Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Nov-2018

هزيمة النهايات الخاسرة.. - محمد كعوش

 الراي - في صباح هذه المرحلة الجديدة تبدد الالتباس ، واصبح المشهد أكثر وضوحا بالنسبة لجيلنا نحن الذين عشنا بين حربين، منذ الحرب التي رويناها، والاخرى التي رأيناها تتجدد باستمرار في مربعات زمن الصراع العربي الصهيوني. اليوم، يقولون لنا إن اللعبة شارفت على الانتهاء، وان اسمنا وجرحنا وقضيتنا وكل آمالنا واحلامنا سقطت من كتب التاريخ والجغرافيا، ومن بين سطور الاسطورة، واصبح مقعدنا شاغرا للقادمين من رحم الخرافة والبندقية والتوراة، بعدما اصبح الدم نفطا بأمر من سيد العالم الجديد، الذي حوّل عالمنا الى مكان غير آمن أو مستقر.

هذا العالم الذي اصبح ميدانا واسعا للرأسمالية المتوحشة، نراه خاليا من العدالة والقيم الأخلاقية والانسانية، وأن كل شيء يخضع للمساومة وبأي ثمن خدمة لمصالح الأقوى. في وسط هذا التكوين الطافح بالدم والفوضى يقولون لنا: انتهت اللعبة اتركوا مكانكم للعبرانيين العابرين».
ولكن كيف ينسى الذين عاشوا بين الحربين، أو وسط سلسلة من الحروب التهجيرية المتواصلة، التي ما انتهت حتى هذه الساعة. كيف انسى بيتنا في القرية الجليلية المنحوتة بيوتها من صخر أعلى جبل في فلسطين، وتركناها في حالة انتظار العائدين، قرية وادعة مهجورة تقضي لياليها تعد النجوم في حفلة سمر طويلة مع قمرها الذي يضيء لها الطريق، تهمس لمدينة صفد القريبة حكايات الشوق والحنين بلا نهاية حتى مطلع الشمس.
لذلك لا اعتقد أن احدا، رغم التواطؤ الاقليمي والدولي، يستطيع أن يخرج هذا الشعب الصابر الصامد، الموزع ما بين الحربين من دياره، أو يخرجه من التاريخ والجغرافيا الى التيه مرة اخرى. لا يهمنا الحديث عن اوسلو أو عن الانقسام والمصالحة، التي تشبه حكاية «ابريق الزيت» التي اصبحت مسخرة، بل نتحدث عن اصرار وصمود وثبات الشعب الفلسطيني، الذي هتف بالحق ونزف الدم، المتخندق داخل حدود وطنه التاريخي من الناقورة حتى رفح، ومن النهر الى البحر، لأن من يطلب القليل يرضى بلا شيء، كما هو الحال اليوم.
صحيح أن اللغة لم تعد واحدة، والمصير العربي مبعثر، رغم ضجيج الفجر الذي اقترب.
رغم كل ذلك نؤكد أن الشعب الفلسطيني لن يضل طريق العودة، ولن يهزمه النسيان، لأن الصمود هو البقاء الذي يعيدنا الى البداية وأول الوجود، في وقت اعتقدوا فيه أن القضية وصلت الى نهاياتها التصفوية عبر التواطؤ وفعل ونفوذ الأقوى، لذلك ارى نتنياهو متحمسا بوعد من الآخر، هو اليوم يتحرك في كل الجهات، دون أن يعلم أن طريقه لن توصله الى أي هدف غير الخيبة.
يجب أن يعرف نتنياهو، وكل الجهلة الذين قفزوا الى النهايات دون أن يعرفوا الفكر السياسي الصهيوني على حقيقته، أن لا الاستيطان ولا التهويد ولا السلاح يحقق للمجتمع الاسرائيلي الأمن والاستقرار، لأن المأزق الصهيوني الوجودي يقبع هنا داخل حدود فلسطين التاريخية، حيث لا حل ولا سلام ولا أمن واستقرار الا بتحقيق الحل العادل.