Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Apr-2019

مؤتمر بروكسل ومحليّة العمل الإنساني مدير مشاريع منظمة النهضة العربية «أرض»* عبير عمارين

 الراي-التباين بين ما يناقش في أروقة المؤتمرات والمحافل الدولية، وبين واقع الاحتياجات والأولويات الفعلية على أرض الواقع.. هذا هو الانطباع الذي سيخرج به مَن ذهب وشارك في «مؤتمر بروكسل» الثالث حول الأزمة السورية الذي استضافته العاصمة البلجيكية الشهر الماضي!

 
فمع دخول الأزمة السورية عامها التاسع، ومع استمرار تحمّل اللاجئين السوريين والمجتمعات المستضيفة لهم، الكثير من الصعوبات والتحديات.. اختار المؤتمر لنفسه اسماً يهرب إلى الأمام: «أيام الحوار - دعم مستقبل سوريا والمنطقة»!
 
المؤتمر تطرّق إلى العديد من المواضيع بعناوين عريضة باعتبارها أولويات تحتاج إلى الدعم وحشد الموارد وإيجاد الحلول المناسبة: التمكين الاقتصادي والمدني للشباب، النزوح والحلول الشاملة، الانتعاش الاجتماعي والاقتصادي الإقليمي، الحماية، المساءلة والعدالة والتماسك الاجتماعي، التعليم وحماية الطفل.
 
ولكن حتى لو سلّمنا أن هذه المواضيع هي كلّ الأولويات وأولى الأولويات، الإشكالية كانت تظهر دائما عندما يتم طرح سؤال: ما هو المطلوب؟ وماذا الآن قبل التساؤل ماذا بعد؟!
 
المجتمع الدولي لديه تصوراته ومقترحاته النظرية الخاصة.. والتي لا تتطابق بالضرورة مع واقع الحال كما تعيشه وتعاينه لحظة بلحظة ويوما بيوم الدول المعنية، والمنظمات الوطنية المعنية، وحتى اللاجئين والمجتمعات المحلية المستضيفة أنفسهم.
 
الدول المستضيفة من ضمنها الأردن جددت التزامها باستضافة ودعم اللاجئين السوريين إلى أن يصبح الوضع آمنا في وطنهم الأم من أجل العودة، من دون حتى مجادلة هذه الافتراضات المسلم بها حول حقيقة الوضع الأمني الداخلي في سوريا.. ولكن إلى أن يتسنى للاجئ السوري ممارسة حقه الإنساني والطبيعي بالعودة، كيف ستستطيع هذه الدول الاستمرار بالقيام بما تقوم به في ظل ما تواجهه من صعوبات؟
 
الأردن على سبيل المثال، والذي يعاني من صعوبات اقتصادية، ويعاني من مديونية مرتفعة، ويعاني من ارتفاع كلف المعيشة، ويعاني من ازدياد معدلات البطالة، وقانون ضريبة الدخل الجديد من جهة، وتعديلات قانون العمل المزمعة من جهة أخرى، وحِراكات اجتماعية وشبابية وعمّالية ومطلبية من جهة ثالثة، والذي قام لغاية الآن بإصدار (136000) تصريح عمل لسوريين، منها (6000) تصريح لنساء.. كيف يمكن للأردن منفرداً التوفيق بين هذا كلّه وبين ما يطرحه اللاعبون الدوليون من تصورات وحلول؟!
 
خلاصة الكلام، مؤتمر بروكسل هو مثال صارخ على أهمية مبدأ «محليّة العمل الإنساني»، وهو المبدأ الذي أكّد عليه مؤتمر إسطنبول 2018 وقرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم (61/134).
 
الأهمية هنا لا تقتصر فقط على مشاركة منظمات المجتمع المدني المحلية في تسيير العمل الإغاثي والإنساني الذي يتم على ترابها الوطني (وفي هذا الكثير ليُقال)، بل وأيضا لعب دور أكبر يتجاوز المشاركات الرمزية أو البرتوكولية بحيث يكون لهذه المنظمات الوطنية دور حاسم في رسم الأولويات والحلول العملية التي تستجيب للصعوبات الفعلية على أرض الواقع.
 
ما دون ذلك سيبقى هذا التباين بين ما يطرح نظرياً في المؤتمرات وما يحدث فعلياً على الأرض، وهو ما يعني استمرار المعاناة اليومية بالنسبة للاجئين والدول والمجتمعات المستضيفة على حد سواء!