Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Jul-2018

زلزال الفساد - احمد ذيبان

الراي -  انفرطت مسبحة الفساد بسرعة، كمن يلقي حجرا بمستنقع مائي، يتسبب بحدوث تموّجات على شكل دوائر ممتدّة، تبدأ من مركز إسقاط الحجر، وتكبُر وتمتد لتُصبح حلقات أوسع وأوسع، والحجر هنا تعبير مجازي يتمثل بكشف النائب الدكتورمصلح الطراونة، "فضيحة الدخان" في كلمته خلال مناقشات"النواب"لبيان الثقة بحكومة الدكتور عمر الرزاز!

لكن الخشية هنا تلاشي عملية ملاحقة الفاسدين، كما تختفي وتتلاشى موجات إلقاء الحجرفي الماء، مقارنة مع تجارب ذات علاقة خلال السنوات الماضية !
توالت المعلومات عن فضائح الفساد بعد ذلك، بالكشف عن كنز من التفاصيل حول خفايا الفضيحة، من خلال مداهمة الأجهزة الامنية ودائرة الجمارك، مصانع مواقع ومزارع وضبط معدات ومعطيات مادية، تستخدم في تصنيع وانتاج الدخان الفاسد، وعن تورط عشرات الاسماء ذات نفوذ في مواقع ومسميات مختلفة، تم نشر أسماء بعضهم والقبض على بضعة أشخاص ، ووجود آخرين خارج البلاد، بضمنهم"بطل"الفضيحة واختفاء عدد آخر !
ويمكن الاشارة في هذا الصدد على سبيل المثال لا الحصر، لمعصرة زيتون تم العثور فيها على 4 ماكينات طباعة وماكنة لقص الورق، وكميات من الورق المقوى و“كلاشيهات“طباعة لإحدى ماركات السجائرالمعروفة، كما تمت مداهمة ”هنجر“داخل إحدى المزارع، عُثر بداخله على خط انتاج كامل ومجهز لإنتاج السجائر. وتم القبض على ثلاثة من المشتبه بهم، بالاتجار وحيازة المواد المخدرة ،وضبطت بحوزتهم أسلحة نارية وكمية كبيرة من تلك المواد ،في إحدى مناطق البادية الشمالية.
وتم مداهمة مزرعة بجنوب عمان، ضبط بداخلها كميات من الدخان المجفف الخشن المفروم ،ومضافات كيمائية أخرى كـ”الاصنصات“والنكهات وماكينات وآلات مختلفة، وما يقارب 21 طنا من حليب البودرة المخصص للأطفال الرضع منتهي الصلاحية !.وربما يكون القادم أخطر !
شخصان.. الأردنيون مدينون لهما بالشكر والعرفان، أولهما النائب الدكتور مصلح الطراونة، الذي كشف فضيحة "قضية الدخان"، وهي فضيحة يمكن تشبيهها بهزة تعادل " 4" درجات على مقياس ريختر !
والغريب في قضية الدخان أنها كانت معروفة لأجهزة الدولة، وكان يتم"الطبطبة "عليها لكون"بطلها"، يمتلك شبكة علاقات واسعة مع شخصيات عامة ومتنفذين،وثمة كتب رسمية تم تسريبها بعد الكشف عن الفضيحة،تتعلق بعمليات
تصنيع وانتاج الدخان، وإدخال مصانع بطرق غير قانونية، وتهرب ضريبي يناهز"150"مليون دينار، بعلم وأمام نظر الحكومة السابقة! لكن من حسنات"الهزات الارضية "،أنها تكشف الغش في العمران وتفضح المقاولين الفاسدين!
النائب الطراونة قدم نموذجا،على الأداء البرلماني الرصين، والرقابة الحقيقية المعتمدة على معلومات وحقائق، وحرص على المصلحة العامة.
والشخص الآخر الواجب تقديم الشكر له،هو "مارك زوكربيرج"،مؤسس شركة "الفيسبوك"، التي أتاحت للأردنيين فرصة ثمينة ،للتواصل وتبادل المعلومات والصور والوثائق المتعلقة بالفضيحة، وهو ما وضع السلطة التنفيذية وأجهزتها في وضع حرج، وأجبرها على كشف تفاصيل القضية،المتعلقة بكيفية تهريب مكونات المصانع، وبلارسوم جمركية والصمت على عملية انتاج الدخان الفاسد، وممارسة الغش وتزويرالماركات لفترة طويلة، دون حسيب أو رقيب! ولو تم التعاطي إعلاميا على طريقة الاعلام الرسمي التقليدية،لربما تم " لفلفة"القضية، وإرهاب كل من يتحدث عنها وتهديده بالقضاء ومطالبته بتقديم أدلة! لكن وجود "الفيسبوك" والصحافة الالكترونية،أتاحت متنفسا غير مسبوق للتعبير والتعليق والنقد، وممارسة الضغط الشعبي على الحكومة للتحرك !
وهناك العديد من ملفات الفساد المتراكمة، بعضها أشبع نقاشا دون معالجة،مثل ملف"الفوسفات" و"سكن كريم" و"الكازينو"، وبعضها الاخر منسي لم يحظ باهتمام، يتعلق بتبخرأموال صغار المساهمين في شركات مساهمة عامة بسبب فساد الادارات وتلاعبها وخسارتها عشرات الملايين من الدنانير، في ظل غياب دائرة مراقبة الشركات! وقبل عدة أشهر انشغل الرأي العام بما سمي بقضية "البليط"،التي أثارت اهتمام وسائل الاعلام والبرلمان الاردني !
حكومة الدكتور الرزاز أمام اختبار صعب، حيث انفجرت "قضية الدخان"بوجهها في بداية توليها مسؤولياتها،وبظني أن الفساد في الاردن أصبح أقرب الى "مؤسسة اخطبوطية"، تتطلب مكافحتها إرادة فولاذية، ربما تشبه"العملية الانتحارية" !
إن تطهير البلد من منظومة الفساد والفاسدين،أصبح مطلبا شعبيا ملحا، وهو الطريق الوحيد لإنقاذ البلد، من الطريق المجهول والنفق المظلم ،المتمثل بأزمات اقتصادية واجتماعية، وبطالة وفقر وغلاء معيشة ومديونية وعجز هائل، وهو السبيل الوحيد لاستعادة الثقة، بين الشعب ومؤسسات الدولة،التي انهارت خلال السنوات الماضة بسبب تفشي الفساد بمختلف أشكاله.. وعدم الجدية في مكافحته والامر لا يقتصر على الوضع الداخلي وردود الفعل الشعبية الغاضبة وانتشار حالة الاحباط، بل أن سمعة البلد الخارجية في خطر، وخاصة"أن الحكومة تقترض لدفع الرواتب"، كما قال نائب رئيس الوزراء مؤخرا !
Theban100@gmail.com