Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Oct-2017

‘‘الموهبة والعبقرية: اختراع لا اكتشاف‘‘ - حسني عايش

 

عمان- الغد- تنشر "الغد" اعتبارا من عدد اليوم سلسلة مقالات مهمة للكاتب والتربوي حسني عايش بعنوان "الموهبة والعبقرية: اختراع لا اكتشاف"، تتضمن 11 مقالا، تشكل بمجملها دراسة قيمة لهذه القضية التربوية المهمة.
 
إلى الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات: كيف تجعلون أطفالكم موهوبين وعباقرة؟ لماذا لا يوجد بيننا أو منا موسيقيٌ عالميٌ؟ أو لاعب كرة قدم أو سلة أو تنس عالمي؟ لماذا لا نحصل على الذهب في الأولمبياد؟ لماذا لا نحصل على جوائز نوبل في العلوم والآداب؟ لماذا لا نجد بيننا أو منا مخترعاً أو مكتشفاً طبقت شهرته الآفاق؟ 
وبعبارة أخرى لماذا شعوب هذه الأمة مفلسة أو متحجرة؟ هل تفوّقها في الإرهاب سيعجّل بتفوقها في العلوم والآداب والفنون؟ هل لهذا الوضع علاقة بالجينات؟ 
في هذه الحلقة والحلقات القادمة سوف أبين أن لدينا كل الإمكانيات لنتفوق (ولماذا لا نستطيع؟) معتمداً على أحدث الأبحاث في موضوع الذكاء والعبقرية والموهبة والإنجاز التي تؤكد أن الموهبة أو العبقرية تُكوّن وتصنع، وأن البيئة بنظامها التربوي والتعليمي والنظام العام هي التي تطلقهما أو تعطل انطلاقتهما. 
سوف أقوم بكتابة بضع حلقات حول هذا الموضوع، وهذا أولها مستعيناً بأحدث الكتب ذات العلاقة، وعلى رأسها كتاب "New Insights into genetics , Talents and IQ"  لمؤلفه ديفيد شنيك، وكتاب "I Q: A Smart History of a failed Idea " لمؤلفه ستيفن ميروزم، وكتاب "Immunity to Change  " لمؤلفيه روبرت كيجن وليزا لاهي، وكتاب "The Talent Code: Greatness Isn't Born. It's Grown. Here's How " لمؤلفه دانيال كويل وغيرها.
يؤكد علماء الجينات المعاصرون أنه بعكس ما تعلمنا وعلمنا أن جينات المرء تقرر شكل مستقبله، لا تقرر الجينات وحدها أو بمفردها هذا المستقبل، وأن تفاعلها الديناميكي مع البيئة وهي عملية حيوية مستمرة منذ الحمل إلى اللحد، هي التي تحدد في النهاية سمات المرء. 
وبعبارة أخرى وكما يقول مايكل ميني - أستاذ الجينات في جامعة ماكجيل الكندية- لا توجد عوامل جينية يمكن دراساتها بمعزل عن البيئة. كما لا توجد عوامل بيئية تعمل مستقلة عن الجينات وأن ميزة أو خصلة فردية تبرز من خلال التفاعل بين الجين والبيئة. ويتم التعبير عن هذا التفاعل أو ترجمته بمعادلة:
 الجين × البيئة GXE (ج × ب) المختلف تماماً عن النموذج الخامل المعبر عنه بمعادلة E + G (ج + ب).
يبدأ النموذج الجديد (GXE) بالتفاعل مع البيئة ويستمر به طيلة الحياة، ولا أساس جيني لأي مستقبل بدون دخول البيئة عليه، فالجينات تعبر عن نفسها طبقاً لبيئاتها بدءا من الحمل وحتى الموت. 
نعم، تظل الظروف الجينية في النموذج الجديد مهمة جدا، ولكن الجينات وحدها لا تقرر من نحن، وإلا كنا متماثلين تقريباً. ويبدأ كل جين من الآف الجينات الموجودة في الـ(DNA) عملية يحول بها الحامض الأميني إلى بروتينات وهي جزيئيات متخصصة تساعد في صنع الخلايا ونقل العناصر الحيوية، وإنتاج التفاعلات الكيماوية. والبروتينات أنماط مختلفة ومهمتها بناء المداميك اللازمة لبناء كل شيء في الجسم وعليه فكل إنسان هو خلاصة أو محصلة بروتيناته. 
ويفسر لنا هذا كيف أن كل خلية في الدماغ وكل خلية في الشعر، وكل خلية في القلب.. تحتوي على كل الـ(DNA) الذي لديك ولكنها مع ذلك تؤدي وظائف متخصصة جداً من التنوع الجيني الذي يسير في طريق طويل جداً تجعل البشر مختلفين الواحد منهم عن الآخر، ليس بسبب الفروق الجينية القليلة نسبياً بيننا فقط، بل أيضاً لتأثير كل لحظة من حياتنا في تعبيرنا الجيني.