Tuesday 23rd of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Apr-2019

المفاوضات والعنف في غزة: هل يسيران معا؟

 الغداسرائيل هيوم

 
شموئيل سندلر
 
أحد التساؤلات حول المواجهة المتواصلة بين اسرائيل وحماس هو هل نحن نتقاتل ام نتفاوض؟ يعجب الكثيرون كيف يمكن خوض مفاوضات الى جانب استخدام القوة بين طرفين ليس بينهما أي قاسم مشترك. الا يوجد تناقض بين استخدام العنف وبين المفاوضات السياسية، بين استخدام القوة العسكرية والدبلوماسية؟
الحقائق واضحة. طرفا المواجهة لا يعترفان الواحد بحق الاخر في الوجود، ولهذا فظاهرا لا يجريان مفاوضات. اليوم تجري مفاوضات عبر وساطة مصرية، وفي الماضي نقلت الرسائل من خلال مبعوث الامم المتحدة نيكولاي ملدنوف. والى جانب ذلك تطلق الصواريخ من غزة نحو بلدات غلاف غزة بل وابعد منها، والجيش الاسرائيلي يرد بغارات جوية على منشآت حماس والجهاد الاسلامي. فما المنطق من خوض مفاوضات الى جانب استخدام القوة، وما منطق استعمال العنف وايقاع الضرر وفرض الحصار، الى جانب ضخ الاموال والبضائع؟
سنستعين بمفاهيم من مجال الحكمة الاستراتيجية: التمييز الكلاسيكي بين الحرب والدبلوماسية، والذي كان مقبولا منذ الحروب بين الدول في القرن الـ 19، اهتز في عصرنا. فقد اتاحت المفاوضات الحالية الوصف كـ “دبلوماسية العنف”، وهو التعبير الذي وضعه توماس شلينغ (الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد في العام 2005 بالشراكة مع اسرائيل اومان)، مثابة تطوير التشخيص المعروف لفون كلاوفتس بين المفاوضات الدبلوماسية والحرب التي هي استمرار للسياسة بوسائل اخرى. وقصد شلينغ الحروب المحدودة للولايات المتحدة في كوريا او في فيتنام، ولكن تعريفه ينطبق ايضا على مواجهات محدودة مثل تلك التي تجري في غلاف غزة.
في الفهم الاسرائيلي فان الحاق الهزيمة بحماس ليس هدفا سياسيا. فالقضاء على حماس او طردها من غزة سيؤديان بالضرورة الى نقل الحكم الى ابو مازن او الى اخذ المسؤولية عن ادارة القطاع في يد اسرائيل. الخيار الاول معناه تعزيز فتح وفي اعقابه زيادة الضغط الدولي لدولة فلسطينية من على جانبي اسرائيل. اما الامكانية الثانية فهي ادارة حياة مليونين ونصف فلسطيني من جانب الجيش الاسرائيلي. والنتيجتان تتعارضان والمصلحة الاسرائيلية: حماس على وعي بذلك، ولهذا فهي تتجرأ بقوة اكبر على تحدي القدس. ولما كان جوهرها الاساس هو استمرار الصراع ضد الدولة الصهيونية، فهي لا يمنها أن تتخلى عن المواجهة العنيفة. وعندما تفقد الشرعية في غزة وفي الدول العربية مثل مصر والسعودية، وبالمقابل تضغط عليها المقاطعة في رام الله التي لا تضخ اليها المقدرات، فان حماس تحاول ان تبقى بفضل المواجهة. عندما لا يكون القضاء على حماس هدفا سياسيا، تضطر اسرائيل ايضا لان تقيم معها مواجهة محدودة.
في هذه المواجهة المحدودة يجري حوار دبلوماسي في ظل استخدام العنف، وهذا الحوار العنيف ليس عديم القواعد. رغم نفي الحكومة فقد رأينا عمليا، نارا صاروخية نحو المركز – تل ابيب والشارون – يجري ردود فعل اكثر كثافة بكثير من الرد على النار على بلدات الغلاف. تفهم حماس قواعد اللعب: فهي لم توسع النار الى مركز البلاد كي لا تجبر اسرائيل على الرد بشكل اكثر كثافة. وبالفعل، في قصف سلا الجو لمنشآت عسكرية ومدنية في غزة، عمل الجيش الاسرائيلي بشكل موضعي وامتنع عن اصابات عديدة في الارواح من خلال آلية “نقر السطح”، التي تحذر مسبقا المواطنين من الضربة الجوية للمبنى. كما ان التوافقات على وقف النار هي جزء لا يتجزأ من ذاك التكتيك المتعلق بـ “المفاوضات العنيفة”.
هل يمكن اجراء مفاوضات عنيفة على مدى الزمن؟ في نظرة الى الوراء يمكن القول ان هذه الالية تتواصل عمليا منذ اكثر من عقد، على سيطرة حماس على قطاع غزة في 2007 وحتى اليوم جرت ثلاث حملات واسعة للجيش الاسرائيلي تبنت تعبير “الحرب التي بين الحروب” كي تصف نمط العنف هذا، او “تكتيك قص العشب”. عندما لا يكون ريق للتنمية في المفاوضات السياسية او الخروج الى حرب حاسمة فان البديل الوحيد هو ادارة مفاوضات عنيفة. 
 
*بروفيسور رئيس كلية أمونا – افراتا وباحث في مركز بيغن السادات في جامعة بار ايلان