارضة السورية الناشطة في المناطق التي تسيطر عليها تركيا لم “تعتقل أو تلاحق أو تحاسب أي أعضاء متورطين في انتهاكات حقوق الإنسان أو انتهاكات قانون النزاعات المسلحة”.
وفي أواخر الشهر الماضي، نشرت الممثلة الخارجية لمجلس سورية الديمقراطية في الولايات المتحدة، سينام محمد، صورة آرين دالي حسن، وهي أيزيدية سورية اختطفتها فرقة الحمزات في شباط (فبراير)، وطالبت بفدية لا تستطيع الأسرة دفعها. وقد تكون حياة حسن في خطر، فقبل سنة قُتل طفل يبلغ من العمر 10 سنوات مصاب بمتلازمة داون في عفرين مع والده وجده بعد أن عجزت عائلته عن دفع الفدية البالغة 10 آلاف دولار.
تقيد تركيا الوصول إلى المناطق السورية الخاضعة لسيطرتها، وبالتالي كان العالم يعتمد على التقارير المحلية بشكل شبه كامل. وغالباً ما تخضع هذه التقارير للرقابة. وتبقى التقارير الإنسانية أو الصحفية الموثوقة حول الحياة في عفرين قليلة. ويساعد هذا في تفسير سبب اختفاء 109 نساء في عفرين، واللواتي لا نعلم ما إذا كنّ بين الأحياء أو الأموات، أو محتجزات في المنطقة، أو في أماكن أخرى في سورية، أو يواجهن المحاكمة في تركيا، كما تقول بعض التقارير.
وتقول بوديت: “الأشخاص الوحيدون الذين يعرفون مكانهن هم السلطات في عفرين، أي الجيش الوطني السوري والحكومة التركية والحكومة المدنية المعارضة. نحن بحاجة إلى مواصلة الضغط والمطالبة بالمزيد من المساءلة والتحقيق”.
*صحفي أميركي مستقل يكتب عن تركيا ويتخصص بالشأن الكردي.