Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Jul-2018

"المفهوم الملكي لترسيخ عقد اجتماعي جديد - المحامي الدكتور محمد عبداالله الظاهر

الراي - سعى جلالة الملك عبداالله الثاني كما كان سعيه دائما الى تمكين المسيرة الديمقراطية والسير قدما على طريق التحول الديمقراطي وذلك من خلال ادوات عدة دعا الى تبنيها في الاوراق النقاشية التي طرحها، والتي من ابرزها تحفيز المواطنين للدخول في حوار بناء حول القضايا الكبرى التي تواجهنا، باعتبار ان الحوار الوطني المنفتح يشكل لبنة أساسية في بناء النظام الديمقراطي الذي يقودنا الى المستقبل المشرق، فضلا عن التأكيد على سيادة القانون بوصفه الاساس الحقيقي الذي تبنى عليه الديمقراطيات والاقتصادات المزدهرة والمجتمعات المنتجة، والضامن للحقوق الفردية والعامة، والباني لمجتمع آمن وعادل.

وانطلاقا من السعي الملكي الهادف الى تعزيز الديمقراطية، جاءت الدعوة الى الحكومة الحالية من خلال كتاب التكليف السامي لترسيخ عقدٍ اجتماعيٍّ جديد، واضح المعالم من حيث الحقوق والواجبات، يرسمُ شكل العلاقة بين المواطن وحكومته بالاستناد إلى الدستور، ويعزّز دور المواطن في تحقيق التنمية المستدامة، وبناء عليه فقد أكدت الحكومة في بيانها الوزاري عزمها على تنفيذ التوجيهات الملكية بترسيخ عقدُ اجتماعي يكون النّهج والوسيلة التي ستوصلنا إلى النّهضة الوطنيّة الشاملة؛ باعتبار أن المواطنة تُبنى على الحقوقِ والواجبات، والمشاركة الفاعلة في الإنتاج.
مما لا شك فيه أن الرؤية الملكية الداعية لترسيخ عقد اجتماعي جديد إنما تهدف الى مراجعة العلاقة بين المواطن والسلطة وفق ما تقرره مبادئ الشفافية والعدالة، على نحو يكفل تحقيق الأمن السياسي والاجتماعي والاقتصادي في المجتمع، سعيا لتمكين المسيرة الديمقراطية، وهو أمر يتعين فهم مضامينه ضمن هذا الاطار، بعيدا عن موجة التفسيرات والتحليلات التي أثيرت والتي انطلقت من مفهوم صياغة عقد اجتماعي جديد، حيث جاء الطرح الملكي واضح في مضمونه عندما تضمن الدعوة الى ترسيخ العقد الاجتماعي بالاستناد الى الدستور، في دلالة واضحة على عدم المساس بثوابت الدستور بوصفه العقد الاجتماعي الراسخ، وبما يعني أن الدعوة الملكية قد  انطلقت من الادراك التام بأن مسألة العلاقة بين الفرد والسلطة تتجدد بتجدد المتغيرات وحيوية العلاقة، وبالتالي يتعين أن تخضع لنظام مرن يتفاعل مع هذه المتغيرات.
إن مفهوم جلالة الملك لترسيخ العقد الاجتماعي وتجديده، موجود ومتبع في الدول الديمقراطية، التي تستمد حكوماتها شرعيتها من رضا المحكومين وقبولهم، حيث تقوم نظرية العقد الاجتماعي وتطورها على جعل العلاقة بين السلطة والأفراد بحيث تغلب عليها سمة العقدية أكثر من السمة التنظيمية، ولا شك أن ذلك يحتاج إلى قيام هذه العلاقة وفق مرتكزات تنظيمية موضوعية تضمن قدر الامكان الديمومة والاستمرارية، آخذاً بعين بالاعتبار ان الإشكالية في بناء العلاقة بين السلطة والأفراد تتمثل بصفة عامة في مصدر القيود أو الضوابط التي من شأنها أن تنظم هذه العلاقة بصورة دائمة ومطلقة، وهو ما يعجز عنه أي مفكر أيا كان منهجه الفكري متجددا، حيث ستكون إفرازاته الفكرية مستوعبة للسياق الآني دون إدراك لصورة وحقيقة المستقبل ومتطلباته.