Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-Jul-2018

حيتان التعليم العالي - ا.د. كمال الربضي

الراي -  منح مجلس التعليم العالي تراخيص مبدئية لإنشاء جامعات طبية خاصة، والتي سعى إليها اصحاب رؤوس الأموال منذ زمن طويل اعتقد أن هذه التراخيص بداية النهاية لسمعه الطب في الاردن، التي بنته الجامعات الأردنية منذ سنوات طويلة، من خلال كادرها العلمي المميز، ومن خلال الطلبة النخبة الذين يتم قبولهم في هذه الكليات، وإنني اعتبر هذا القرار فرصة جديدة ونافذة مفتوحة على مصراعيها أمام حيتان التعليم العالي ليغوصوا في هذا الحقل المهم الذي من الواجب ان تكون أبعاده إنسانية خالصة وليست مالية كما يتصور هؤلاء.

وكأن ضبط الموضوع لايتم إلاّ من خلال الابتعاث وما أسهله أمامهم، وعقد شراكات مع جامعات عالمية آخرى التي ربما يكون هذا الشرط أسهل من سابقة، إضافة إلى بعض التعهدات التي من السهل تحقيقها، وتعتقد وزارة التعليم العالي والبحث العلمي"واالله أعلم" أن هذه الشروط تعجيزية وربما تكون عائقاَ أمام حيتان التعليم العالي وتمنعهم من الاستمرارية بتهيئة كل الظروف المناسبة للوصول إلى ما تريده هذه الوزارة.
هذا التخصص، الطب"كما هو معروف لدينا لا يدخله الاّ أعلى المعدلات في الثانوية العامة"التوجيهي" النخبة فهي فئة مبدعه أصلاًويحق لها الدخول في الكليات الطبية، وحقيقة أن جامعاتنا تعطي هذه الكليات أهمية بالغة من حيث توفير وتهيئة الكادر العلمي المميز وانفقت مالاً كثيراً عليها من خلال الابتعاث والمشاركة في المؤتمرات العلمية داخل البلاد وخارجها، وحضور الدورات والندوات الطبية والتعرف على كل ما هو جديد في العلوم الطبية، إضافة لتوفير احدث المستلزمات الطبية ذات التقنية العالية والحديثة، دون أن تفكر بالربح المالي، فهي جامعات اصلاً غير ربحيه ما تجمعه من مال تنفقه على الجامعة ذاتها وعلى المستشفى التابع لها، وهمها الأساس هو معالجة المرضى وتخريج افواج متلاحقه من الاطباء ذوي السمعة الطبية وليس جمع المال وتوزيعه على الشركاء (الحيتان).
اقولها صراحة ان فتح كليات طبية في الجامعات الخاصة ستؤدي بكل تأكيد الى تراجع سمعة الطب في الاردن الذي تجاوز سمعته حدود الوطن والاقليم لبلاد الغرب والشرق، ونرى ونسمع يومياً من اصحاب الامراض المستعصية يذهبون للعلاج في الخارج وتحديداً الى المستشفيات الاميركية، فيقولون لهم الاطباء عودوا الى الاردن لأن علاجك موجود في بلادك ان لم يكن أحسن.
أعتقد جازماً أن همْ الكليات الطبية الخاصة هدف واحد لا ثاني له هو جمع المال وليس حل لمشكلة قائمة يعاني منها الاردن لا بل ستكون عبئاً جديداً عليه وان وجود هذه الكليات الطبية الخاصة ستفرغ الكليات الطبية الحكومية عن كادرها بعد إغرائهم بالمال والجاه، وهذا الذي يعتمد عليه ما أسميناه بـ حيتان التعليم العالي لما يملكونه من إمكانات وقدرات مالية تؤهلهم لدفع ما يُطلب منهم بلاتردد، والذي ما نخشاه ان تُختطف كليات الطلب في الجامعات الأردنية وانجازاتها العظيمة من قبل أصحاب رؤوس الأموال، التي لا يعنيهم شيئاً إلاّ جمعها وتكديسها.
لدينا الآن ست كليات طبية في جامعاتنا الرسمية اعتقد أنها كافية لسد حاجة المجتمع وأكثر لابل هناك فائض في عدد الاطباء العاطلين عن العمل كما يقول نقيب الاطباء وهذا ما نشاهده امامنا يومياً.
قبل ان تفتح كليات الطب أبوابها أمام الموازي والبرنامج الدولي وغيرها كانت الكليات الطبية لا تقبل إلاّ 60-70 طالباً سنوياً، الآن كل كلية يصل حجم القبول فيها 200-300 طالب وأكثر، وهذا مصدر مالي للجامعات لابأس به في ظل الظروف الاقتصادية المرهقة التي تعاني منها الجامعات، هذا الباب باعتقادي مع وجود كليات طبية خاصة سَتُحْرَم منه الجامعات الرسمية، لأن الدراسة هناك كما هو معروف لدينا ستكون أسهل بكثير من الدراسة في الجامعات الرسمية مما يؤدي الى توجه الطلبة لتلك الجامعات وهذا ما نلاحظه يومياً عند بعض الطلبة الذين ينتقلون لجامعات خاصة لسهولة التدريس فيها كما يقولون لنا، ونحن نعرف أن الطالب يبحث دائماً عن الطريق الذي يوصله للنجاح بأسهل الوسائل وأبسطها، ونحن نعرف هذا جيداً كوننا نعيش في عمق الحياة الجامعية ونعرف المخفي والمكشوف فيها.
إذا كان الامر لابدّ منه يا وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، لماذا لا تفتح كلية طب في جامعة الحسين في معان أو جامعة الطفيلة؟ وخاصة أن أهلنا في الجنوب بأشد الحاجه الى كلية الطب ومستشفى خاص بها، ونكون بذلك قد فتحنا باباً جديداً موثوقاً به لطلابنا النخبة وخففنا من حدة المراجعين للمراكز الصحية والمستشفيات هناك.
وخلاصة القول إن البقاء على الحالة التي نحن عليها أفضل بكثير مما أقرته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وخاصة أن الكليات الطبية في جامعاتنا تمتلك كادراً علمياً مميزاً وتقنيات طبية حديثه تؤهلها لبقاء سمعه البلاد الطبية قائمة أمام محيطنا العربي والاقليمي.