Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Jan-2021

الوباء: من يجب أن يحصل على اللقاح؟

 الغد-تقرير خاص – (الإيكونوميست) 9/1/2021

 
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
 
من هو الذي يجب أن يحصل على اللقاح؟ الجواب لن يقرر من هم الذين سينجون فحسب، وإنما نوع العالم الذي سيرثونه أيضًا.
 
* *
يتزايد إلحاح الحاجة إلى التطعيم ضد فيروس كورونا يومًا بعد آخر. ثمة نوعان جديدان من الفيروس، تم رصدهما في بريطانيا وجنوب إفريقيا، ينتشران الآن في جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من أن هذه الفيروسات لا تبدو أكثر فتكًا، إلا أنها معدية أكثر بكثير، وتهدد بإغراق المستشفيات بعدد كبير جدًا من المرضى بحيث لا يمكن علاجهم.
يكمن الخلاص فقط في التطعيم السريع. ومع ذلك، ستظل اللقاحات شحيحة طوال العام 2021، حتى بينما تتصاعد الوفيات، جنبًا إلى جنب مع شعور بأن الحماية ما تزال بعيدة عن متناول مليارات الناس في العالم. ويمكن لفهم التفاصيل بطريقة صحيحة أن ينقذ مئات الآلاف من الأرواح، في حين أن فهمها بطريقة خاطئة سيحطم ثقة الناس في حكوماتهم، وفي فوائد الصحة العامة، وفي قدرة العالَم على أن يعمل معًا.
ولنبدأ بالحكومة، حيث بدأت الاتهامات في الظهور مسبقاً. فعلى الرغم من أن دولة مثل إسرائيل أعطت اللقاح لنحو 16 في المائة من سكانها بحلول الخامس من كانون الثاني (يناير)، تمكنت فرنسا من تلقيح 0.01 في المائة من مواطنيها فقط، وبدأت هولندا حملة التطعيم للتو. في إسبانيا، استخدمت مدريد 6 في المائة من عبوات اللقاح التي تلقتها حتى الآن؛ واستخدمت منطقة أستورياس أكثر من 80 في المائة منها. وفي أميركا، كانت الحكومة الفيرالية قد شحنت، بحلول السابع من كانون الثاني (يناير)، نحو 17.3 مليون جرعة، أي أقل بكثير من هدفها. وتلقى 5.3 مليون شخص المطعوم فحسب.
جزء من التفسير هيكلي. يمكن لدولة صغيرة مثل إسرائيل نقل لقاح يحتاج إلى حفظ في درجات حرارة شديد البرودة من دون إفساده. ولديها نظام صحي رقمي يمكن من خلاله معرفة المرضى والاتصال بهم بسهولة. وأميركا دولة كبيرة وفيدرالية، ونظام رعايتها الصحية مجزأ. لكن عدم الكفاءة لعب دورًا أيضًا. فمع أنه كان لدى الدول أشهر للاستعداد، إلا أنها أهدرت الوقت وارتكبت الأخطاء. لم تقم الحكومة الفيدرالية الأميركية بتمويل الولايات بشكل كافٍ للاستعداد للتطعيم إلا قبل قدوم العام الجديد بقليل. وفي فرنسا، حيث المشاعر المناهضة للتطعيم قوية، ركز البيروقراطيون على تأمين القبول بدلاً من الانتباه للعمل. وفي بعض الأماكن، توقفت عمليات التطعيم -أو أنها سارت ببطء خلال عطلة نهاية العام.
بالنظر إلى الأرواح المعرضة للخطر وتريليونات الدولارات التي خسرها الاقتصاد العالمي أثناء عمليات الإغلاق، يجب على الحكومات أن تكون مبدعة. افتحوا مراكز إعطاء اللقاح في الليل. وإذا لم يتم تدريب طلاب الطب والأطباء البيطريين وعلماء المختبرات وأطباء الأسنان والمسعفين المتقاعدين على إعطاء اللقاح، فابدأوا بتدريبهم الآن. حثوا المرضى على ملء البيانات عبر الإنترنت قبل وصولهم للحصول على الحقنة. وبدلًا من تهديد الأطباء بفقدان ترخيصهم بسبب خرق القواعد، شجعوهم على التفكير بشكل مستقل. تعلموا من الآخرين. في العام 1947 قامت مدينة نيويورك بتلقيح 5 ملايين شخص ضد الجدري في غضون أسبوعين.
يشكل التطعيم أيضا اختباراً للصحة العامة. وعندما تتم تسوية مسألة الخدمات اللوجستية، كما سيكون حالها في نهاية المطاف، سيكون العامل المحدد هو مقدار اللقاح المتاح. ويمكن لشركات “فايزر” و”موديرنا” و”أسترا-زينيكا” توفير ما يزيد قليلاً على 5 مليارات جرعة في العام 2021، وهو ما يكفي لحوالي 2.5 مليار شخص. وهناك حاجة إلى المزيد، بما في ذلك أكثر من مليار جرعة من لقاح “سبوتنيك في” من روسيا، ولقاحين من الصين.
وقد عرض كلا البلدين نشر اللقاحات على نطاق واسع، جزئيًا كأدوات للقوة الناعمة. ومع ذلك، ولتحقيق إمكاناتها، يجب أن تحصل هذه اللقاحات على ترخيص من قبل جهة تنظيمية مستقلة صارمة من بلد آخر أو من قبل منظمة الصحة العالمية. وإذا تهربت البلدان من الترخيص، كما فعلت الأرجنتين مع “سبوتنيك في”، فإن قلة قليلة من الناس ستثق في هذه اللقاحات لوقف الفيروس. وإذا تم ترخيصها من دون إجراء تجارب مناسبة، كما كان الحال مع لقاح أنتجته شركة “باهرات بيوتيك” في الهند، فإن التطعيم بشكل عام سيفقد مصداقيته.
ثمة طريقة أخرى لتوسيع الإمدادات، وهي إعطاء المزيد من الجرعات الأولى عن طريق تأخير الجرعة الداعمة الثانية، كما تفعل بريطانيا والدنمارك وألمانيا حالياً. ويجادل النقاد بأن اللقاح على هذا النحو قد يكون أقل فعالية، ما يقوض الثقة في التطعيم، وأن التعرض للأشخاص المحميين جزئيًا قد يساعد الفيروس على اكتساب المقاومة. ويقول المؤيدون إن لديهم بعض الأدلة على أن جرعات التعزيز المتأخرة ستنجح، وأن علم المناعة يشير إلى أن الناس سيحتفظون بقدر كبير من الحماية ضد الفيروس.
سوف يتطلب حل هذا النزاع التجريب في العالم الحقيقي. وإلى أن يتم جمع الأدلة اللازمة، قامت منظمة الصحة العالمية، محقة، بإثناء البلدان عن تأخير الجرعات المعززة إلا في أكثر الظروف بؤسًا. ويمكن أن تشمل هذه الظروف الانهيار الوشيك للعديد من المستشفيات، كما هو الحال في بريطانيا.
كما أن التحصين يشكل اختباراً لمعرفة ما إذا كان بإمكان العالم أن يعمل معًا لمواجهة التهديدات المشتركة، مثل الجريمة المنظمة وتغير المناخ. وقد استضافت البلدان النامية التجارب السريرية على اللقاحات. وتقوم بعضها، مثل جنوب إفريقيا، التي تشهد تفشيًا شرسًا، بتصنع اللقاحات أيضًا للشركات متعددة الجنسيات. ويجب أن تشارك في جني فوائدها. وتشير النمذجة إلى أن التوزيع العالمي الأمثل للقاح وفقًا للحاجة يمكن أن ينقذ ضعفاً ونصف الضعف من الأرواح أكثر من تركيز الإمدادات على البلدان الغنية وحدها. وكلما زاد انتشار الفيروس، ازدادت الطفرات. وسيكون من شأن تقصير أمد الوباء أن يعزز الاقتصاد العالمي. ولأميركا وأوروبا مصلحة في مضاهاة دبلوماسية الصين وروسيا.
كان الانتقاد المبكر لاحتكار الدول الغنية للقاحات قاسياً. وقد طلبت الكثير من هذه الدول اللقاحات بكميات مفرطة، لأنها لم تكن تعرف أيها هو الذي سيعمل. وتتطلب لقاحات شركة “فايزر”، وبدرجة أقل، لقاحات “موديرنا”، تخزينًا شديد البرودة من النوع الذي تفتقر إليه العديد من البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. ولكن، وفقًا لهذا المنطق، يجب على دول مثل كندا، التي لديها خمس جرعات لكل كندي، الإفراج عن اللقاحات الأرخص والتي تتحمل درجات حرارة أعلى، مثل لقاحات “أسترازينيكا”، بأسرع ما يمكن.
في هذا الصدد، يجب على الكنديين العمل من خلال “كوفاكس” covax، وهي آلية لتجميع شراء اللقاحات وتوزيعها بشكل عادل. وتأمل المبادرة في تخصيص ملياري جرعة هذا العام. ويجب أن يكون ضمان امتلاكها المال اللازم لشرائها أولوية. وتأمل مبادرة “كوفاكس” في تلقيح 100 مليون أو نحو ذلك من العاملين في مجال الرعاية الصحية في العالم بحلول الصيف. وسوف تحتاج بعد ذلك إلى إيجاد طرق لتقديم اللقاح حسب الحاجة التي تختلف من بلد إلى آخر. وسوف يفضي تدافع عالمي على اللقاح، والذي يجعل مبادرة “كوفاكس” غير فعالة، إلى وفيات لا داعي لها.
مناعة أصحاب الامتيازات
سوف تكون الأشهر المقبلة صعبة. لأنه طالما كانت اللقاحات نادرة، فإن التطعيم سيكون موضوعاً للنزاع وعدم اليقين. وإذا نُظر إليه على أنه جهد فوضوي أو غير عادل، فسيتم اعتباره مثالًا آخر على كيفية خذلان النخب للناس العاديين. وإذا احتكر العالم الغني الإمدادات، فسوف يضع ذلك الدول ضد بعضها بعضا. وفي كلتا الحالتين، سوف يغفل الناس عن كيف بدأت 30 دولة، في غضون عام واحد فقط من اكتشاف فيروس كورونا، في تنفيذ حملات التطعيم ضده. وهذا، بعد كل شيء، شيء يدعو إلى البهجة.
*نشر هذا التقرير تحت عنوان:
The pandemic: Who should get the jab?