قبل شهور قليلة كتب مارتن انديك عن استراتيجية الرئيس ترمب في منطقتنا ، تحت عنوان»عقيدة ترمب في الشرق الوسط «، حيث توقع أن الرئيس الأميركي سيفك ارتباطه بالشرق الأوسط عبرانسحاب تدريجي والانحراط في مشكلات العالم، والابقاء على قوات عسكرية صغيرة في المنطقة لمواجهة النفوذ الايراني ، لقناعته بأن «الشرق الأوسط مكان مضطرب»، ولا يحتل مكانة متقدمة في عقيدة ترمب. يؤكد انديك أن هذه العقيدة الترمبية لا تعجب مستشار الأمن القومي جون بولتون»المتطرف المحب للحروب» فهي ليست الاستراتيجية المفضلة بالنسبة له ولا بالنسبة لآخرين لم يفهموا رسالة ترمب، وارادوا دفعه الى اعادة تشكيل سوريا والمنطقة، وشن حرب على ايران، وفي مقدمتهم نتانياهو. لكن الرئيس الأميركي يريد احتواء كل الذين اسماهم» الحلفاء والشركاء» في المنطقة وبيعهم الأسلحة والمعلومات مقابل ثرواتهم ،على أن يتحملوا اعباء حماية انفسهم في هذا المنطقة المضطربة» لندع الآخرين يعتنون بها»حسب ما قاله ترمب وذكره انديك.

الحقيقة انني اخالف انديك وبولتون الرأي معا ، لأنني على يقين بان الرئيس الأميركي لا يثبت على موقف ، وليس لديه استراتيجية ثابتة، فهو فردي مزاجي انفعالي استعراضي متقلب، وقد يتخذ قرارات معاكسة تماما في أية لحظة. لذلك عندما تحدث ترمب عن الحكمة بقوله»نسال االله ان يعطينا الحكمة في الوقت الذي نواجه فيه تحدي عالمنا المضطرب» ضحكت كثيرا ، لأن يحتاج الى الحكمة فعلا، كما هو سبب هذا الاضطراب الذي يسود العالم كله وليس في الشرق الأوسط فحسب.

هذا القول لترمب ذكرني بفيلم»رجل العام»للممثل الكوميدي الأميركي روبين ويليامز الذي مات منتحرا بسبب الاكتئاب. بطل الفيلم ( روبين ) يقدم برامج ساخرة في فضائية محلية، قرر خوض الانتخابات الرئاسية الاميركية، وفاز بمنصب الرئيس بشكل كاسح بسبب خلل الكتروني حدث في اجهزة الفرز الآلي. وعندما عرف وتأكد ان فوزه كان نتيجة خطأ باجهزة الفرز، اتخذ قراره الشجاع وقدم استقالته وقال عبارته :»يجب أن لا يحكم الولايات المتحدة مهرج «..

m.yousefkawash@gmail.com