Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Jul-2020

تشابك العلاقة بين أحكام قانون الدفاع وإجراء الانتخابات النيابية* د. عبدالكريم محسن ابو دلو

 الدستور

يبدو أن الدولة الأردنية تتجه نحو الخيار الدستوري الأصيل فيما يتعلق بالالتزام بالعمر الطبيعي لمجلس النواب، مع ما يترتب عليه من إجراء الانتخابات النيابية بموعدها القانوني. كما يبدو أيضا أن هذه الانتخابات، إن أجريت ستتم في ظل أحكام قانون الدفاع، ذلك أن المؤشرات الوبائية العالمية تدل على استمرارية جائحة كورونا، فمن المتوقع ازدياد تفاعلاتها بموسم الشتاء القادم، مما ينبئ باستمرارية الظروف الطارئة. وإن إجراء الانتخابات النيابية في ظل أحكام قانون الدفاع، يعد وضعا استثنائيا، مما يعني أننا سنشهد انتخابات مختلفة عمّا سبقتها. 
 
ويتدلّى أثر قانون الدفاع على إجراء تلك الانتخابات في ضوء جملة من الحقائق القانونية، حيث تتشابك العلاقة القانونية معقّدةً بين أحكام قانون الدفاع والأحكام الدستورية والقانونية المنظّمة للعملية الانتخابية وفق التقديرات الآتية:
 
أولا: من المستقر قانونا، عدم تأثر أحكام الدستور بإعمال قانون الدفاع، إذ أن مجال قدرة هذا القانون تتمحور في وقف العمل بقوانين الدولة العادية لتأمين الدفاع عن الوطن. وبالتالي عدم تأثر الأحكام الدستورية المنظّمة لإجراء الانتخابات النيابية بقانون الدفاع، مثل شروط الترشح وإعلان النتائج والطعون بصحة النتائج وحل مجلس النواب وعمره الدستوري والمواعيد القانونية لإجراء الانتخاب.
 
ثانيا: وفقا لأحكام المادة 124 من الدستور والمادة 3 من قانون الدفاع، يمكن لرئيس الوزراء إعلان وقف العمل بأي حكم من أحكام قانون الانتخاب لمجلس النواب رقم 6 لسنة 2016، بشرط أن يكون هذا الإجراء ضروريا لتأمين الدفاع عن المملكة لمجابهة وباء كورونا وحماية السلامة العامة في جميع أنحاء المملكة، على أن يقيّد ذلك بــ :
 
القيد الأول: ألا يطال ذلك الوقف أحكام قانون الانتخاب لمجلس النواب التي تكرّس المبادئ المتضمنة صلب الماد 67/أ من الدستور التي حدّدت (أولا) طريقة تأليف مجلس النواب من أعضاء منتخبين انتخابا عاما سريا ومباشرا. و(ثانيا) المبادئ التي يجب أن يكفلها قانون الانتخاب وهي: أ- حق المرشحين بمراقبة الأعمال الانتخابية. ب- عقاب العابثين بإرادة الناخبين. ج- سلامة العملية الانتخابية بمراحلها كافة. وبالتالي لا يجوز إصدار أي أمر دفاع يغيّر من هذه الطريقة الدستورية بإجراء انتخابات غير عامة أو بطريقة من شأنها الاخلال بسريتها أو أن تكون غير مباشرة، أو إصدار أي أمـر دفاع من شأنه المساس بالمبادئ الدستورية التي يكفلها قانون الانتخاب، الذي يتضمّن الأحكام المفصّلة لها.
 
القيد الثاني: إدارة الانتخابات النيابية من قبل الهيئة المستقلة للانتخاب وفقا لقانون هذه الهيئة، صونا لأحكام المادة 67/ب من الدستور. ويعني ذلك أنه لا يمكن إصدار أي أمر دفاع من شأنه التدخل بإدارة الانتخابات النيابية أو أن يغلّ من سلطة الهيئة المستقلة للانتخاب بمباشرة اختصاصاتها الدستورية والقانونية بإدارة تلك الانتخابات، فمثلا يعتبر من أوجه إدارة الانتخابات النيابية إقرار الجدول الزمني لتنفيذ العملية الانتخابية وفق المادة 12/ج من قانون الهيئة المستقلة للانتخاب، وبمقتضاه لا يمكن إصدار أمر دفاع يتعلق بالجداول الزمنية للعملية الانتخابية، إذ أن هذه المهمة محصورة دستوريا للهيئة المستقلة للانتخاب كونها من عمليات الإدارة الانتخابية.
 
 وتماشيا مع ذلك، وتحسبا لإجراء الانتخابات النيابية في ظل جائحة كورونا، أصدرت الهيئة المستقلة للانتخاب تعليمات رقم 2 لسنة 2020 المعدّلة للتعليمات التنفيذية الخاصة بقواعد حملات الدعاية الانتخابية رقم 7 لسنة 2016، التي نصّت على بعض الإجراءات التي يجب أن يلتزم المرشحون بها عند فتح المقرات الانتخابية الخاصة بهم بهدف الحفاظ على الصحة والسلامة العامة.
 
بذلك، فإن إجراء الانتخابات النيابية لا يتعارض مع أحكام قانون الدفاع، ولا يؤثر أحكام هذا القانون على سريان الأحكام الدستورية المتعلقة بحل مجلس النواب وإجراء الانتخابات النيابية. ولكن تكون سلطة رئيس الوزراء بإصدار أوامر الدفاع مقيّدة بعدم المساس بالأحكام الدستورية المنظّمة للعملية الانتخابية ولسطات الهيئة المستقلة للانتخاب بإدارة هذه العملية، وتبقى أوامر الدفاع التي صدرت بمقتضى قانون الدفاع بهدف مجابهة وباء كورونا، مثل أمر الدفاع رقم 11 لسنة 2020 المتعلق باستخدام الكمامات والقفازات ومسافات التباعد، نافذة المفعول في فترات الإعداد وإجراء الانتخابات النيابية. 
 
كما يمكن إصدار أي أمر دفاع بشكل يدعّم المحافظة على الصحة والسلامة العامة في هذه الفترة الاستثنائية المتعلقة انتشار وباء كورونا، وفي الفترة الأكثر تعقيدا أثناء إجراء الانتخابات النيابية بما لا يتعارض مع احكام الدستور المشار إليها. فمثلا يمكن أن يصدر أمر دفاع يوقف العمل بأحكام المادة 22/أ/5 من قانون الانتخاب الذي ينص بأنه (يحظر إقامة المهرجانات والتجمعات على مسافة تقل عن مائتي متر من مراكز الاقتراع والفرز)، بأن ينص أمر الدفاع على حظر إقامة المهرجانات والتجمعات الانتخابية بالمطلق.