Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    14-Sep-2017

الكتابة عن سوريا ولها.. - محمد كعوش
 
الراي - عجيب! اين تنظيم داعش، أين رجاله وجموعه المتوحشة المتعطشة للدم، أين دباباته ومدافعه واسلحته الثقيلة والخفيفة، بعد هزيمته وفراره من المدن والأرياف في سوريا والعراق؟!
 
الكل مندهش ومستغرب اختفاء تنظيم بهذا الحجم باسلحته ومسلحيه، هل هو سراب ام أنه كان يلهث وراء السراب؟! خلال ايام قليلة اشتدت فيها السواعد والبنادق تحول كل ما ملك وحمل الى «حبة ملح وذابت» حسب القول الشعبي مع بعض التحريف كي لا أقول ما هو أسوأ.
 
هذه الظاهرة تبعث بعض الشكوك والظنون، بأن الذين صنعوا هذا التنظيم ساعدوه على الأنسحاب لأنقاذ ما يمكن انقاذه، ففتحوا له بوابات الفرار، وطرق الإتجاه المعاكس للتسلل شمالا، وهي الطرق التي اصبحت سالكة بعد الإنهيار الكبيرالذي تسارع مع وقف التمويل والتسليح والتدريب الى حد ما!
 
اليوم نشهد آخر تفاصيل المشهد الأخير، بانتظار الخاتمة. المشهد واضح والقتلة واضحون، ولم يعد بوسع احد ان يدّعي عدم الفهم رغم تعقيدات المشهد الذي انتج موتا جماعيا مجانيا في أرض ملتهبة اسمها سوريا العربية، كي لا تنكسر موجة «الربيع العربي» في منتصف الطريق، ويعود كل شيء الى بداياته. هذه الجموع المتوحشة من الطائفيين والمذهبيين المتطرفين انغمست في مشروع تخريبي كبير، وتحولت الى ادوات مأجورة تخدم هذا المشروع المشبوه الساعي الى تفكيك الدول العربية وتقسيمها واقامة الشرق الأوسط الجديد، لذلك أطلقوا النارعلى سوريا الشعب والدولة والهوية والشجر والحجر، في محاولة لرسم مشهدهم الخاص، دون ان يدركوا ان التئام الجرح في جسد الدولة عزز مناعتها ضد هذه الحرب الكونية الفوضوية. نعترف بأن صمود الشعب وتماسك الجيش وثبات مؤسسات الدولة أفشل هذه الحرب المصطنعة، وخلق حالة لم يدركها أو يتوقعها المخططون، فالشعب السوري الصابر قدم تضحيات كبيرة ودافع عن وطنه ووحدته وكرامته وحقه في الوجود، وأثبت أنه قادر على الحياة والفرح، فلم ينقلب على ذاته واستطاح ان يحوّل مرحلة عابرة من التخريب الى انتصار.
 
صحيح أنه ليس في الحاضر العربي ما يستحق الثناء، هناك أنظمة عربية كثيرة تحتاج الى التكفير عن خطاياها وتبرئتها من التقصير تجاه شعوبها، ولكن ليس عبر اشعال الحروب الأهلية والأستعانة بالمرتزقة لتدمير العراق وسوريا وليبيا واليمن ونشر الأرهاب في سيناء، لأن الرياح قوية والأعاصير شديدة وقد تحمل نار الأرهاب الى كل الجهات.
 
كل هذا الخراب حدث باسم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ولكن أليس لهذه الديمقراطية الغربية سوى تدمير البلاد العربية؟ الجواب واضح، فالمسألة لا تتعلق بكل هذه الشعارات والعناوين، لأن ما حدث يصب في طاحونة «المشروع الكبير» الذي تورطت فيه اطراف عربية واقليمية ودولية، هدفه تفتيت البلاد العربية وانهاء الصراع العربي الأسرائيلي وتصفية القضية الفلسطينية. اليوم، بعد الحسم العسكري، والتقدم مع رياح الشمال، حيث نقف على مشارف النهاية المرة، أصبح من حق الشعب السوري أن ينتقل من مرحلة العنف والفوضى والموت الى وقت الحياة والفرح والإعتزاز بالورد الدمشقي الذي دافع عن كرامته، وفي هذا الوقت تليق الكتابة عن سوريا ولسوريا التي استعادت روحها وحافظت على وحدة شعبها وارضها.
 
وبمناسبة الحديث عن وحدة ارض وشعب سوريا يجب الإنتباه جيدا أنه من غير المقبول سوريا وعربيا واقليميا بقاء اي تنظيم مسلح في الشمال، حيث تقاتل القوات الأميركية الى جانب الفصائل الكردية في محاولة لفرض اقليم كردي في الشمال السوري. أما المعارضة، بعد الحسم العسكري اصبحت مرتبكة رغم بقاء الدعم الإعلامي الكامل، نراها تحاول انتاج واقعها الجديد الذي يساعدها على البحث عن مخرج للخلاص، والى ان يتحقق ذلك ستظل تلهو بلغة التفسير والتبرير لموقفها واخطائها وخطاياها، لأن الإصلاح لا يتحقق بالسلاح والعنف والفوضى والأجندات الخارجية.