Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Dec-2013

كيف يتعامل الدكتاتور مع الزوجات والعشيقات؟ سميرة الشهبندر رفضت عطايا صدام.. ثم استجابت الحلقة (5)
رصين -
تأليف ديان دوكريه - ترجمة وإعداد سليمة لبال
 
بعد بضع سنوات قضتها في تقليب أرشيف العديد من الطغاة الذين عرفهم العالم، اكتشفت الكاتبة الفرنسية ديان دوكريه ان رجالا مثل صدام حسين وهتلر وموسوليني وستالين، قضوا أغلب وقتهم في كتابة رسائل غرامية وليس برقيات سياسية، مما دفعها إلى الغوص في علاقات هؤلاء مع زوجاتهم وعشيقاتهم.
 
لقد اختارت دوكريه ان تتوغل في الحياة الخاصة لهتلر ولينين وموسوليني وستالين وسالازار وماو وتشاوسيسكو وبوكاسا في الجزء الأول من «نساء الطغاة» والذي ترجم الى 18 لغة. اما الجزء الثاني الذي صدر للتو فقد خصصته للحياة الغرامية لفيدل كاسترو وصدام حسين وكيم ابل سونغ وسلوبودان مولوسوفيتش.
 
تقول دوكريه انه بينما كان صدام حسين يحاول حماية زوجته الثانية سميرة الشهبندر من غيرة زوجته الأولى ساجدة، كان كيم آبل سونغ يواجه مشاكل كبيرة في اخفاء خياناته عن عشيقته المفضلة، النجمة الكورية هاي ريم.
 
وبينما كانت ميرا تصحح خطابات ميلوسوفيتش، حاول فيدل كاسترو مرارا تفادي اعتداءات عملية السي اي اي التي لم تكن سوى عشيقته ماريتا.
 
تخفي الحياة الخاصة لهؤلاء الرجال المعروفين بتسلطهم أو شخصياتهم الكاريزمية الكثير من المفاجآت التي تكشف عنها دوكريه، في تحقيقها الذي تضمن شهادات حية لعشيقات وأصدقاء وأطباء وحرس شخصيين.
 
كما تناولت الكاتبة ايضا الحياة الخاصة للإمام الراحل الخميني، الذي تميز بتعامله الإنساني والراقي مع زوجته، وخصصت فصلا كاملا لعلاقة اسامة بن لادن مع زوجاته الخمس.
 
القبس تنشر على حلقات قصص هؤلاء الرجال كما أوردتها الكاتبة.
 
عندما رأى صدام سميرة الشهبندر لأول مرة برفقة زوجها، قرر التقرب من هذه الأربعينية التي لا يعرفها، أرسل لها العطور والملابس والمجوهرات والسيارات، غير أن سميرة رفضت في بادئ الأمر الهدايا، لكنها وبعد بضعة أسابيع، وخلال رحلة لزوجها إلى الخارج، لم تقاوم جاذبية الرئيس «لقد كان أقوى رجل في العراق».
 
كانت سميرة أما لثلاثة أطفال حين كانت السيارات والهدايا الفخمة تتهاطل عليها، وقد لاحظها صدام جيدا، وأسره جمالها خلال نزهة نظمها لابنته حلا، ليست ملامحها فقط ما لفت انتباه الرئيس، الذي كان يحب النساء المتعلمات والمستقلات، فسميرة طبيبة عيون وكانت تُدرّس اختصاصها، ومن عائلة معروفة، وكان طموحاً لأن يرتبط بامرأة من الطبقة الأعلى.
 
كان صدام يرغب في أن يكون رجلا جديدا في حياته الخاصة، ولأن ساجدة تربت معه وكانت تعرف كل شيء عنه، لذا كان من الصعب عليه أن يعيش حياة حميمة مع هذه المرأة التي يعرفها منذ زمن بعيد.
 
 
 
◄ المعشوقة الجديدة
 
قدم صدام سميرة لأصدقائه ومساعديه المقربين، وبعد فترة من لقائه معها، تجرأ على اصطحاب صديقته لمنزل عائلة سلبي، وابنة العائلة زينب شاهدة على شجار عاصف حدث بين والدتها والرئيس: لقد كانت السيدة سلبي من الأوفياء لساجدة، لذلك رفضت دعوة هذه المرأة غير الشرعية «لقد سمعتها تقول سميرة «جرباء» وصوتها كان حادا وصداه يتردد في كل أرجاء البيت..»، «لقد قالت لي والدتي بان سميرة هي صديقة العم صدام، وانه أراد أن نصبح أصدقاء لها، لكن والديّ لم يستطيعا تحمل سميرة».
 
 
 
◄.. في أحضانه
 
أرسل صدام سميرة للاعتذار من عائلة سلبي، غير «أن أبي كان مضطربا للغاية، لدرجة انه لم يرغب بفتح الباب لها، لقد كان رافضا لفكرة أن تطأ قدما سميرة بيتنا»، لكن اتصالا من الرئيس ارجع الأمور إلى نصابها، وقبل الزوجان سلبي دعوة للعشاء في القصر، حيث كان الرئيس يعتزم استقبال سميرة.
 
كانت الكراسي موزعة على شكل دائري، وكان أمام كل ضيف خادم يرتدي زيا عسكريا، «كان العم صدام مبتهجا جدا تلك الليلة، وإلى جانبه سميرة، لقد كانت تضحك بتملق بين ذراعيه، وكلما نظرنا باتجاهها، داعبته مبرزة تفوقها على الحاضرين، وكانت تهمس في أذنه وتداعب بأصابعها ساقيه»، حسب رواية زينب سلبي.
 
بلغ انزعاج العائلة مداه، خاصة ان أبناء سميرة كانوا من الحضور: لقد كانت الوحيدة التي تنادي الرئيس باسمه، والوحيدة التي تشرب معه حين يكون في مجمع رجالي.
 
وفي احد الأيام وبينما كانت تمزح معه، أسقطت سميرة قبعة الرئيس أرضا. هذا التصرف يعتبر مهينا عند العرب، لذلك تفاعل الرئيس مع الامر، وتقول زينب: «بدأ بضربها بقبعته بقوة، مما دفعها إلى تقبيل يديه وقدميه، الامر الذي أعجبه وأشعره بمتعة لا نظير لها، ودفعه إلى الاستمرار في ضربها، فيما واصلت هي بدورها تقبيله وكنا كلنا هناك».
 
كان صدام يحب ألعابها الرئيسة وكان يأخذها بعيدا عن عائلة التكريتي، ويقول مسؤول البروتوكول الخاص به: «لقد كان يردد غالبا بأنه يحب سلوكياتها كمراهقة وأحيانا كناضجة، كما كان يقول بأنه يشعر بالراحة معها».
 
كان صدام غارقا في حبه لسميرة، دون أن يعبأ بزوجها، وتقول سلمى ماسون: «كان على زوج سميرة أن يغادر البيت ويترك مكانه لصدام فور ان يأتي هذا الأخير»، وكان يقول بأنه «لا يرغب أبدا في أن يتزوج امرأة جميلة حتى لا تسرق منه».
 
 
 
◄ مخاوف صدام
 
كانت لصدام مخاوف عديدة من الهجمات البكتيرية، لذلك اهتم كثيرا بأن تخضع صديقته الجديدة لفحص شامل، ويقول مسؤول البروتوكول السابق «كان صدام يخرج مع العراقيات فقط، ولا يعاشر أبدا الغربيات أو العربيات المقيمات في البلدان الأجنبية، لقد كان يخاف كثيرا من السي أي ايه والكي جي بي، او أي جهاز استخباراتي آخر، يمكن أن يجند عميلة او امرأة حاملة لفيروس نقص المناعة المكتسبة، الذي كان يخاف منه خوفا شديدا».
 
تزوج صدام في عام 1986 بسميرة، التي كان من الممكن أن تبقى عشيقة عابرة. تقول سميرة ان عشيقها اجبرها على الطلاق واختطف زوجها واحتجزه لعدة أيام حتى يتمكن من طلاقها، لكنه في المقابل رقي إلى مدير الخطوط الجوية العراقية.
 
 
 
◄ ساجدة وغريمتها
 
كان أفراد عائلة التكريتي يساورهم الشك بشأن زواج صدام ثانية. وحدها أخت ساجدة، الهام التي تزوجت وطبان الأخ غير الشقيق لصدام، التي يبدو انها كانت مطلعة بشكل جيد على الموضوع. حاولت الهام لفت انتباه شقيقتها، لكن ساجدة رفضت الاستماع إليها وفق علاء بشير، فيما نفى صدام الأمر نهائيا.
 
اقتنعت ساجدة أخيرا ان لصدام علاقة بسميرة في عام 1986... وانه تزوجها، رغم انها لم تكن ترغب في تصديقه، مع أن بغداد كانت كلها تتحدث عن هذا الزواج.. تشجعت الهام وأخبرت شقيقتها «لقد قلت كل شيء لشقيقتي، لان لا احد من أشقائي تجرأ على إبلاغها.. بقيت ساجدة صامتة وهي تستمع إلى ما أقول، وفي النهاية قالت ان لا شيء يثبت بأن زوجها ارتبط بثانية، رغم ان سميرة وزعت دعوات موقعة باسم السيد صدام حسين».
 
رغم أن جلسات المساءلة الزوجية لم تفض إلى نتيجة، انتهى كل شيء بانكشاف الحقيقة، حيث شعرت ساجدة بالتهميش وأهملت صحتها ثم انعزلت، وفق المسؤول السابق للبروتوكول في احد القصور الرئاسية، التي تقع على بعد 160 كلم عن العاصمة بغداد.
 
 
 
◄ غرامة باهظة
 
كان على صدام بعد ذلك، أن يدفع غرامة باهظة، خاصة انه لم يكن يرغب في خسارة المرأة التي كانت دوما إلى جانبه، كما كان بحاجة أيضا إلى الحفاظ على صورة العائلة المتماسكة، لذلك استدعى الصحافيين لالتقاط صور له ولساجدة، وهما يمشيان على الثلج ويرتديان معطفين من الفرو الأسود.
 
في تلك الفترة اشتعلت غيرة ساجدة فصبغت شعرها وغيرت قصته، فبدت في صورة مختلفة.. منذ ذلك الحين اندلعت الحرب بين الفريقين وبدأ التحدي.
 
 
 
◄ انتقام ساجدة
 
بعد فترة قليلة، قبل الزوجان سلبي مقابلة سميرة، وحين بلغ الخبر مسامع ساجدة، اتصلت بالسيدة سلبي وأبلغتها بأنها ستزورها برفقة بناتها.
 
قضت علياء طول اليوم بين الأفران لتحضر طبق «الشبزي»، وهو الطبق الذي كانت تفتخر بتحضيره دوما. وحين شرعت صاحبة البيت في تقديم الطعام للسيدة الاولى، قالت هذه الأخيرة «أوه علياء، حضرت لنا الشبزي وفق الطريقة الإيرانية»!
 
هذه الملاحظة جمدت الدم في عروق علياء، خاصة أنها في بلد يمكن أن يختفي فيه أي كان عن الوجود لأي سبب.. في الواقع كانت ساجدة تحاول تذكير علياء بأصولها الإيرانية، وتنتقم في الوقت نفسه من أصول ضرتها.
 
كانت ساجدة مجروحة لأنها كانت دوما السيدة الاولى دون منازع، كما كانت دوما أيضا جزءا مهما من دعاية صدام، لذلك كانت محل انتباهه وحمايته، كما كانت لا تتحمل أبدا أي هجوم يستهدفها.
 
تقول أمال المدرس «إن قريبتها صبيحة المدرس كانت في السبعين من عمرها، وهي من المحاميات السابقات، ومن أوائل المذيعات في البلاد، وكانت ساجدة تكلمها باستمرار لتقديم ملاحظاتها، حيث كانت نبرة صوتها تحمل توجيهات.. وفي أحد الأيام قالت المذيعة أمام زملائها، خلال حديث جانبي: ان ساجدة لا تستحق منصب السيدة الاولى».
 
«نقلت زميلة مباشرة الخبر، وفي بضعة دقائق تم غلق كل مخارج الاستديو، وتم إيقاف المذيعة بتهمة انتقاد ساجدة، ثم تعذيبها، وخلال التحقيق معها لعنت ساجدة مجددا، فتم شنقها وقطع لسانها ثم أرسلت إلى عائلتي».
 
 
 
◄ حرب العائلة
 
قررت الزوجة المغلوبة على أمرها أن تتوجه لخير الله والدها، حتى يشفع لها عند ابن اخته، لكن رفض صدام كان قاطعا، حيث قرر الاحتفاظ بزوجته الثانية وعدم الخضوع لضغوطات عائلته.. لقد وجد ملاذا للراحة بعيدا عن السياسة مع سميرة، ولا يرغب في أن تحطم الالتزامات البدوية ذلك.
 
نصح خير الله ابنته بمغادرة البيت الزوجي، ففعلت وذهبت للعيش بعيدا عن بناتها، لتبدأ بذلك مرحلة جديدة من الحرب.
 
من جهته، عبّر عدنان شقيق ساجدة عن استنكاره لما بدر من صدام، الذي يعرفه جيدا منذ الطفولة، فالرجلان كانا قريبين من بعضهما، وقد تمكن صدام بفضل هذا الضابط اللامع من السيطرة على الجيش بعد خروجه من السجن قبل عشرين عاماً. وفي خضم الحرب بين العراق وإيران، تمت ترقية عدنان في القيادة العامة، وأثناء التسريح لاقت برامجه لإعادة إدماج الجرحى تأييدا كبيرا وجعلت منه بطلا وطنيا.
 
كان على عدنان مساعدة شقيقته، فأصبح يزورها يوميا، فيما لم تعد هي، أي ساجدة، ولا والدها، يحضران الاجتماعات العائلية التي تعقد أسبوعيا، وقد تأزم الوضع بعد أن أقدم عدي على قتل كامل حنا.
 
شعر صدام بخوف شديد على سلامة سميرة، وهو العارف بحماسة عائلته، فأرسلها إلى أوروبا حتى يبعدها عن تسوية الحسابات، وقرر مصادرة كل الشركات التي يملكها حماه خير الله.
 
بعد بضعة شهور من الحادثة، حضر جميع أفراد عائلة صدام احتفالات انتصار العراق على إيران، التي نظمت في منطقة الشمال، وقد استقلت كل مجموعة مروحية.
 
صوّر التلفزيون الحدث، لكن مروحية عدنان تحطمت على الأرض دون سبب ظاهر بعد دقائق فقط من إقلاعها، مما تسبب بمقتله على الفور، وانتهى التحقيق إلى أن سبب الحادث يعود إلى مشكل ميكانيكي.
 
كانت روح الانتقام جاثمة وراء الدموع خلال مراسم تشييع عدنان، وكان عدي احد حملة النعش، ويقول لطيف يحي ان المراسم انتهت بفضيحة، حيث صرخ خير الله في وجه صدام قائلا: «لقد حطمت حياة ابنتي وقتلت ولدي، أعدك بانتقام دون حدود».. لكن كل شيء تغيّر بعد غزو الكويت.
 
 كيف يتعامل الدكتاتور مع الزوجات والعشيقات؟ كيف وقع صدام في غرام سميرة الشهبندر؟ الحلقة (4)
رصين -
 
تأليف ديان دوكريه - ترجمة وإعداد سليمة لبالبعد بضع سنوات قضتها في تقليب أرشيف العديد من الطغاة الذين عرفهم العالم، اكتشفت الكاتبة الفرنسية ديان دوكريه ان رجالا مثل صدام حسين وهتلر وموسوليني وستالين، قضوا أغلب وقتهم في كتابة رسائل غرامية وليس برقيات سياسية، مما دفعها إلى الغوص في علاقات هؤلاء مع زوجاتهم وعشيقاتهم.
 
لقد اختارت دوكريه ان تتوغل في الحياة الخاصة لهتلر ولينين وموسوليني وستالين وسالازار وماو وتشاوسيسكو وبوكاسا في الجزء الأول من «نساء الطغاة» والذي ترجم الى 18 لغة. اما الجزء الثاني الذي صدر للتو فقد خصصته للحياة الغرامية لفيدل كاسترو وصدام حسين وكيم ابل سونغ وسلوبودان مولوسوفيتش.
 
تقول دوكريه انه بينما كان صدام حسين يحاول حماية زوجته الثانية سميرة الشهبندر من غيرة زوجته الأولى ساجدة، كان كيم آبل سونغ يواجه مشاكل كبيرة في اخفاء خياناته عن عشيقته المفضلة، النجمة الكورية هاي ريم.
 
وبينما كانت ميرا تصحح خطابات ميلوسوفيتش، حاول فيدل كاسترو مرارا تفادي اعتداءات عملية السي اي اي التي لم تكن سوى عشيقته ماريتا.
 
تخفي الحياة الخاصة لهؤلاء الرجال المعروفين بتسلطهم أو شخصياتهم الكاريزمية الكثير من المفاجآت التي تكشف عنها دوكريه، في تحقيقها الذي تضمن شهادات حية لعشيقات وأصدقاء وأطباء وحرس شخصيين.
 
كما تناولت الكاتبة ايضا الحياة الخاصة للإمام الراحل الخميني، الذي تميز بتعامله الإنساني والراقي مع زوجته، وخصصت فصلا كاملا لعلاقة اسامة بن لادن مع زوجاته الخمس.
 
القبس تنشر على حلقات قصص هؤلاء الرجال كما أوردتها الكاتبة.
 
قررت عشيرة التكريتي أن يرتبط عدي بابنة برزان، الأخ غير الشقيق لصدام، غير أن هذا الزواج انقلب بسرعة إلى حزن، فعوض أن يقضي الشاب سهراته مع زوجته، صار يمضي وقته في اصطياد الوجوه الجميلة.. علينا أن نقول إن عدي لم يكن يحبذ نوعا معينا من النساء، ولكنه لم يكن يرغب في الزواج.
 
كان عدي مدمنا على شرب الكحول، وكان يقارعه في أماكن يفضلها في بغداد كفندق ميليا المنصور، الذي كان يتردد عليه في سياراته الفخمة، وأما البارجة التي كان يملكها على نهر دجلة، والتي تخلت عنها قيادة الأركان البريطانية بعد استقلال العراق، فقد تم تزيينها بالخشب النادر وفق النمط الفيكتوري، لتتحول إلى ناد خاص له، كان يستقبل فيه كل أشكال الفاسقات.
 
لم تكن السهرات تنتهي دوما بشكل جيد، حيث تتحدث القصص عن الكثير من حوادث الطعن وإطلاق النار والاغتصاب وحتى اختطاف الفتيات.
 
لجأت سجى، الزوجة سيئة الحظ، لحماتها ساجدة بعد ثلاثة أشهر من الزواج فقط، وتم نقلها بسرعة إلى سويسرا، حيث كان والدها سفيراً... وهنا أدركت ساجدة بان ابنها غير قادر على الالتزام بالحياة الزوجية.
 
◄ قصي في نجدة عدي
 
وفي ليلة من ليالي عام 1984 وفي أحد فنادق العاصمة بغداد، اندلع شجار بين مخمورين من بينهم قصي ودبلوماسي خليجي.. لم يستسغ صدام ما ارتكبه ابنه ضد الدبلوماسي، فأمر بحبسه.
 
نسي عدي منافسته مع قصي، وتدخل شخصيا لدى مدير السجن، لإطلاق سراح شقيقه، لكن المدير رفض ما دفع عدي إلى توجيه رشاشه نحو ساقيه.. فجأة تعاون المدير وأطلق سراح قصي مباشرة.. وخوفا من ردة فعل صدام، لجأ الشقيقان إلى عائلة ساجدة، في انتظار انتهاء فورة غضب صدام. ولتأمين نفسيهما أكثر، تمترسا خلف أكياس من الرمل، فيما تسلح عدي بمدفع رشاش، لقد كانت ساجدة تتدخل دوما لدى زوجها لحماية ولديها من انتقامه.
 
◄ لمن تزوج ابنتها؟
 
تعد ساجدة مصدر أول انفجار كلف عشيرة التكريتي وحدتها. ففي عام 1984، جاء برزان، الأخ غير الشقيق لصدام، ومدير المخابرات، ليطلب يد الابنة الكبرى للرئيس لابنه، وأمام رفض صدام، ألغى برزان كل التزاماته الرسمية، حيث كان يدرك بأن ساجدة من يقف وراء قرار صدام، ذلك أنها كانت ترغب في الاحتفاظ بابنتها لأحد محظييها، ويقول احد سكرتيري عدي «لقد كانت ساجدة ترغب في أن يكون زوج ابنتها حسين كامل، وكان حينها عضو الفريق المكلف بأمنها وكانت تفضله على أي عضو من عائلة برزان».
 
لقد انتبهت العائلة كلها إلى ارتباط السيدة الأولى بالرجل الشاب، وأما شقيقتها الهام فقد لاحظت أن حسين كامل سحر ساجدة.
 
«لقد عرف هذا الرجل كيف يضع زوجة الرئيس في جيبه، إلى أن أصبح شيئا فشيئا من المحظيين وموضوع شجار بيننا».. وتضيف الهام «لقد حاولت عدة مرات تحذير أختي، من هذا الرجل الخطر، لكنها لم تحرك ساكنا».
 
من جهتها، لم تحتج رغد حين أبلغتها والدتها بأن حسين كامل سيكون زوج المستقبل، لكنها اشترطت إكمال تعليمها فقط، وأما هو فقط اشترط عليها أن تنجب له طفلا، في كل سنة تقضيها في الدراسة.
 
◄ زفاف رغد
 
بعد بضعة أشهر تم الزواج، ارتدت رغد فستانا من تصميم نينا ريتشي، ويقول المسؤول السابق لبروتوكول الرئيس إنه من رافق رغد إلى باريس لطلبه، وكان فستانا رائعا ومطرزا، قامت بتنفيذه 35 عاملة.
 
بعد الفستان كان على رغد أن تختار طقم المجوهرات «لقد كانت ثلاث دقائق كافية لتختار من مجوهرات الأربش قلادة مرصعة بالزمرد والياقوت والماس، أما بقية جهاز العروس فقد اقتنته أيضا من الكويت خلال زيارة لها لمدة ثلاثة أيام».
 
ولم يكتف حسين كامل بالتقرب من السيدة الأولى فقط، فبعد أن تزوج من الابنة الكبرى، نجح في تزويج رنا الى شقيقه...وبعد هذين الزواجين، أصبح كامل أحد الرجال المؤثرين في النظام العراقي.
 
في تلك الفترة اشتدت العواصف داخل عشيرة التكريتي بسبب ساجدة، فبرزان الذي كان أقوى رجل، وجد نفسه مهمشا من قبل النظام، وقد تحدث لأحد مقربيه في هذا الشأن حيث قال «أنا مهمش بشكل كامل ليس فقط من الناحية السياسية وإنما أيضا من الناحية الاجتماعية والعائلية».
 
بسبب هذا الوضع أخفى برزان نيته الارتباط بزوجة ثانية على صدام، وطار ليقضي شهر العسل مع الجميلة جنان أرملة الرئيس السابق للمخابرات، الذي كان متهما بعلاقته مع السي أي أي.
 
خلال مناسبة عائلية وأمام لامبالاة صدام، علقت ساجدة أمام أحدهم على الزفاف لقولها «إنها ضربة قوية لكل العائلة.. كيف يتزوج برزان أرملة خائن؟!».
 
ولم يكن هذا السبب الوحيد، فزوجة برزان الجديدة تنتقد بشدة الحكومة، ومواقفها منفتحة على الغرب، مما دفع الرئيس إلى استدعاء إخوانه الثلاثة غير الأشقاء ووجه إنذارا لبرزان «فإما الطلاق او لن تكون أخانا».. غير أن برزان لم يتنازل وتم إبعاده طيلة سنوات، حيث عين سفيرا لدى الأمم المتحدة في جنيف.
 
لكن صدام انتهى باستدعاء أخيه واسند اليه مهمة في وزارة الخارجية، غير أن معاناة زوجته من السرطان دفعته إلى طلب البقاء في سويسرا من اجل علاجها.... في تلك الفترة كان صدام بحاجة ماسة إليه فبقي في بغداد، فيما توفيت زوجته وحيدة على ضفاف بحيرة ليمان.
 
كان صدام مهتما بأن يحيط به أشخاص يعجبونه، لذلك كان يمنح بيوتا ريفية لأصدقائه المقربين بالقرب من أحد مجمعاته الخاصة. وعائلة الطيار الخاص لصدام، أي عائلة سلبي، كانت واحدة من العائلات التي تجمعها علاقة حميمة بالرئيس.
 
يجب أن يكون الجميع على بعد نصف كيلومتر من الجدار، الذي يحيط ويحمي مقر إقامة الرئيس، الذي غالبا ما يقضي فيه إجازة نهاية الأسبوع. وعلى الجميع أن يكونوا مستعدين في كل لحظة لاستقبال الرئيس، والتعليمات التي أعطيت بشأن هذه اللحظات العائلية صارمة جدا «على الجميع استقبال الرئيس بحماسة وتقبيله والثناء عليه والجلوس إلى جانبه مع ضرورة أن تكون ملامح السعادة والفرحة واضحة وبارزة على محيا الجميع».
 
وتقول زينب سلبي ابنة طيار صدام «أحيانا، كان يأتي متأثرا جدا، وكان علينا أن نبرز تعاطفنا مع حزنه».
 
كان صدام ينظم الكثير من الحفلات للمراهقات اللواتي كن حوله: حفلات بيانو ومسابقات لصيد السمك، ويصفق على أداء الشابات. وتقول زينب إنه كان حين يعجب بأداء واحدة يحدق في عينيها.
 
وصل صدام إلى مناسبة أخرى وهو يقود سيارة رياضية كوبيه حمراء اللون، وكان يرتدي خوذة قائد مركبة سباقات، وبينما كان أولياء أمور الفتيات نائمين وقت القيلولة، انتهز الفرصة ودعاهن للقيام بجولة معه.
 
قفزت الفتيات إلى السيارة فيما رفع هو صوت المذياع، وانطلق بسيارته في الطريق الصحراوي. وعن ذلك تقول زينب «كان مؤدبا وودودا، وكان مهتما بنا بينما كنا مراهقات صغيرات».
 
أخذهن لزيارة أماكن الصيد التي يصطاد فيها السمك، كما زرن برفقته اكبر باخرة في النهر، حيث قال لهن «تذكرن هذا المكان حين تتزوجن، بمقدوركن استعماله ليلة الدخلة».
 
◄ زيارة سوزان مبارك
 
في 18 أكتوبر 1988، استقبل القصر سوزان مبارك، التي أصبحت بمرور الوقت صديقة لساجدة. لقد أرسل حسني مبارك عقيلته إلى بغداد لتنقل تهانيه الحارة بمناسبة النصر في الحرب مع ايران.
 
◄ بغداد 1984
 
منذ بضعة أسابيع ما عاد صدام يفكر إلا في المرأة التي التقاها في الحفلة التي نظمتها الخطوط الجوية العراقية بمناسبة تسلمها طائرة بوينغ 747 جامبو من الولايات المتحدة الاميركية.
 
كان وصول الطائرة إلى بغداد مناسبة كبيرة، لذلك حرص المهندس الرئيسي نور الدين الصافي، الفخور بنجاحه، على أن تكون زوجته سميرة شهبندر إلى جانبه خلال الاحتفال.
 
في ذلك اليوم جاء صدام لتفقد الطائرة والاحتفال بقدومها، لكن وبسرعة شد أمر آخر انتباهه غير الحفلة.
 
قبل فترة كان صدام قد ذهل بجمال الشقيقات شهبندر، ففي عام 1982 ذهب برفقة طياره لتفقد طائرة جديدة من نوع بوينغ 747، ولاحظ أن من بين الركاب شابة شقراء، هي آمال شقيقة سميرة، فعلق قائلا «هذا جمال حقيقي».
 
لم يجرؤ زوج آمال، وكان مهندسا في الطيران، على التعليق، فيما كان عشق الرئيس للشقراوات أمرا معروفا.
 
الشقيقتان سميرة وآمال الشهبندر من عائلة تجار، أقاموا في بغداد ويتحدرون من أصول لبنانية، عكس أفراد عائلة صدام، الذين كانوا من الفلاحين الفقراء الذين ينتمون إلى الطائفة السنية.. تزوجت الشقيقتان بطيارين سابقين في الجيش، تحولا إلى مهندسين في الطيران في الشركة الجديدة.. لقد كانتا جميلتين وكان حضورهما بارزا.. إنهما سيدتان لم ير صدام نساء في جمالهما قط.
 
 
 
 
 
 
 
الحلقة الخامسة: سميرة ردت كل عطاياه.. ثم رضخت
 
 
كيف يتعامل الدكتاتور مع الزوجات والعشيقات؟ صدام يغوي زوجة وزير إعلامه الحلقة (3)
 
رصين - تأليف ديان دوكريه - ترجمة وإعداد سليمة لبال - بعد بضع سنوات قضتها في تقليب أرشيف العديد من الطغاة الذين عرفهم العالم، اكتشفت الكاتبة الفرنسية ديان دوكريه ان رجالا مثل صدام حسين وهتلر وموسوليني وستالين، قضوا أغلب وقتهم في كتابة رسائل غرامية وليس برقيات سياسية، مما دفعها إلى الغوص في علاقات هؤلاء مع زوجاتهم وعشيقاتهم.
 
لقد اختارت دوكريه ان تتوغل في الحياة الخاصة لهتلر ولينين وموسوليني وستالين وسالازار وماو وتشاوسيسكو وبوكاسا في الجزء الأول من «نساء الطغاة» والذي ترجم الى 18 لغة. اما الجزء الثاني الذي صدر للتو فقد خصصته للحياة الغرامية لفيدل كاسترو وصدام حسين وكيم ابل سونغ وسلوبودان مولوسوفيتش.
 
تقول دوكريه انه بينما كان صدام حسين يحاول حماية زوجته الثانية سميرة الشهبندر من غيرة زوجته الأولى ساجدة، كان كيم آبل سونغ يواجه مشاكل كبيرة في اخفاء خياناته عن عشيقته المفضلة، النجمة الكورية هاي ريم.
 
وبينما كانت ميرا تصحح خطابات ميلوسوفيتش، حاول فيدل كاسترو مرارا تفادي اعتداءات عملية السي اي اي التي لم تكن سوى عشيقته ماريتا.
 
تخفي الحياة الخاصة لهؤلاء الرجال المعروفين بتسلطهم أو شخصياتهم الكاريزمية الكثير من المفاجآت التي تكشف عنها دوكريه، في تحقيقها الذي تضمن شهادات حية لعشيقات وأصدقاء وأطباء وحرس شخصيين.
 
كما تناولت الكاتبة ايضا الحياة الخاصة للإمام الراحل الخميني، الذي تميز بتعامله الإنساني والراقي مع زوجته، وخصصت فصلا كاملا لعلاقة اسامة بن لادن مع زوجاته الخمس.
 
القبس تنشر على حلقات قصص هؤلاء الرجال كما أوردتها الكاتبة.
 
لم تغادر الشابة الكردية أشتى فارغة اليدين بعد لقاء صدام. حيث منحها صندوقا صغيرا كُتب عليه «للاستحقاقات الخاصة».
 
بداخله وجدت الفتاة ساعة ذهبية اللون، مصنوعة في سويسرا، وقد وضعت على مينائها صورة لصدام على إطار أسود، كما منحها 1000 دينار عراقي أيضا.
 
كان الرئيس يستقبل النساء لكن شريطة ألاّ تتطرق إحداهن وفي أي حال من الأحوال لسياسته، وتقول سلمى محسن «كان في إمكان النساء البكاء أو رفع أصواتهن عليه في مكتبه، لقد كان يتقبل ذلك».
 
تحتفظ هذه السيدة بذكرى مرة عن مرورها على مكتب صدام. لم تكن شكواها رومانسية. فزوجها سياسي، وكان البكر يفكر في تعيينه وزيراً للخارجية لكنه الآن مسجون ولا تعرف عائلته شيئا عنه.
 
وجدت الزوجة الشابة نفسها قبالة الرئيس ترافع عن قضيتها، وكانت قد وضعت القليل من أحمر الشفاه والماسكارا.
 
«أنا أعرف لم أنت هنا، من أجل زوجك. إنه بلا قيمة، ولا يستحق أن يكون حراً».
 
- إنه رأيك سيدي ...
 
أجد أن زوجك مغرور، ويعتقد بأنه يعرف كل شيء.
 
انهى صدام جمله، ووقف ثم جال في مكتبه، حتى يقترب منها «لقد أمسكني من خصري، ثم بدأ في تقبيلي ومداعبتي»... لم يتوقف عن تحسس كامل جسدي وحتى المناطق الحميمة...ثم قال لي «جسدك رائع احتفظي به وحافظي عليه، انت جميلة». حسب رواية سلمى.
 
خلال ست دقائق خضعت سلمى لاعتداءات من الرئيس.
 
حاولت المرأة صرف انتباه صدام فقالت له «هل تعرف من أكون؟».
 
فأجاب ضاحكا «بالطبع، صدام حسين يعرف كل عراقي».
 
وعدت سلمى محسن صدام، بأن تهبه جسدها إن أخرج زوجها من السجن، فأجابها «لا أحتاج إلى ترخيص لأخذك، إن رغبت في ذلك، وسواء كان هنا أو في الحبس أو حرا، ومتى رغبت فيك، سأحصل عليك»!
 
رغم ذلك لم يفعل صدام شيئا، حيث أطلق سراح زوجها، وتم نقله في سيارة رئاسية بيضاء من نوع مرسيدس. تقول سلمى «لم يكن صدام يرغب في امتلاكي حقا، لقد كان يريد إذلالي فقط، بسبب زوجي وإشعاري أنا وهو، بأنه يمتلك سلطة عليّ..... لم أكن من النساء اللواتي يحبهن صدام فأنا قصيرة جدا وشعري أسود، بينما كان يعشق الشقراوات»، ولهذا صبغت ساجدة بالأشقر شعرها الفحمي الأسود.
 
 
 
◄ الصيدلانية الغريبة
 
كان صدام يعرف كيف يستخدم النساء حين يكون في حاجة إلى مساعدة. كن بالنسبة له أسلحة دبلوماسية وأدوات دعاية وحليفات وفيات. كما كان يحب أيضا أن يحاط بمجموعة مساعدات، كلفهن بمناصب إستراتيجية.
 
في تلك الفترة برزت في قطاع الصحة التابع للرئيس الجديد صيدلانية غريبة، كانت تزعم صناعة مرهم قادر على معالجة الألم الذي كان يعانيه العديد من الجنود في الجبهة، نتيجة الإصابة بالغرغرينا.
 
قوبلت هذه الصيدلانية بالرفض والاستهزاء، فخطرت على بالها فكرة لقاء الرئيس الذي رد عليها بالقول «اعرف ان الكثير من الأفكار الجديدة مثل فكرتك، تجتاز بصعوبة حواجز البيروقراطية في بلادنا»، وأمر سكرتيره بتسهيل عمل الباحثة، حتى تتأكد عمليا وبسرعة من فوائد اكتشافها.
 
انتقلت الدكتورة في البداية برفقة الحرس الشخصي للرئيس إلى مركز صدام لطب القلب، الذي يديره البروفيسور صالح، وطبقّت مرهمها العجيب على بطل قومي، ويتعلق الأمر بجنرال كان يعاني تنخرا في ساقيه، أي موت خلايا الساق ونقص في سريان الدم.
 
شك مدير المركز في العلاج، لذلك قام سرا بتحليل المرهم المكتشف، وجاءت النتيجة مذهلة، حيث تبين أنها وسط حقيقي لزراعة البكتيريا ونموها.
 
تم طرد الصيدلانية مباشرة، لكنها ذهبت مسرعة، إلى قصر الرئيس لتقديم شكوى، وكانت النتيجة تعيين مدير جديد لمركز صدام لطب القلب، وتمكينها من مختبر أبحاث خاص بها، فيما تم بتر ساقي الجنرال.
 
 
 
◄ بداية الحرب
 
في 22 سبتمبر 1980 وبحجة خلاف حدودي قديم حول موضوع مصب دجلة والفرات، أعلن الرئيس الحرب على عدوه الإيراني.
 
كان صدام يخرج تقريبا كل مساء، وكانت الحفلات تعج بالراقصات والمغنيات اللواتي كن يغنين من أجله.. لقد كن يجلسن عند قدميه ويطربنه بالحان ريفية تقليدية، وتقول علياء سلبي «كنا نغادر هذه الحفلات و«الشقيقة» تحاصر رؤوسنا من كل جانب، بسبب الموسيقى البدوية والأحاديث المشتعلة عن الحرب.. لقد كان يرغب في أن يكون الجميع من حوله في تلك الأوقات».
 
مع اندلاع الحرب، التحق غالبية العراقيين بالجبهة، وجدد صدام ثقته واحتفاءه بالنساء اللواتي منحهن حق الانتخاب، بعد أن اتخذ إجراءات ضد تعدد الزوجات والطلاق، خاصة ان البلد كان يستعد لمواجهات لا تنتهي في إطار هذا الصراع.
 
حيث استبدل صدام البذلات الغربية وآخر ما صممته الموضة بالزي الذي تميز به حتى سقوطه، وهي البذلة العسكرية الخضراء التي كان يرتديها أعضاء حزب البعث.
 
 
 
◄ ساجدة والأخريات
 
لم تكن ساجدة تظهر إلى جانب زوجها في لياليه التي كان يقضيها خارج البيت، وحتى في الأماكن التي كان يعاقر فيها الخمر، ولم تكن أيضا شريكة مهمة في بلوغه السلطة.. لقد أصبحت التلميذة النموذجية سابقا، معلمة ثم مديرة مدرسة مختلطة حتى وصول زوجها للسلطة، ما جعلها تتخلى عن منصبها.
 
خصصت ساجدة معظم وقتها للبنات وللقصر الذي كانت ترأس فيه حفلات استقبال تنظم غالبا لأفراد عشيرة التكريتي، بينما كان زوجها منهمكا بالسياسة.
 
كان المدعوون يتجهون دوما نحو السيدة الأولى، التي كانت تستقبلهم بهز رأسها، وبابتسامة غير مكترثة بهم.. وبينما كانت الاوركسترا تؤدي أغاني وطنية، كانت زوجات الوزراء يرقصن حول ساجدة.
 
كن جميعهن يحرصن على تقديم بناتهن لها وكن في سن الزواج، على أمل أن تختار واحدة منهن لواحد من ابنيها قصي وعدي.
 
وفيما كانت سيدات المجتمع حولها، كانت الفتيات يرقصن أيضا حول رغد ورنا.
 
وتتذكر ابنة الطيار الشخصي لصدام، وتدعى زينب سلبي، الفتيات في قولها «كانت رنا أصغر مني بسنتين، وكانت الألطف، وأما حلا فكانت تصغرني بسبعة أعوام وكانت الطفلة المدللة، بالنسبة لصدام».
 
وتقول زينب «أتذكر أن رغد كانت تمشي في الردهة وتعبر بنبرة دكتاتورية عن وجهات نظرها بشأن مواضيع سخيفة كالموضة مثلا، وأما الفتيات الأخريات وأنا فكنا نتابعها ونحن نركض ببطء، مثلما لو كانت صدام، ونحن حرسه الشخصي».
 
وعلاوة على القيل والقال، يبقى الحديث عن الموضة الموضوع المفضل. ويتذكر لطيف يحيى (زميل الدراسة لعدي) ساجدة في حفلات القصر في قوله «الشيء الوحيد الذي كان يغري هذه السيدة علاوة على الملابس، كان المجوهرات، لقد كانت المجوهرات الموضوع الوحيد الذي تتطرق إليه خلال ظهورها النادر في تلك الحفلات، لقد كان في إمكانها أن تتحدث بطريقة مفعمة بالحماسة، ولمدة طويلة عن المكان الذي اشترت منه الخاتم، وعن المدينة التي اشترت منها هذه الأقراط او تلك».
 
لقد كانت كريمات الرئيس ممنوعات من مغادرة البلاد خلال فترة الحرب، لذلك كان يستحيل عليهن التسوق والتبضع من محلات لندن وباريس.
 
ولتخفيف حزنهن، ما كان عليهن سوى التأشير على الموديل الذي يرغبن في شرائه على الكاتالوجات التي كانت تصل القصر من أنحاء الكون الأربعة.
 
 
 
◄ زوجة الرئيس
 
كانت ساجدة دوما في الصورة، ومواكبة للموضة. لقد كانت تكلف النساء اللواتي يتمتعن بحرية السفر إلى الخارج بشراء ملابس لها، ومن بينهن علياء سلبي، زوجة الطيار الشخصي لصدام، لكن بعضا من هؤلاء اللواتي كانت ساجدة تنتدبهن لشراء ملابسها، كن يشتكين من التعامل معها، لان السيدة الأولى، لم تكن تدفع لهن ثمن مشترياتها!
 
في يوم من الأيام سمح صدام لزوجته بمغادرة البلاد لبضعة أسابيع بصحبة عمتيه.
 
سافرت ساجدة في بداية عام 1981 إلى لندن برفقة 20 من مقربيها في القصر، وجالت في معظم المحلات الفخمة، وعلى الخصوص متجر هرمس، الذي ابتاعت منه ما يقابل مئات الآلاف من الجنيهات، حيث كانت تعشق الماركات والكريستال.
 
وأما في الشهر التالي لهذه الزيارة، فقد طارت ساجدة برفقة سفير العراق لدى الأمم المتحدة على متن طائرة بوينغ 747 جامبو جديدة، قادها الطيار الشخصي لصدام.
 
كانت أرضية الطائرة مغطاة بموكيت أخضر وأبيض اللون يؤدي إلى غرفتين منفصلتين، تم تجهيزهما بأثاث عصري، وأما جناح الرئيس فكان فيه سرير عملاق وقاعة اجتماعات ومكتب وحمام.
 
هاهي ساجدة تغادر باتجاه نيويورك، لكن هذه المرة برفقة وفد يتكون من 30 شخصا من بينهم حسين كامل التكريتي، الذي سيصبح لاحقاً صهر صدام.. ويهرب، ويعود ليقتل في بغداد.
 
في تلك الفترة بدت المسافة قريبة جدا بين الرئيس والسيدة الأولى، حيث كانا يتحدثان هاتفيا بشكل يومي، وربما كان صدام يتابع بشكل آخر تحركات حسين كامل، الذي كان مكلفا وبشكل سري بشراء ذخيرة من أجل الحرب ضد إيران من نيويورك. وقد تم توقيع عقود مع شركات لتزويد العراق بالعتاد العسكري رغم الحصار الأميركي.
 
لقد كانت السيدة الأولى مدمنة على شراء الإكسسوارات الفخمة، وكانت تسلي نفسها بذلك نتيجة هجران زوجها لها. في تلك الفترة بالذات انفجرت أولى الفضائح التي تتعلق بمغامرات صدام، الذي فضل زوجة وزير الإعلام، وكانت لاعبة تنس، على زوجته.
 
قررت ساجدة لدى عودتها للعراق أن تزرع الطماطم، لكنها لم تأخذ بعين الاعتبار المكان، حيث قامت بغرس الشتلات تحت الشمس بعيدا عن أي ظلال، وكلفت ستة من حرسها الشخصيين برعاية الطماطم وريّها، لكن سرعان ما ذبلت هذه الشتلات وماتت، ما دفعها إلى طردهم.
 
 
 
عائلة صدام
 
كانت الفتيات مطيعات جدا، لكن ساجدة كانت منزعجة بشأن عدي وقصي، اللذين كانت تقوم على تربيتهما بمفردها. ويبدو أن صدام لم يتخذ الاحتياطات اللازمة للحفاظ على توازن ابنيه، اللذين كانا يحضران بطلب منه، عددا من عمليات الإعدام منذ كانا في الخامسة من عمرهما.
 
وكبر بكر ساجدة وهمه الوحيد هو أن يصبح صورة طبق الأصل من والده.. لقد دخن السجائر وهو في الخامسة عشرة من عمره، واشترط أن يكون له مكتب شبيه بمكتب والده، ثم سجل في جامعة بغداد لدراسة الهندسة المعمارية.. لم يكن طالبا مواظبا، لكنه حصل على شهادته دون صعوبة بمعدل 98.5 من 100، وأما أساتذة قليلون ممن لم يمنحوه الدرجة القصوى، فقد تكفلت المخابرات العراقية بهم.
 
 
 
الحلقة الرابعة: كيف وقع صدام في غرام سميرة الشهبندر؟
 
 
 رصين -
بعد بضع سنوات قضتها في تقليب أرشيف العديد من الطغاة الذين عرفهم العالم، اكتشفت الكاتبة الفرنسية ديان دوكريه ان رجالا مثل صدام حسين وهتلر وموسوليني وستالين، قضوا أغلب وقتهم في كتابة رسائل غرامية وليس برقيات سياسية، مما دفعها إلى الغوص في علاقات هؤلاء مع زوجاتهم وعشيقاتهم.
 
لقد اختارت دوكريه ان تتوغل في الحياة الخاصة لهتلر ولينين وموسوليني وستالين وسالازار وماو وتشاوسيسكو وبوكاسا في الجزء الأول من «نساء الطغاة» والذي ترجم الى 18 لغة. اما الجزء الثاني الذي صدر للتو فقد خصصته للحياة الغرامية لفيدل كاسترو وصدام حسين وكيم ابل سونغ وسلوبودان مولوسوفيتش.
 
تقول دوكريه انه بينما كان صدام حسين يحاول حماية زوجته الثانية سميرة الشهبندر من غيرة زوجته الأولى ساجدة، كان كيم آبل سونغ يواجه مشاكل كبيرة في اخفاء خياناته عن عشيقته المفضلة، النجمة الكورية هاي ريم.
 
وبينما كانت ميرا تصحح خطابات ميلوسوفيتش، حاول فيدل كاسترو مرارا تفادي اعتداءات عملية السي اي اي التي لم تكن سوى عشيقته ماريتا.
 
تخفي الحياة الخاصة لهؤلاء الرجال المعروفين بتسلطهم أو شخصياتهم الكاريزمية الكثير من المفاجآت التي تكشف عنها دوكريه، في تحقيقها الذي تضمن شهادات حية لعشيقات وأصدقاء وأطباء وحرس شخصيين.
 
كما تناولت الكاتبة ايضا الحياة الخاصة للإمام الراحل الخميني، الذي تميز بتعامله الإنساني والراقي مع زوجته، وخصصت فصلا كاملا لعلاقة اسامة بن لادن مع زوجاته الخمس.
 
القبس تنشر على حلقات قصص هؤلاء الرجال كما أوردتها الكاتبة.
 
عُرف عن صدام انه كان يمضي بعض الوقت مع كل زوجين، حتى يتعرف على الحضور. كانت استراتيجيته تقوم على التقرب من كل شخص. وتقول علياء سلبي، زوجة طياره: «لقد بدأ بالتقرب من الرجال الذين تتميز زوجاتهم بالجمال الفتان، ورقص في البداية مع كل شقراوات المجموعة».
 
لقد اهتم السيد النائب بإقامة علاقة صداقة مع كل رجل من دون أن يتجاهل السيدات. «لم يكن يثق أبدا برجل إن لم يثق أولا بزوجته». وبين الممازحة والشك، كانت صداقة صدام هدية لا يمكن رفضها. لقد كانت دعواته كثيرة، وكان يدعو أصدقاءه إلى راسينغ كلوب، مصطحبا معه ساجدة أحيانا. وتقول علياء سلبي إن ساجدة لم تكن اجتماعية.
 
ذات مساء، توقف الزوجان في بيت صديق في حدود الساعة الحادية عشرة ليلا بعد عودتهما من حفل عشاء. دخل صدام الصالة وتحدّث طيلة ثلاث ساعات عن أذواقه، وعن الصيد خصوصا، وعن مبادئه «لا أزال أتذكر عينيه، لقد كان يتوقف عند كل فرد منا ويتفحص تفاصيلنا». وفي المساء ذاته، كان يهدي مضيفيه بندقية عربون صداقة.
 
كانت البنادق أعز شيء على قلب صدام، وتأتي حتى قبل زوجته وحصانه، لذلك كان غالبا ما يذهب إلى السهرات برفقة مسدسه أكثر من زوجته.
 
 
 
◄ صدام قتل عشيقته هناء ووالدتها
 
كانت الاحتفالات مناسبة أيضا للقاء العشيقات، ففي إحدى الأمسيات تحدّث إلى أصدقاء جدد عن آخر عشيقة تدعى هناء «لم تكن صديقته فقط، ولكنه قال إنها كانت تلبي كل رغباته. لقد روى كيف قتلها. لقد ألتقت رجلا آخر ما أثار غيرة صدام، الذي انتقل إلى بيتها وقتلها بمسدسه كما قتل أيضا والدتها التي كانت تنام في السرير ذاته».
 
ورغم أننا لم نجد آثارا لهذه العملية المزعومة، إلا أن صدام أحب سردها. وكان على من يسمعها أن يعجب به مثلما عليه أيضا أن يخاف منه.
 
ها هو صدام يتسلق السلطة بسرعة ابتداء من يوليو 1979. وكان يتجول في شوارع بغداد ليلا. يزور العائلات. ولم يكن من غير المألوف لدى أصدقائه أن يتصل ليلا ليعلن قدومه ويطلب دعوة آخرين للتعرف عليهم.
 
كان صدام يشرب كثيرا في تلك الفترة، ويحب الرقص وعلى الخصوص على إيقاع الموسيقى الغربية، وتقول علياء: «لم يكن يتعب أبدا من الرقص، رغم أنه لم يكن راقصا ماهرا، لقد كان رجلا قويا يملك طاقة عشرة رجال».
 
وفي مساء يوم من أيام شهر يوليو، زار صدام احد أصدقائه وقال له: «لقد سئمت من الرجل العجوز». وكان يتحدث عن أحمد حسن البكر. كان صدام غير متفق تماما على إقدام قريبه الرئيس على استشارة عرافة عمياء قبل اتخاذه أي قرار سياسي.
 
كانت هذه العرافة تعيش في حي الطوبجي وكان لها تأثير كبير على الرئيس، وتقول علياء سلبي إن صدام أخبرهم بأنه استقدمها إلى القصر وقتلها بنفسه. سواء كانت هذه الحادثة حقيقية أو تلفيقا فإن صدام كان يعرف التعامل مع العلاقات الحميمة، بدقة عارف بسيكولوجية البشر.
 
«لقد قال إنها كانت تعرف الكثير من الأسرار.. لقد كنا نحب شخصيته الساحرة، وكنا نخاف منه، ولم نكن نستطيع أن نقول لا لأي من مطالبه».. تقول سلبي ذلك عن صدام.
 
 
 
◄ استمال زوجات أصدقائه
 
ضاعف صدام مجهوداته لاستمالة المرأة سياسيا، خاصة بعد أن نجح في ذلك مع زوجات أصدقائه.
 
وكان دوما يتحدث عن نجاح زواجه بساجدة، حتى أصبح مستشار زواج للعراقيين، وأصبحت نصائحه من أجل زواج سعيد، تنشر في الصحف، فهذه صحيفة المرأة قد نقلت عنه في عام 1978 قوله «الشيء المهم جدا في الزواج، هو أن لا تشعر المرأة بالظلم، لأنها امرأة وزوجها رجل».
 
أراد صدام أن يصبح «الوصي على العراقيات» وكان نادرا ما يستعمل لفظ امرأة دون أن يضيف لها صفة حنونة كالمرأة «المحبوبة» و«الشريفة» و«النبيلة «أو «الشهيدة».
 
التصق اسم صدام بذهن الكثير من العراقيات، وأصبح بالنسبة لهن المدافع الشرس عن المرأة... لم يكن زعيما بسيطا وإنما احد أفراد العائلة. وتقول الشاعرة ساجدة الموسوي «لقد كان صديقا ونموذجا، لقد كان بيتا وولدا، كان صدام قلبا وشمعة مشتعلة، انه ذكرى وارض، صدام هو كل العراق».
 
 
 
◄ على النساء والرجال الاستحمام يومياً
 
كان صدام يلقي خطابات نارية في مؤتمرات الاتحاد العام للنساء العراقيات، وكان يحث الرجال على احترام زوجاتهم واخذ احتياجاتهن بعين الاعتبار...
 
وجد صدام خلال زيارة مفاجئة قادته إلى محافظ في مكتبه، ان الأخير سمين، ولم يحلق ذقنه أو ينظف أسنانه، فأوقع عليه عقوبات، واستدعى الجميع، وقال لهم بشكل رسمي «عليكم أن تحلقوا ذقونكم وتنظفوا أسنانكم، فكروا في زوجاتكم، ليس على العراقيات تحمل كل هذا».
 
كان على كوادر الحزب جميعا اتباع هذا النظام بمن فيهم صدام، الذي اجبر المحافظ المعاقب على إنزال وزنه 30 كيلوغراماً فيما فقد صدام عشرة كيلوغرامات.
 
لقد امتدت نصائح الدكتور حسين إلى أبعد من ذلك، حيث قال الرجل في التلفزيون «ليس على الرجل حضور تجمع او اجتماع عائلي إن شعر بتعرقه، عليه أن يستحم يوميا وعلى النساء الاستحمام مرتين في اليوم لان رائحتهن أكثر وضوحا مقارنة بالرجال: وان كانت امرأة لا تعرف استعمال فرشاة الأسنان، فعليها استعمال سبابتها لتنظيف أسنانها وفمها».
 
لكن صدام، الذي كان يستعد لرئاسة البلاد تراجع عن فكره التقدمي وعن المساواة بين المرأة والرجل، وأصبح يقول «على المرأة أن تكون خاضعة لسلطة زوجها لأنه من يملك الكلمة الأخيرة كمسؤول عن البيت ورب للأسرة».
 
لقد تحول صدام إلى رجل محافظ وصار يردد «إذا كان الرجل يتميز في الجيش، فإن المرأة تتميز في تربية الأطفال. إنهما مهمتان متكاملتان وأساسيتان في المجتمع».
 
وصل صدام حسين إلى هدفه، و أصبح رئيسا للجمهورية في 16 يوليو 1979 بعد استقالة احمد حسن البكر.
 
 
 
◄ صدام ونساؤه الغريبات
 
«أنت دوما في قلبي، أنا استمع إلى صوتك الجميل وكأنك معي. أنا أرى عينيك وابتسامتك وكأنك تنظر إلي وتضحك لي... لا يمر يوم دون أن أفكر فيك، في الصباح حين أستيقظ وفي الليل حين أغفو.... لك فقط أدين بنجاحي لأنك تحدثت عن أهمية الدراسة بالنسبة للطلبة وهذه السنة انتخبت أفضل طالبة في الصف».
 
هكذا كتبت طالبة الثانوية أشتي ماربن، للرئيس الجديد، تحكي له عن حبها وولعها. ومثل الكثير من العراقيات، تعرفت هذه الفتاة على الرجل القوي الجديد، من خلال شاشة التلفزيون في الـ16 من يوليو 1979.
 
كانت النساء اللواتي تجمعن أمام شاشات التلفزيون التي تبث صورا باللونين الأبيض والأسود، يتحدثن عن خصال صدام وملابسه التي كانت دوما على المقاس.
 
وتقول أشتي «هذا الرجل ذو العينين اللامعتين، الذي واجه بابتسامة، قوى العالم الكبرى من اجل استعادة ثروتنا، غزا قلبي بسرعة».
 
أصبحت جاذبية الرئيس محل اهتمام المشاهدات الشابات، اللواتي صرت يتابعن ظهوره على الشاشة... لقد كان يظهر يوميا ويتحدث بصوت بطيء ورخيم، لكن غير عاطفي.
 
إذاً ورطت الحماسة السياسية الرجل في علاقات غرامية.. تقول أشتي «من بين الشخصيات التي كنت أفضلها فيدال كاسترو، لأنه كان متواضعا ويستعمل سيارة جيب في تنقلاته الشخصية داخل الوطن، كما كان يتحدث مع الناس البسطاء».. ثم أردفت تقارن بين جاذبية أقوى رجال الكون آنذاك «كنت أحب أيضا المستشار الألماني ويلي براندت والرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستان، الذي كان قد فاز للتو بالانتخابات الرئاسية، وهذا لم يفاجئني أبدا لأنه كان أكثر أناقة من منافسه، ومع كل هذا فان أفضل رجل بالنسبة إلي، هو رئيسنا صدام حسين، الذي يتجاوز كثيرا كل الرؤساء خاصة فيما يتعلق بالسحر والأناقة».
 
 
 
◄ نظرة وهندام
 
كانت لنظرة صدام قوة خارقة، انه يملك أجمل عينين في العالم، إنهما ناعمتان مثل الحرير وفق عاشقة «الريس».. لقد واجهت سيدة أخرى تدعى سلمى محسن هذه العيون المسدس.. كانت هذه السيدة زوجة رجل سياسي عراقي، تعرّف على صدام أيام كان منفيا في مصر، تقول هذه السيدة: «كان يبتسم ويضحك مع الجميع، لكن عينيه كانتا تحدقان في، فقلت في قرارة نفسي لا يمكن أن يكون سيئا».
 
حتى الرجال أيضا يقعون ضحايا هذه النظرة التي لا يستطيع احد تحملها، وفي هذا الشأن يقول المهندس فوزي شلهوب «لم نكن نستطيع التحديق في عينيه، لقد كان جميلا جدا، مهتما بالنساء، لكن أي شيء يعجبه فيهن يجعله، مُرعبا حتى وإن ابتسم».
 
كان صدام يهتم كثيرا بشكله ومظهره، حيث كان يملك 400 حزام والكثير من أحذية الجلد الضيقة التي كانت تسبب له المسامير في القدمين، مما يضطره الى الخضوع للجراحة بانتظام.
 
كانت خزانة صدام مليئة ولا تنفد مثلما هي آبار النفط، أما خياطه الشخصي، ينحدر من أصول أرمنية ويدعى ساركيس ساركيس، فكان يهتم باستقدام موديلات تم تصميمها في اكبر العواصم الأوروبية.
 
كان لصدام طرقه الخاصة في استقطاب النساء وإرضائهن، أما المبدأ، الذي كان يعتمد عليه، فيقول عنه «تحب النساء أن يملكن أكثر مما هن في حاجة إليه .إننا نراهم يوميا في السوق ونادرا ما يعبرن عن رضاهن بما يجدن، انه أمر فطري لديهن سواء كنا غبيات او ذكيات، وسواء قدمن من الريف او بغداد لا شيء يتغير ولا جدوى من تغييرهن أيضا».
 
ويقول فوزي شلهوب مرة أخرى «كان صدام يحب المحيط النسائي وذات مساء في نهاية عام 1979، اتصل بي مدير مكتبه ليلا وقال لي إنهم ينظمون سهرة، قادني سائق للقصر، فوجدت سبع فتيات جميلات.. كن برازيليات وإحداهن أرسلت للرئيس رسالة قالت له فيها: إنها أحبت كثيرا ماكان يقوم به في العراق وإنها ترغب في لقائي.. لذا دعا صدام كل الصديقات واهتم بزياراتهن السياحية».
 
 
 
◄ عاشقة كردية في مكتبه
 
منذ شهر فبراير 1979، شعر الجار الإيراني بالقلق وتم استبدال آية الله الخميني بالشاه.
 
كان صدام غالبا ما يتردد على نادي الصيد المشهور في العاصمة برفقة ساجدة، لكنه غيّر سلوكياته. يقول مستشار الرئاسة إياد عفلق، وهو ابن احد مؤسسي حزب البعث ميشال عفلق، «منذ ذلك الحين، أصبح أفراد العائلة يتسلون فيما بينهم داخل القصر او في مجموعات ضيقة جدا، حيث لم يكن صدام يرغب في أن يمنح الإسلاميون فرصة للتهجم عليه بسبب سلوكياته الليبرالية والغربية.. وعليه أصبحت للنساء أفضلية الاقتراب من «الريس» في مكتبه الشخصي في قصر الجمهورية.
 
قررت أشتي مربان عاشقة صدام عن طريق المراسلة أن تراقبه، فغسلت شعرها وتعطرت ثم وضعت الماكياج.. لقد كانت تعرف ذوق صدام، انه يعشق النساء اللواتي تفوح منهن رائحة العطر، لكنه كان يوبخ اللواتي يضعن الكثير من مساحيق التجميل على وجوههن.. تقول أشتي: «على بعد ثلاثة أو أربعة أمتار، كنت سأفترس عينيه، لقد كان أكثر جمالا مما كان يظهر عليه في الصور وكان أنيقا جدا.. شعرت بوخز في جميع أنحاء جسدي، مثلما لو كان الجو بيننا مشحونا بالتيار الكهربائي، لقد كانت قوة غريبة تخرج منه باتجاهي وتجذبني.. لقد كانت تهز كل خلية من خلايا جسدي».
 
مرت سيدة اخرى قبل أشتي للقاء صدام، وكان زوجها يرغب في الزواج من ثانية.. لقد قالت له «أنت وحدك من يستطيع أن يحمل السلام إلى بيتي» فأجابها «سأتحدث معه».
 
بقيت الفتاة الشابة لوحدها معه فقال لها «اقتربي أكثر لتحيتي»، نهض صدام ثم جال في مكتبه.. لقد اقترب الرئيس منها، ثم ضمها إلى صدره «لقد وضعت رأسي على كتفه وشعرت ببذلته على خدي، لقد شممت عطره وكان عطرا أخاذا».
 
قال صدام لها «لقد تلقيت الرسالة التي بعثت لي بها .أشتي هو اسم كردي» فأجابت «لست كردية، أنا مسيحية»، لكن صدام استدرك في قوله «كلنا عراقيون سواء كنا عربا او أكرادا أو مسيحيين، وهذا لا يعني أي اختلاف بيننا».
 
قبل أن يفارق صدام الفتاة، أهداها صورة له كتب عليها تاريخ ذلك اليوم 18 سبتمبر 1980.
 
الحلقة الثالثة: صدام يغوي زوجة وزير إعلامه
 
(كيف يتعامل الدكتاتور مع الزوجات والعشيقات) صدام أُغرم بإلهام.. و أُجبر على ساجدة الحلقة (1)
رصين - بعد بضع سنوات قضتها في تقليب أرشيف العديد من الطغاة الذين عرفهم العالم، اكتشفت الكاتبة الفرنسية ديان دوكريه ان رجالا مثل صدام حسين وهتلر وموسوليني وستالين، قضوا أغلب وقتهم في كتابة رسائل غرامية وليس برقيات سياسية، مما دفعها إلى الغوص في علاقات هؤلاء مع زوجاتهم وعشيقاتهم.
 
 لقد اختارت دوكريه ان تتوغل في الحياة الخاصة لهتلر ولينين وموسوليني وستالين وسالازار وماو وتشاوسيسكو وبوكاسا في الجزء الأول من «نساء الطغاة» والذي ترجم الى 18 لغة. اما الجزء الثاني الذي صدر للتو فقد خصصته للحياة الغرامية لفيدل كاسترو وصدام حسين وكيم ابل سونغ وسلوبودان مولوسوفيتش.
 
تقول دوكريه انه بينما كان صدام حسين يحاول حماية زوجته الثانية سميرة الشهبندر من غيرة زوجته الأولى ساجدة، كان كيم آبل سونغ يواجه مشاكل كبيرة في اخفاء خياناته عن عشيقته المفضلة، النجمة الكورية هاي ريم.
 
وبينما كانت ميرا تصحح خطابات ميلوسوفيتش، حاول فيدل كاسترو مرارا تفادي اعتداءات عملية السي اي اي التي لم تكن سوى عشيقته ماريتا.
 
تخفي الحياة الخاصة لهؤلاء الرجال المعروفين بتسلطهم أو شخصياتهم الكاريزمية الكثير من المفاجآت التي تكشف عنها دوكريه، في تحقيقها الذي تضمن شهادات حية لعشيقات وأصدقاء وأطباء وحرس شخصيين.
 
كما تناولت الكاتبة ايضا الحياة الخاصة للإمام الراحل الخميني، الذي تميز بتعامله الإنساني والراقي مع زوجته، وخصصت فصلا كاملا لعلاقة اسامة بن لادن مع زوجاته الخمس.
 
القبس  الكويتية تنشر على حلقات قصص هؤلاء الرجال كما أوردتها الكاتبة.
 
 
 
◄ بغداد في شتاء 1993
 
في قصر صدام حسين، تم تحويل غرفة صغيرة إلى عيادة طبية، كان يتم فيها تحضير الأدوات لإجراء عملية خطيرة. كانت السيدة الأولى ساجدة الطلفاح تنتظر، لقد قررت.. ولم تعد ترغب في هذا الخال الموجود على ذراعها.
 
تم تعقيم المشرط بعناية، فيما كانت إبرة المخدر جاهزة على الطاولة.. رغم كل هذه الاستعدادات، إلا أن الدكتور علاء بشير نسي تفصيلاً صغيراً.. تمت العملية بسرعة وبسهولة، لكن الدم الذي سال من الجرح، فاجأ الطبيب: لقد نسي أن يخدر المكان موضعيا، قبل أن يبدأ في شق الجرح.
 
فوجئ الطبيب بالامر أكثر من ساجدة، التي لم تقل شيئا، حتى أنها لم تصرخ ولم تشك أبدا.
 
خاف الدكتور على المريضة فسألها «هل كان الأمر مؤلما؟
 
- نعم ولكن.. حين نستطيع الصمود أمام صدام، نتحمل هذا أيضاً.
 
في تلك الفترة كانت القنابل الأميركية قد توقفت عن السقوط على العاصمة العراقية بغداد منذ أقل من عام، لكن قوات النظام كانت لاتزال قوية، رغم فقدان أكثر من 200 ألف جندي خلال تحرير الكويت من قبل قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.. لقد كانت العقوبات قوية وثقيلة لأن صدام فكر في أن يحول الكويت إلى المحافظة العراقية التاسعة عشرة.
 
 
 
◄ تكريت 1946
 
غادر صدام حسين التكريتي بيت العائلة وقرر ألا يعود إليه، واستقر عند خاله خير الله طلفاح.
 
توفي والد صدام قبل أن يولد، وحين بلغ العاشرة من عمره، تزوجت والدته مرة ثانية برجل صعب المراس يدعى الحاج ابراهيم الحسن «ودون شك بسبب العقلية الريفية، كنت استيقظ باكرا لأجمع الحطب، كانت تلك مهمتي اليومية في الشتاء والصيف ومهما كان الوقت، كما كنت أساعد أيضا والدتي في حلب البقرات والنعجات التي نملكها. كنت أنفذ بدقة أوامر الحاج الحسن».
 
لكن العلاقة ساءت بين الفتى وزوج أمه، لذلك لم يكن أمام صدام من خيار، سوى أن يقضي أيامه خارج البيت، حتى يهرب من دكتاتورية الرجل.
 
كانت صبحة طلفاح امرأة حيوية، تميزت بتعدد زيجاتها. انها امرأة بدوية، حافظت على تقاليد البدو حيث كانت ترتدي بفخر الأساور الكثيرة وأما جبهتها وخداها فكانت مزينة بالوشم. لم تكن هذه المرأة تتردد في التجول عارية الذراعين، وهو ما كان يعتبر أمرا وقحا ومستهجنا في أرياف العراق البعيدة.
 
ترددت في تلك الفترة إشاعة مفادها أن زوجها الأول ووالد طفلها الوحيد، هرب من هذه المرأة العنيدة.
 
رفضت صبحة طوال حياتها ارتداء الملابس الغربية أو أن تُلتقط لها صور، لقد كان صارمة في مواقفها وصدام لم يستطع أبدا إقناعها بأن تكون لها صورة على ورق مصقول، لذلك أرسل موفدين عنه إلى كل العراق من أجل البحث عن رسام قادر على رسمها، من دون أن تكون موجودة أمامه. يقول رئيس البروتوكول السابق لصدام «لقد عمل الرسام متخفيا وراء مرآة غير مصبوغة حتى لا تدرك صبحة أن هناك من يرسمها».
 
 
 
◄ في بيت الخال خير الله
 
بدا بيت الخال طلفاح أكثر ترحابا بالولد، خاصة في وجود أطفال آخرين في مثل عمره، كابنتي خاله ساجدة والهام بالإضافة إلى شقيقهما عدنان. كانت ساجدة أكبر من شقيقتها، حيث احتفلت ذلك العام بعيد ميلادها العاشر، وكانت تشارك صدام اللعب ومعه أيضا كانت أولى خطواتها في المدرسة.
 
بسرعة أصبح صدام تلميذا نجيبا، وعن أول يوم له في المدرسة، يقول أحد زملائه «في ذلك اليوم لم يتوقف عن رفع دشداشته، حتى يرى زملاؤه ملابسه الداخلية، كان يعتقد بأنها أفضل شيء يملكه الفرد ويتمنى ابرازه»!
 
وتعرف ساجدة جيدا ما يمكن أن ينجم عن غياب الأب، فخير الله طلفاح، عسكري شاب، ناضل ضد الحماية البريطانية في العراق في عام 1920، وبينما انتقلت ابنته الى الصف السادس، انتهز خير الله ضعف الانكليز المؤقت، ليحاول برفقة مجموعة من الضباط تشكيل حكومة متعاطفة مع النازيين لطرد انكلترا من البلاد، لكن القي القبض عليه وسجن طيلة خمس سنوات بقيت خلالها ساجدة مثل اليتيمة.
 
 
 
◄ الجندي المراقب
 
ساجدة هي أفضل شاهد على أول المشاعر السياسية التي كانت تسيطر على ابن عمتها صدام، لقد كان منتبها لتعليمات الأب البديل خير الله، وناضل الى جانبه في انتفاضة 1952 ضد الوجود العسكري البريطاني الذي كان يحول دون تمتع العراق بالاستقلال الفعلي.
 
تبع صدام خطوات خاله، لذلك حاول بعد عامين اجتياز مسابقة للانضمام الى الأكاديمية العسكرية لكنه فشل، وأما ساجدة التي كانت ترغب في أن تصبح معلمة، فقد واصلت تعليمها بينما هو اضطر لاعادة توجيه أوهامه الضائعة، وأصبح زعيم عصابة سرية.
 
ففي أكتوبر من عام 1959، أقتُرح عليه أن ينفذ مهمة «لقد رفض عبد الكريم قاسم ضم العراق لجمهورية ناصر، فتم تشكيل كوموندو، كان صدام الجندي المراقب فيه، وكانت مهمته تقتصر على اعطاء اشارة الهجوم الفاشل، ولم يتمكن من الهروب بعده، الا صدام، رغم الرصاصة التي أصابته في ساقه.
 
وتنكّر صدام في زي امرأة، وغادر بغداد عبر الصحراء باتجاه سوريا، وهذه لم تكن المرة الأولى التي لاحظت فيها ساجدة أن صدام غادر بيته في سبيل معتقداته.
 
بعد فترة قصيرة قضاها مع البدو، وصل الهارب بسرعة إلى القاهرة، حيث عاش على معونات كان يوفرها له متعاطفون مع النظام الناصري.
 
 
 
◄ في القاهرة
 
استـأنف صدام دراساته في احدى ثانويات حي الدقي الراقي، وتسجل في كلية الحقوق القاهرية.. في تلك الفترة ابتعد صدام عن الصعلكة، حيث أصبح الطالب الشاب يتردد على شرفات مقاهي انديانا وتريامف لشرب الشاي والحديث عن الاشتراكية والوحدة العربية أو للعب الشطرنج.. كان كتوما وغير مهتم بالآخرين وفق أحد المقربين منه، كما كانت لا تُعرف عنه أي مغامرات مع الجنس الناعم، حيث كان يؤكد بأنه كان يقضي معظم وقته في القراءة وليس في الخروج.
 
كتب صدام لزوج والدته رسالة بعد بضعة أشهر من استقراره في القاهرة، عبّر له فيها عن رغبته في الزواج، كما أخبره بأنه اختار أن تكون ابنة خاله خير الله زوجة له.. كانت ردود الفعل مفعمة بالحماسة في بيت الوالدة «بفضل الله، اتخذ الولد القرار الصائب، لأن الزواج عند كل العائلات المتدينة في البلاد وخاصة الزواج المبكر، يحمي من الضلال ويقي من الاغواء» بسرعة توجه زوج الأم السعيد لخير الله لينقل له الطلب، الذي قبله هذا الأخير مباشرة.
 
لقد كان صدام مغرما بابنة خال اخرى، آخر موعود بها وفق صديق له «لقد تحدث عنها وكان يفكر في الزواج بها، لقد كان حب الشباب، وأما ساجدة فقد كانت مثل أخته، وكان يصعب عليه أن يحبها كزوجة».
 
هذه الرغبة كانت تهدد وحدة العشيرة، فوفق التقاليد البدوية، احتفظ خير الله بابنته الكبرى لابنه بالتبني منذ الطفولة، وكان الزواج باخرى غير ساجدة يعني خيانة كبرى. فرضخ صدام لتقاليد العشيرة.
 
انهى انقلاب عسكري خطط له حزب البعث والاستخبارات الاميركية حكم قاسم في فبراير من عام 1963، ما سمح لصدام بالعودة إلى البلاد وكان يرغب في إتمام مراسيم زواجه.
 
 
 
◄ الهروب من السجن
 
احتفل صدام وساجدة أخيرا بزفافهما والتقطا صورا لذلك. كانت العروس ترتدي بروشا وأقراطا، فيما كان مكياجها خفيفا وشعرها بني قصير، أما العريس فقد تخلص ذلك اليوم فقط وبصفة استثنائية من شنباته وارتدى بذلة وربطة عنق.
 
استقر الزوجان في حي راغبة خاتون البغدادي في منزل صغير، لكنه عصري، له شرفة لكن نوافذه تم حمايتها بقضبان حديد، لم يعش الزوجان سوى فترة قصيرة مع بعضهما، حيث أوقف البوليس السري صدام في شهر نوفمبر، بعد أن قرر العسكر في السلطة تجاوز حزب البعث.
 
تمكن صدام من الفرار من السجن في يوليو 1964 بعد حوالي 20 شهرا قضاها محبوسا، بعد أن انتهز فرصة نقله من السجن إلى المحكمة، حيث دعا الحراس إلى تناول الإفطار في مقهى وبينما كانوا منهمكين في الأكل، فر من الباب الخلفي.
 
على هذا النحو انتقل صدام إلى العمل السري، أما مهمته فكانت مساعدة احمد حسن البكر في الاستحواذ على السلطة، لكنه لم يفشل هذه المرة في المهمة، حيث أصبح قريبه رئيسا للبلاد في عام 1968 بعد انقلاب عنيف آخر.
 
 
 
◄ تحسن الأوضاع
 
أصبح الفتى الموهوب وزيرا للتربية والدعاية ورئيسا للمجلس المركزي للثورة، وكانت تحت امرته أجهزة المخابرات في الحزب والدولة، وهو منصب جعل منه الخليفة المحتمل. ألقى صدام بكامل ثقله وطاقته في هذا المنصب، متجاهلا ساجدة وأطفاله الثلاثة قصي وعدي ورغد التي ولدت عام 1967.
 
كان صدام يعتني كثيرا بالتفاصيل، ويفضل البذلات المخططة، فاتحة اللون والسترات ذات الأزرار الأربعة، كما كان يملك مجموعة كبيرة من ربطات العنق، التي كان جريئا في ارتداء الألوان الزاهية منها
 
ويقول المهندس اللبناني فوزي شلهوب، الذي كان يعمل لمصلحته، «لقد كان أنيقا دوما ومغرما بخياطي الماركات خصوصا الفرنسيين، وكان يعتني كثيرا بتناسق ربطات العنق مع القمصان، كما كانت أحذيته مصنوعة دوما من الجلد، وكان ينهي مظهره دوما برشة عطر (ويقول المتحدث ذاته أيضا أن صدام كان يغير ملابسه ثلاث مرات في اليوم).
 
لكن وراء ما يبدو بسيطا، كان صدام يراهن على مظهر يختلف تماما عن مظهر الحكام التقليديين في دول الشرق الأوسط، لقد كان يراهن على صورة أكثر استقطابا للدبلوماسية الدولية.
 
 
 
التأنق والعروبة
 
سعى صدام إلى تعزيز دوره كرب عائلة في عام 1972 مع ميلاد ابنته حلا، حتى أن الصحف العراقية احتفلت بابنة «القائد» و«السيد النائب» ونشرت صفحة كاملة تتضمن صورا للأبوين مع المولودة الجديدة.
 
بعد مرور فترة على ميلاد حلا، قرر صدام أن يعطي حياته الاجتماعية دفعا جديدا، لذلك قرر الزوجان تنظيم حفلة على نهر دجلة على متن باخرة اجراها للاحتفال بهذه المناسبة.. كان الجميع يرقص ويضحك، حين أمر احد الضيوف القبطان بالرسو في جزيرة أم الخنازير.
 
وتقول إحدى المدعوات «حين نزلنا، فوجئنا بشاب كان في انتظارنا.. لقد كان يرتدي بذلة بيضاء اللون، وأما قميصه وحذاؤه فكانا أبيضي اللون أيضا.. لقد كان يلمع تحت ضوء القمر.. تساءلنا من يكون الرجل؟ حينها نطق رجلان كانا إلى جانبه «إنه صدام حسين».. حدقنا في بعضنا، لكن لا أحد منا كان يعرفه.. لكني كنت الوحيدة التي طرحت السؤال بصوت عال: ومن هو صدام حسين؟ فنطق احد الرجلين وقال: أنتم أمام نائب رئيس العراق.. كان صدام حينها غير معروف من قبل الشباب وكان يسعى لبناء تحالفات.
 
بدأ صدام بمصافحة الضيوف ودعوتهم لتناول المشروبات التي استقدمت إلى هناك عن طريق باخرة اخرى.
 
وتقول علياء سلبي زوجة من أصبح بعد سنوات من هذا اللقاء الطيار الشخصي لصدام حسين «لقد تأثر كل منا بشخصيته الساحرة وقضينا سهرة جميلة جدا».
المؤلفة والكتاب
الحلقة الثانية: لم يثق صدام بصديق إلا بعد أن يثق بزوجته
 
 
 
 
الحلقة السادسة: لم يكن صدام يقضي الليل مع امرأة