Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-Nov-2017

استنساخ عمان ذكية - احمد ذيبان

 الراي - مشروع إقامة عمان جديدة « فكرة ذكية» سواء كانت وهمية أم حقيقية، وستشكل لفترة

طويلة مادة خصبة، لإشغال الاردنيين في الحوار والتحليل، والاستمتاع بما ينتج عن ذلك من تعليقات ساخرة وطرائف!
 
وفي كل الأحوال فإن الفكرة هي نتاج الاحساس، بأن حالة الاختناق التي تعاني منها العاصمة لم
تعد تحتمل ويصعب إصلاحها، وهي تراكم من سوء السياسات وغياب التخطيط والتوسع السرطاني العشوائي، المرتبط بالمتاجرة بالاراضي والسمسرة، واستقبال عمان أمواجاً من الهجرة الداخلية من المحافظات والأطراف، أو الوافدة من الخارج بسبب الأزمات الأقليمية!
وعلى سبيل المثال، أنا شاهد على المنطقة التي أسكن فيها. كيف تغير وجهها منذ عام 2000 ،من منطقة فسيحة خضراء فيها عدد قليل من المنازل، فتوسعت بشكل جنوني وأصبحت مكتظة بالعمارات وتزدحم بالسكان، وشوارعها مزروعة بالمطبات والحفر، الناتجة عن حفريات البناء وتمديدات الكهرباء والمياه!
وبمقارنة مع عواصم دول أخرى، أشير الى «برلين الموحدة» عاصمة ألمانيا، فعدد سكان عمان يزيد عن «4 «ملايين نسمة، بينما يقطن برلين 5.3 مليون شخص، ومساحتها 900 كم 2 وتجد فيها مساحات واسعة حدائق خضراء، لكن عمان تغرق بالسيارات والأسمنت رغم أن مساحتها «10680 «كم 2 ! علما أن عدد سكان ألمانيا يناهز 80 مليون نسمة، بينما عدد سكان الأردن بمن فيهم اللاجئون والوافدون حوالي 10 ملايين بينهم 6.6 مليون أردني !
الفكرة حالمة، لكن واقعيا لا يمكن استنساخ عمان الحالية وخصوصاً القديمة، مثل «وسط البلد» بمعالمها المعروفة والجاذبة للمتسوقين والزائرين والسياح، وما ترسخ في الأذهان والسلوكيات من ارتباط وجداني بالمكان، وحراك اجتماعي وارتباط الكثيرين بأعمالهم!
 
لست خبيرا اقتصاديا للدخول في جدوى المشروع، لكن السؤال الكبير الذي يطرحه الجميع حول التمويل؟ في بلد يرزح تحت مديونية هائلة وعجز في الموازنة، وحسب رؤية الحكومة فإن أحد أهداف المشروع تحفيز الاستثمار، حيث سيتولى القطاع الخاص تنفيذ المشروع، فما هي الحوافز والجدوى الاقتصادية، التي تدفع القطاع الخاص الذي يعاني من أزمات كبيرة، للدخول شريكا في مشروع هائل يكلف مليارات الدنانير، وهو مشروع ليس انتاجيا أو لاستغلال ثروات معدنية كالنفط والمعادن!
 
انتشار الدوائر الحكومية في العاصمة ومراجعة المواطنين لها، يشكل أحد أسباب الازدحام والأزمة المرورية، وكما تقول الحكومة فان نقلها الى مكان جديد يسهل على المواطنين مراجعتها، ومن قال أن نقل مرافق الدولة لن يرافقه امتداد أزمة المرور الى المدينة الجديدة ؟
 
والأهم من ذلك فإن هذا التفكير يتناقض مع شعار»أردن رقمي»، والترويج للحكومة الالكترونية بحلول عام 2020 ، وفي ظل عالم يسير فعليا باتجاه الاستغناء ،عن عدد كبير من الايدي العاملة واستبدالها بالتكنولوجيا الرقمية. ويمكن الاشارة الى طغيان الصحافة الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، والاعلام الفضائي على حساب الصحف الورقية، كما أن العديد من المهن والاعمال أصبحت تنجز بدون مكاتب في المنزل، أو عبر اللابتوب والأجهزة اللوحية والموبايل، وعندما تكتمل «عمان الجديدة « عام 2050 اذا كتب للحلم ان يتحقق، فستكون «الاتمتة» قد اجتاحت كل مفاصل الحياة!
 
الحل لأزمة عمان متعدد الجوانب، أهمها إنشاء شبكة نقل عام متكاملة ومحترمة، للتخفيف من الاختناق المروري، والتقليل من استخدام السيارات الخاصة، وبدل الاستمرار في «تسمين» عمان وتناسلها بأسماء مختلفة، يمكن وضع خطط شاملة لتحفيز الهجرة المعاكسة، من عمان الى المحافظات والأطراف التي تشعر بالتهميش والبؤس، والمعاناة في الحصول على الماء والخدمات، وذلك يتطلب قرارات حاسمة لايجاد مشاريع تنموية، توفر فرص عمل وتحسين الخدمات، وتلغي الحاجة للذهاب الى عمان «القديمة أو الجديدة» التي تستحوذ على كل شيء!
 
والفكرة تتناقض مع مشروع اللامركزية الذي أشبعتنا الحكومة تنظيرا بشأنه، وانجاحه يتطلب توزيع مكاسب التنمية، والتخفيف من ثقل عمان اداريا وخدميا لصالح المحافظات، لكن بداية تطبيق اللامركزية غير مبشرة، بعد أن بدأ الأعضاء المنتخبون يطالبون بامتيازات شخصية، كرواتب عالية وسيارات ومكاتب!
 
Theban100@gmail.com