Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Jan-2019

الضلال والشقاء قرین الإعراض عن دعوة الأنبیاء - أسامة شحادة
الغد- قال سبحانھ وتعالى: ”ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت“ (النحل: 36 (فعبر تاریخ البشر -على اختلاف أزمانھم وأعراقھم وألسنتھم- كان الثابت الوحید ھو مركزیة عقیدة التوحید التي جاء بھا جمیع الرسل والأنبیاء لجمیع الأمم، وجعل سبحانھ قبول عقیدة التوحید المعیار والمیزان ”فمن اتبع ھداي فلا یضل ولا یشقى“ (طھ: 123 (فكلما التزمت البشریة بعقیدة التوحید صلح حالھا وسعدت أیامھا، وكلما أعرضت عن عقیدة التوحید غرقت في بحار الجھل وتاھت في صحراء الشقاء.
وعقیدة التوحید منظومة متكاملة، معرفیا ودینیا وعملیا، تجمع كل متطلبات البشریة الروحیة والمادیة في انسجام وتكامل، وقد أنتجت عقیدة التوحید مرات عدیدة في التاریخ البشري دولا وممالك عظیمة جمعت بین الحق والعدل والقوة والغنى والسعادة، وكانت حضارة الإسلام ھي النموذج الأخیر الذي لم تبلغھ أي حضارة لاحقة وللیوم.
وبرغم ضعف المسلمین الیوم، وظھور قوى أخرى تعرض عن عقیدة التوحید إلا أنھا لم تستطع أن تثبت جدارتھا وصلاحیتھا، ولا تزال كلما تقدمت في مجال یكشف ھذا المجال عن ضعفھ وخللھ وتناقضھ مع الفطرة الإنسانیة والسنن الربانیة الكونیة، بما یؤكد حاجة البشریة لالتزام عقیدة التوحید حتى تنجو من ضلالھا وشقائھا، وھذا یلقي بتبعیة عظیمة على أمة الإسلام في حمل عقیدة التوحید على محمل الجد لتصلح أحوالھا أولا ومن ثم تنقذ البشریة المعذبة، وھذا سیكون لھ حدیث خاص في مقال لاحق.
وللیوم فإن إعراض كثیر من البشر عن عقیدة التوحید یغرقھم في بحار الضلال والجھل، ولذلك تجد انتشار الإلحاد بینھم برغم أنھ یناقض أبسط القواعد العلمیة التي تؤكد أن العدم والفوض والصدفة لا تنتج نظاما وتعقیدا أو حتى تركیبا بسیطا، فكیف بكون عظیم في غایة النظام والتعقید؟
وبرغم التوسع العلمي في المادیات تجد عباقرة نالوا جوائز عالمیة مرموقة كجائزة نوبل مثلا ثم یعبد حیوانا! أو إنسانا! أو جمادا! في ضلالة وجھالة لا یمكن أن تجد لھا مثیلا.
وبرغم تفشي الثقافة -زعموا- وانفجار ثورة المعلومات وتبشیر آلفین توفلر للعالم بأنھ على أعتاب موجة ثالثة من طبیعة المجتمعات فإن أبجدیات ومثالیات ما یدعوننا إلیھ لیس لھ معنى محدد متفق علیھ! فلا یوجد تعریف متفق علیھ للثقافة! ولا للدیمقراطیة! ولا للیبرالیة! وھي التي یصدعون رؤوسنا بھا صباح مساء بكونھا ”نھایة التاریخ“!
وحتى بین المسلمین، فحین اختل مفھوم عقیدة التوحید لدى بعض الفرق والطوائف رأینا مظاھر شركیة تنتشر بینھم، فعادت عبادة القبور والطواف بھا وجعلھا قبلة في الصلاة والدعاء، فضلا عن السجود لھا، وأعرض ھؤلاء عن الأخذ بالأسباب الشرعیة والدنیویة، فبدلا من إعداد العدة لحمایة الأوطان من المحتلین أصبحوا یطلبون الحمایة والنصرة من الأموات، فاجتاحتھم جحافل خیول المغول والتتار وعجلات مركبات وطائرات الأوربیین!
كما أن إعراض الكثیر من البشر عن عقیدة التوحید كان سببا في ضیاعھم في صحراء الشقاء، فبرغم ترقي المدنیة في حیاتھا إلا أن أرواحھا مكتئبة ضجرة لا تستریح إلا بفقدان عقولھا بإدمان المخدرات والمسكرات أو قتلھا بالانتحار الذي بلغ مستویات رھیبة جدا في مجتمعات نبذ التوحید.
وبرغم توفر الشھوات لھا وكسر كل المحرمات والضوابط من أمامھا إلا أنھا لا ترتوي ولا تھنأ، وتعیش الشقاء، فتزید نسبة الجرائم بینھم، فجرائم التحرش الجنسي تبلغ مستویات خیالیة ویمارسھا كل شرائح المجتمعات من كبار الساسة إلى الضباط والجنود وصولا إلى أصحاب السوابق والجنایات، ولم تسلم منھا مختلف طبقات النساء من العجائز وحتى الفتیات، وتعرضت لھا النساء في الحكومات والبرلمانات والجیوش والكنائس فضلا عن الجامعات والمدارس والشركات والشارع!
وبحثوا عن المال بكل سبیل فازدھرت بینھم مؤسسات الربا التي وفرت لھم السیولة المالیة بسھولة مما فاقم الشخصیة الاستھلاكیة حتى انفجرت الفقاعة الربویة المحرمة في وجوھھم، ففقدت الملایین مساكنھا ووظائفھا واستقرارھا وسعادتھا، واھتزت اقتصادیات دول عدیدة، وأفلس عدد منھا، ولم یكن الحل والمخرج من ھذا الشقاء إلا بتصفیر نسبة الربا على القروض!
وبسبب إعراضھم عن عقیدة التوحید لا تزال البشریة تسعى نحو ”المدینة الفاضلة“ منذ زمن أفلاطون قبل المیلاد! مرورا بمعاھدة باریس للسلام في 1919م وعھد عصبة الأمم المتحدة ومن ثم الأمم المتحدة الیوم دون جدوى.
بل لا یزال المجرمون وھادمو السلام ھم من یدیرون مجلس الأمن الذي عھد إلیھ بصون السلم والأمن الدولیین، بحسب میثاق الأمم المتحدة! ولا یزال حق النقض ”الفیتو“ ھو الذي یحمي الطغاة ویمنع محاسبتھم ویطیل في أمد الظالمین ومعاناة المظلومین في فلسطین وسوریا!
فضلا عن أن العالم المتحضر ولیس الوحشي ھو الذي نفذ الحروب العالمیة التي قتل فیھا عشرات الملایین من الناس واغتصب بھا ملایین النساء واستخدم فیھا السلاح الذري مرتین!
ولما أعرض بعض المسلمین عن عقیدة الأنبیاء التي ھي عقیدة التوحید تاھوا في بیداء الشقاء حین لاحقوا -حكاما ومحكومین- السراب خلف الأیدولوجیات الشیوعیة والغربیة، فلا تنمیة وازدھار أقاموا، ولا عدالة وحقوقا جلبوا، بل لم یتمكنوا من الحفاظ على ما كان من أحوال.
ولم یقتبس كثیر من الناس من حضارة الغرب إلا قھوة ”ستاربكس“ ورقصة ”دنس“، ولم یقتبسوا من محور الشرق إلا إلحاد ماركس وفجور لینین!
في النھایة؛ إن البشریة ستبقى تدور في فلك الضلال والجھل ومسارات الشقاء والعذاب طالما أعرضت عن عقیدة التوحید، والمسلمون لیسوا استثناء من ذلك، بل سبب شقائھم وألمھم الیوم ما
وقعوا فیھ من ضلال وجھل بحقیقة التوحید ومتطلباتھ، فإلى التوحید یا عباد الله تسلموا وتسعدوا.