Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Nov-2018

أشبعتهم شتماً وفازوا بالإبل!! - صالح القلاب

الراي - هناك مثل عربي قديم يقول: «أشبعتهم شتماً وفازوا بالإبل» وبالطبع فإن الرئيس الأميركي دونالد ترمب لم يسمع بهذا المثل وإنه إنْ هو سمع به فإنه بالتأكيد لم يفهمه وهو لن يعرف أنه يعني أن راعي أو صاحب إبل «بعارين» قد استولى على إبله لصوص أشرار وبدل أن يستل سيفه ويخلص جماله بادر إلى رجم هؤلاء بالشتائم المقذعة فذهب اللصوص بجماله وبقى صدى شتائمه يتردد في الوديان القريبة والبعيدة. والمقصود هنا هو أنه إذا إكتفى الرئيس الأميركي بالتهديد والوعيد وبأنه سيوجه إلى طهران ضغطاً «لا هوادة فيه»!! فإن إيران ستستوعب وبالتأكيد هذه الدفعة من العقوبات.. الدفعة الثانية كما استوعبت الدفعة الأولى وأنَّ حسن روحاني سينفذ ما وعد به وهو أن الإيرانيين سيحطمون الحصار الذي فرضه الأميركيون عليهم وأنهم سيواصلون تصدير نفطهم وبكميات ربما أكبر من الكميات السابقة وسيواصلون أيضاً تلاعبهم بأمن هذه المنطقة.

وهنا فإن المفترض أن ترمب قد سمع تصريحات قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري أو قرأها التي قال فيها: إن الرئاسات العراقية الثلاثة، أي رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة البرلمان، أصبحت في المعسكر الإيراني كما وأن المفترض أن الرئيس الأميركي يعرف أن الإيرانيين باتوا يسيطرون سياسيا وعسكرياً ومذهبياً على العراق وعلى سوريا..وأيضاً على لبنان من خلال حزب االله وزعيمه حسن نصراالله الذي كان قال ولا يزال يقول وبكل مباهاة وتفاخر أنه يشرِّفه أن يكون مقاتلاً في فيلق الولي الفقيه وأيضاًعلى جزء من اليمن مما يعني أن كل هذا التهديد والوعيد لن يجدي مع هؤلاء نفعاً وأن الشتائم التي يوجهها الأميركيون وغيرهم إليهم ينطبق عليها هذا المثل الآنف الذكر: «أشبعتهم شتماً وفازوا بالإبل».
كان يجب أن تترافق هذه العقوبات في دفعتها الثانية مع عمل جديِّ لإخراج الإيرانيين بوجودهم العسكري والأمني والسياسي.. وأيضاً المذهبي من سوريا ومن العراق فخروجهم من هاتين الدولتين العربيتين الرئيسيتين يعني خروجهم من لبنان ومن هذه المنطقة كلها ويعني أيضاً إنكفاءهم إلى داخل بلدهم إيران الذي بات يشهد تذمراً شعبياً غير مسبوق ويشهد تمزقاً قومياً وطائفياً وأيضاً سياسياًّ إنْ هو تم إسناده فإنه سيكون الأكثر تأثيراً وبألف مرة من كل هذه العقوبات إن في دفعتها الأولى وأيضاً إن في دفعتها الثانية.
إن اعتبار إيران مجالاً حيوياًّ للولايات المتحدة ليس جديداً فهو يعود إلى عهد الشاه الأول رضا شاه في أربعينات وخمسينات القرن الماضي ولعل ما مِنْ المفترض أن ترمب يعرفه هو أنَّ هذه الدولة الرئيسية بمكانتها والإستراتيجية جداًّ بموقعها الجغرافي كانت قبل ثورة عام 1979 خندقاً متقدماً لأميركا في وجه الإتحاد السوفياتي، وهذا كان في ذروة مرحلة صراع المعسكرات، والآن وقد بدأت روسيا الإتحادية تستعيد مكانة الإتحاد السوفياتي فإن المفترض أن الرئيس الأميركي وطاقمه أصبحوا يدركون أهمية هذه الدولة الإيرانية وأهمية ألاّ يبقى يحكمها نظام متزمت وعدواني كهذا النظام..
وأيضاً وأهمية وضع حدٍّ لتمددها في المنطقة.. وهكذا فإن هذه العقوبات وحتى وإنْ هي جاءت في دفعة ثالثة ورابعة وألف.. فإنها ستبقى بمثابة: «أشبعتهم شتماً وفازوا بالإبل»!!.