Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Mar-2017

إيـران .. ومـراكـز القـوى ! - صالح القلاب
 
الراي - ليس لأن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قد شكا من عدم إستقلالية وزارته بالنسبة للمفاوضات الدائرة الآن حول الأزمة السورية و لا لأن المسائل المتعلقة بالملف السوري يقررها المجلس الأعلى للأمن القومي بل لأن واقع الحال يشير إلى أنَّ إيران تعاني، ومنذ فترة سابقة غدت بعيدة، من صراعات مراكز القوى المتعددة التي من الواضح أن أهمها، حتى بوجود الولي الفقيه «سطوة» واضحة، للقيادة العليا لحراس الثورة التي يتحكم بقراراتها وتوجهاتها الجنرال قاسم سليماني وبخاصة في ما يتعلق بالأوضاع الملتهبة في هذه المنطقة.
 
ولعل ما أكد على وجود مراكز القوى المتعددة هذه هو أن عضو لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي جواد كريمي قدوسي قد كشف في تسْريبات لوسائل الإعلام عن خلاف عميق بين الدوائر الإيرانية حول العلاقات مع دول الخليج العربي وحيث يتعرض الرئيس الإيراني حسن روحاني لضغوط داخلية بسبب رغبته في تخفيف التوتر مع هذه الدول وبخاصة المملكة العربية السعودية
 
وهنا فإن المفترض أنه معروف أن سوريا قد مرت بمثل هذه الحالة في النصف الثاني من عقد ستينات القرن الماضي وبخاصة في عامي 1968و1969 وحيث بعد صراع مرير غير متكافئ بادر وزير الدفاع حافظ الأسد إلى إنقلاب ما سماه: «الحركة التصحيحية» ووضع «رفاق الأمس» بعد حركة شباط عام 1966 وقبلها في زنازين المزة وأصبح هو الحزب والدولة وكل شيء في هذا البلد الذي إنتهى إلى هذه النهاية المأساوية التي نراها الآن وتحت شعار :»إلى الأبد يا أسد».
 
ثم والمعروف أيضاً أن مثل مراكز القوى هذه كانت قد ظهرت في مصر بعد الغياب المفاجئ للرئيس المصري الأسبق جمال عبدالناصر في عام 1970 مما كان سيؤدي إلى فوضى مدمرة في هذا البلد العربي الرئيسي لو لم يبادر الرئيس أنور السادات إلى حسم الأمور بسرعة وحيث أثبت، عكس ما كان سائداً، أنه صاحب قرار فعلي وأنه رجل دولة من الطراز الرفيع وأنه أقوى كثيراً مما كان مأخوذاً عنه عندما كان مجرد نائب هامشي لرئيس الجمهورية .
 
وبالطبع فإن مثل مراكز القوى هذه كانت قد ظهرت في الجزائر، وإن لفترة محدودة بعد الغياب المفاجئ أيضاً للرئيس هواري بو مدين، لكن هذا البلد العظيم الذي كان لا يزال يعيش أجواء إنتصار ثورته الباسلة ما لبث أن حسم أموره بسرعة وبادر قادته الأساسيون إلى إختيار قائد الولاية الرابعة الشاذلي بن جديد الذي ما لبث أن أثبت وجوده مع أنه جاء خلفاً، بعد فترة إنتقالية شغلها رابح بيطاط، لـ «عملاقين» هما هواري بومدين وأحمد بن بلة .
 
في كل الأحوال ولأنه ليس بإمكان قاطرة حكم برؤوس عدة كل واحد منها يشد في إتجاه معاكس للرؤوس الأخرى أن تستمر فإن إيران بعد أي غياب مفاجئ للولي الفقيه علي خامنئي ستكون مع موعد الرأس الواحد وربما ستمر بمرحلة إنتقالية صعبة غير مستقرة وستصبح بلا مرشد ثورة وهذا يعني أن سيف التشظي والإنقسام سيكون ليس بعيداً عن عنق هذا البلد الذي يتشكل من حالة «فسيفسائية» نادرة تتمثل في قوميتين رئيسيتين هما القومية الآذارية والقومية الفارسية وذلك إلى الكرد والعرب والبلوش وعدد كبير من القوميات الصغيرة الغائبة في هذه المرحلة غياباً كاملاً .