Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-May-2018

هذا ليس وقت حزن اليسار - عوزي برعام

 

هآرتس
 
الغد- كل عملية نهوض تحتاج إلى اعتراف بالحقائق الجديدة، التي يقتضيها تغير الواقع، ورفض افتراضات انتهى سريانها. مثال على ذلك الافتراض الاساسي الذي يقول إن عملية سلام بيننا وبين الفلسطينيين ليست فقط وسيلة لحل أزمة سياسية، بل هي أيضا مكون ضروري لخلق نمو اقتصادي. يجب أن لا أنكر أنني أنا أيضا، اثناء فترة ولايتي في حكومة رابين الثانية، أسست الحملة لتشجيع السياحة على عملية السلام التي كانت متسارعة في ذلك الوقت.
قوة العملية، التي أشعلت خيال الناس في كل العالم، ظهرت في حينه مثل مكون كاسر للتوازن. سياح كثيرون جاءوا إلى إسرائيل ليس فقط بسبب شظايا الماضي وكونها مهد الديانات التوحيدية، بل أيضا بسبب التطلع إلى المستقبل، الذي سيسود فيه في البلاد القديمة العدل والازدهار للجميع.
ولكن حكومة نتنياهو اثبتت للإسرائيليين وكذلك للعالم في الخارج، بأن نمو اقتصادي مستقر وآمن يمكن تحقيقه أيضا في غياب عملية سلام. وحتى بكون غزة واقعة تحت الحصار والسلطة الفلسطينية تناضل من اجل مكانتها في العالم. ليس هناك شك أن نمو كهذا لم يكن بالإمكان تحقيقه في أيام عملية اوسلو. لقد تحقق حتى أيضا بفضل حصانة السوق الإسرائيلية، ولكن أيضا بسبب تغييرات بنيوية حدثت في العالم وبسبب أن بريق الرواية الفلسطينية قد خفت. فقط قبل عشرين سنة تقريبا كان هناك اشتراكية دولية قوية وحركات قوية للشباب الذين روجوا للقضية الفلسطينية. كل ذلك ضعف لأن الواقع العالمي تغير.
التحرك السياسي البطيء، لكن أحادي الجانب، يمكن الشعور به في أميركا اللاتينية، معقل الراديكالية والسعي إلى تغيير اجتماعي واقتصادي. هناك بدأ منحى الاقتراب من الدولة العظمى المكروهة جدا في القارة – الولايات المتحدة الأميركية. في اوروبا أيضا بسبب علل العولمة وأيضا بسبب موجات المهاجرين الذين يهددون بتغيير طابعها – بدأت عملية بطيئة لكنها واضحة من التوجه نحو اليمين وتقوي القومية، الذي معناه الدعوة إلى الانفصال وعدم الاستعداد لاستيعاب موجات مهاجرين، الذين يثيرون معارضة كبيرة في اوساط السكان. إسرائيل تستفيد من هذه العملية لأن مجتمعات وانظمة قومية – انفصالية تفضل ما يعتبرونه "قوة وعظمة" على روايات قائمة على نضالات للتحرير.
في حين أنه في الولايات المتحدة ظهر دونالد ترامب كروح محمومة، يبدو أنه ليس لديه اتجاه واتساق، لكن يتم تحريكه من قبل توق عميق لتصفية ما كان قبله. الأمر يتعلق بطموح نرجسي، يقف في تناقض مع وسائل ادارة الازمات التي عرفناها.
إسرائيل وجدت نفسها في وسط تصدع تكتوني، استهدف تبديد ومحو ارث أوباما، وخرجت رابحة. صحيح، ليس من الواضح اطلاقا فيما اذا كانت هذه التغييرات تناسب المصلحة الإسرائيلية الحقيقية، ولكن هذا لا يؤثر بشيء بالنسبة لمدى الرضى من تصرف الحكومة.
كل هذه التغيرات تقتضي من معارضي الحكومة تجنيد طول نفس وقدرة صمود وتخطيط للمدى البعيد، من اجل النضال ضد الرواية الجديدة، القائمة على البلطجة والرفض. صحيح أنه ينقص المعارضة زعماء يمكنهم القيام بثورة بفضل مكانتهم الجماهيرية. المعارضة لم تقرر بعد إذا كان يجب عليها خلق بديل محدد أو صيغ ضبابية لتحركات الحكومة.
ولكن في اوساط الجمهور هناك ما زال كثيرون يريدون أن يروا تحركات اقتصادية وسياسية في غزة – ليس فقط عسكرية – تؤدي إلى التهدئة والبحث عن حل بعيد المدى. على المعارضة أن تهب ضد تطلعات التوسع الجغرافي في الضفة الغربية والاشارة إلى خطورتها. عليها أن توظف قوتها في الجهود لتجنيد قوة جماهيرية كبيرة تهب ضد الخنق البطيء للديمقراطية الذي ينفذ بواسطة عمليات تشريعية خطيرة. ليس هذا هو الوقت للغرق في "حزن اليسار"، هذا هو الوقت لاستيعاب الواقع الجديد واتخاذ خطوات حقيقية من اجل تغييره.