Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Oct-2018

المفكر برادة يحاضر في «شومان» حول «سؤال الثقافة العربية في سياق الانهزام»
الدستور  - نضال برقان
اعتبر المفكر والروائي المغربي محمد برادة أن الفضاء العربي بما هو عليه من تباينات في التفاصيل، هو فضاء موسوم بـ «الانهزام»، كونه لم يفلح في بناء مجتمعات ديمقراطية تترجم تطلعات الدولة المدنية.
وبحسب برادة، فإن «ثقافة الانهزام» تجتاح المجتمعات العربية منذ مدة ليست بالقصيرة، بوصفها أدت إلى استحالة مواكبة التطور وغيبت معنى ومفهوم الانتصار عن العقلية العربية، التي هي انهزامية بطبعها.
وأشار إلى أن صفة انهزام الفضاء العربي، تتأكد بالمقارنة مع حركة الفضاء العالمي المذهلة التي نقلت تاريخ وقيم الإنسانية من مستوى حضارة الزراعة والصناعة إلى مستوى غير مسبوق في جميع المجالات، يعتمد الرقمية والذكاء الاصطناعي.
جاء حديث برادة، في إطار محاضرة بمنتدى عبد الحميد شومان الثقافي، أمس الأول، حول «سؤال الثقافة العربية في سياق الانهزام»، قدمه فيها للجمهور الروائي والناشر إلياس فركوح، الذي اعتبر أن الثقافة يتعين عليها أن تصبح جزءا من الممارسة اليومية لتؤثر في عمق المجتمع وتضطلع بدورها الإصلاحي كاملا.
وبين أن التغاضي عن تحديد السياق العربي يبرر في الغالب بأنه نوع من الهروب إلى الامام، من خلال طرح أسئلة وقضايا لا تقترب من عمق الإشكالات التي تراكمت في الفضاء العربي منذ نهاية القرن التاسع عشر ضمن سيرورة «إجهاضات النهضة العربية»، التي توالت عبر مد وجزر وانتصارات متوهمة.
ولفت إلى أن هناك محاولات من مفكرين ومبدعين لامست إشكالية التغاضي عن تحديد السياق العربي، وأن هناك العديد من الجهود التي وضعت «الأصبع» على الطريق المؤدية إلى النهوض، ابتداء من عبد الرحمن الكواكبي ومصطفى عبد الرزاق صاحب «الإسلام وأصول الحكم» وصولاً إلى مجموعة من المفكرين، يضيق المجال عن ذكرهم.
وعن اختياريه موضوع المحاضرة، قال برادة «آثرت الحديث عن الثقافة العربية في سياق الانهزام، لكيّ أذكر بواقع تاريخي، اجتماعي وسياسي تعيشه أقطار الفضاء العربي منذ عقود، لكن أجهزة السلطة تتجنب الإشارة إليه وتحرص على الايهام بأن مجتمعات هذا الفضاء تعيش في سياق طبيعي مثل بقية الأقطار التي تجر قاطرة العالم وتواجه أسئلة العولمة والانفجار المعرفي ومفاجآت الثورة التكنولوجية والذكاء الاصطناعي». وأضاف في هذا السياق «بهذا الطمس والايهام تبدو مجتمعات الفضاء العربي وكأنها تنخرط في سيرورة ذات أبعاد كونية، وأن ما ينقصها التصليح والتعديل في برامج التعليم والتدبير الاقتصادي لكي تلحق بالركب العالمي، متدثرة بأصالتها الماضية وهويتها الثابتة وأنظمتها السياسية الأبدية».
«أنا مثقف وكاتب مغربي، وأندرج ضمن المخضرمين، فقد عاصرت أجيالا عدة وسياقات تاريخية متباينة تتراوح بين مرحلة الكفاح من أجل استقلال المغرب عن الحماية الفرنسية، إلى مرحلة تشييد الدولة الوطنية والدخول في متاهة أزمنة الرصاص ما بين ستينيات وتسعينيات القرن الماضي»، حسبما وصف المحاضر نفسه. إلى ذلك، بين برادة أن هزيمة 1967 نبهت المثقفين والمبدعين إلى أن التحالف مع أنظمة مستبدة أو متخدرة من ثورات فوقية لا يمكن أن تستجيب إلى مطمح التغيير الاجتماعي والسياسي القادر على فتح طريق النهوض المطلوب في مجتمعات الفضاء العربي. هذه الهزيمة، حسب برادة، افرزت «طلاقا» بين السياسي والثقافي؛ وهو ما جعل الثقافة والابداع يستعيدان حرية النقد والانتقاد دون تقيدٍ بوعود وطنية وقومية فاقدة لشروط التحقق.
ودعا برادة إلى تحرير المثقفين والمبدعين من وصاية الأنظمة، ومن سطوة الأيديولوجيات الخانقة، وفتح الطريق أمام النقد الجريء وإعادة النظر في التنظيرات على ضوء الأسئلة التي يفرزها الواقع المتحول باستمرار، وعلى ضوء ما يعرفه عالم اليوم من قفزات متتالية في العلم والثقافة والصراع على قيادة العالم. ونبه برادة إلى أهمية دور المثقفين والمفكرين في إنجاز الإصلاح وبلورة مساكن التحول، بما أن التاريخ العربي سجل، على مدار عقود، مواقف مشرفة لمثقفين دفعوا ثمنا فادحا نتيجة ذلك، تمثلت في السجن والتعذيب والقتل والنفي.   وبرادة، مواليد العام 1938، يعيش حاليا في جنوب فرنسا، ويزور وطنه المغرب بانتــظام. يحمل الاجازة في اللغة العربية وآدابها في جامعة القاهرة. له مؤلفات عديدة، منها «محمد مندور وتنظير الـنقد العـربي»، «سـياقات ثـقافية»،» الرواية ذاكرة مفتوحة»، «لعبة النسيان»، «الضوء الهارب»، امرأة النسيان»، وغيرها.