Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Mar-2017

في محاسن الاصطفاف! - ابراهيم العجلوني
 
الراي - الاصطفاف مريح بأكثر من معنى، وإن له من المحاسن ما يعزّ على الحصر. وأول ذلك انه يَطمئِن بصاحبه على معنى المثل الشعبي الذي يقول: «ضَعْ رأسك بين الرؤوس»، او الحكمة الشائعة بان الموت مع الجماعة رحمة، ناهيك به مستقرا لحيرة المحتار، وفراغا من رهق الاختيار، ان «الإمّعة» لا تكاليف عقلية عنده ولا تقليب لوجوه المسائل او تفكير في عواقبها وما يتولد عنها، فهو في حصن حصين من لياذه بالصف الذي يحتويه، ان احسن عرفاء صفّه احسن، وان اساءوا اساء. قد سقط عنه التكليف، فأخلد الى موضعه ناعما، وجهر بما يُمنى به نفسه من ان «الحجر في مطرحه قنطار»، فكان هو ذلك الحجر الذي لزم موضعه، تمر به الرياح وهو منطوٍ على سكونيته الهادئة، غير محسود ولا منقود، بل مغتبط بما حققه من قول الشاعر:
 
يا ليت شعري لو ان الفتى حجر
 
تمضي الحوادث عنه وهو ملموم
 
فهو «ملموم» في صفه، لا خوف يعتريه ولا قلق يأخذ بُلبّه، ولا فكرة تتشبث بناصيته. وهو في بُلهْنية من عيشه الرضيّ الرخيّ، وفي ظل مديد من عمره السعيد. يرتفع في اصطفافه بسلام، ويرى انه اجدر الانام، لما حققه من ثبات المقام، بالاحترام.
 
***
 
مقتضى ما تقدم ان شقاء الخارجين عن الصفوف مؤكد، وانهم سيكابدون ألواناً من العنت وسيُحرمون دفء الاضواء وسعادة الاحتذاء.
 
على ان في اهل النظر من يعتقد بان هؤلاء «الاشقياء» هم القادرون على ان يتبينوا للصفوف اهدافها وان يكونوا في مدلهم الخطوب، الى النجاة، روّادها.. وان خروجهم من جمهرة المصطفين ضرورة حيوية لا تدرك قيمتها العقول المصفّدة والضمائر المغلقة المزدحمة في الحشود، ولكنها هي وحدها معقد الرجاء ومناط الامل في نفخ الحياة في الأُمم، ولا سيما تلك التي كَثُرَ فيها الوَزَعة والعُرفاءُ وتخالفت الصفوف، وأصبح أمرها في جُملَتِهِ فُرُطا.
 
***
 
يَظّلُ ان نقول إنّ الخارجين عن الصفوف، ايديولوجية وغير ايديولوجية هم الذين حققوا منعطفات جوهرية في الفكر الانساني، وان المستنيين المتثائبين في الصفوف لم يحركوا ساكناً في شيء من ذلك. ذلك انهم سعداء «ملمومون» وهيهات لسعيد ملموم ان يستشعر حاجة الى غير اجترار سعادته البلهاء صباح مساء.