Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Nov-2017

الدور الاستراتيجي لاقتصاد الانترنت في تحفيز النمو الاقتصادي والفرص الضائعة في الاردن - عدي ماهر الواكد

 الراي - لا شك أن من أبرز ملامح التحديات الاقتصادية في الدول النامية خصوصا في وقتنا الحالي تكمن في كيفية التوفيق بين تحقيق تحفيز اقتصادي يسهم في عجلة النمو وبين التزامات الدول الاقتصادية الأساسية الأخرى والتي تستنزف معظم موازناتها كسداد الديون. واذا أخذنا بالاعتبار الدول التي تستهلك مديونيتها نسبا مخيفة من الناتج المحلي الاجمالي تصل لأكثر من 95 بالمئة كما في الحالة الاردنية فعندها تصبح فرص تحقيق تحفيز اقتصادي أكثر تحديا نظرا لانخفاض مستوى الانفاق الرأسمالي, من هنا يمكن أن تكون النظرة أوسع نحو اجتراح حلول اقتصادية تلجأ لاستغلال الفرص المتاحة من بعض الاقتصادات الخفية والتي يمكن الاستفادة منها في الدول النامية كاقتصاد الانترنت وخصوصا الجانب المعتمد على العمل الالكتروني والذي يتميز بكونه يوفر مناخا استثماريا لا يحتاج الى انفاق كبير و يساهم في مكافحة الاشكالية الأزلية في الفقر والبطالة.

 
عند النظر الى مفهوم العمل الالكتروني تبرز الحاجة الى تعديل مفهوم ملتبس على الكثيرين وهو الفرق بين العمل الالكتروني والتجارة الالكترونية التي تعمل على انجاز بعض المعاملات المتعلقة بالعمل الربحي على الانترنت( التحول الرقمي عبر الانترنت), فتعريف العمل الالكتروني هو القيام بتعاملات ربحية تجارية على الانترنت بحيث يكون نطاق العمل كله محصورا في الوسيلة الالكترونية مثل المزادات أو تقديم خدمة تسويق على الانترنت مثلا وهذه كلها أعمال الكترونية لا تحتاج الى مكتب وشركة وقد يتم ادارتها من المنزل في الكثير من الأحيان, أما التجارة الالكترونية والتي تعتبر جزءا من نطاق أعمال مؤسسة تجارية موجودة على الارض ولكن قد تشمل تعاملاتها الشراء الالكتروني عبر الانترنت مثلا لإنجاز عمليات تجارية معينة فهذه تعتبر تعاملا الكترونيا يعد جزءا بسيطا أو كبيرا من نطاق عمل أشمل للمؤسسة التجارية والغير معتمد على العمل الالكتروني بشكل كامل.
 
انطلاقا من هذين المفهومين يمكن التمييز بين ما قامت به بعض المشاريع الناشئة من الاعتماد كليا على الانترنت في عملها وما قامت به شركات اخرى من اعتماد جزئي من خلال بعض معاملات التجارة الالكترونية, ولكن في كلتا الحالتين تبرز أهمية النظرة الى مساهمة هذه التعاملات التجارية الالكترونية في التقارير المالية السنوية للأعمال على مستوى الاقتصاد الجزئي أما على مستوى الاقتصاد الكلي فلا زلنا في الاردن نفتقد لهذه الاحصائيات حول مساهمة الأعمال الالكترونية أو تعاملات التجارة الالكترونية في الناتج القومي الاجمالي.
 
لو نظرنا الى شركات عالمية كبرى كالفيس بوك واليوتيوب وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي أو أمثلة لأعمال صغيرة كبعض مواقع الأخبار الالكترونية نجد أن ايراداتها المالية تعتمد بشكل أساسي على الاعلانات الالكترونية وهي وسيلة من وسائل العمل الالكتروني, ولكن هناك شركات كانت تعتبر في الماضي القريب شركات تقليدية أي تعتمد على نظام العمل الورقي والهاتف والبريد الا انها أصبحت في عصرنا الحديث شبه الكترونية بالكامل باستثناء مكتب لتسيير بعض الأعمال, فعلى سبيل المثال لا الحصر, تقوم بعض شركات الوساطة التجارية في العالم بالاعتماد كليا على الانترنت في عملها بحيث انها توفر للمستثمر بوابة رقمية كي يتاجر من خلالها ولم يعد قرار المتاجرة معتمدا على اتصالات هاتفية حول وضع السوق بل أصبحت المعلومات جميعها الكترونية ولحظية, وأما تنافسية تلك الشركات فتعتمد على عوامل متعددة كسرعة بواباتها الرقمية التي تتيح للمستثمر الشراء أو البيع في جزء من الثانية وبلا تأخير وتوفير المعلومات الاستثمارية التي تدعم القرار وبشكل ميسر وسريع.
 
على مستوى الأفراد العاملين فهناك وظائف كثيرة يوفرها العمل الالكتروني كتسويق المنتجات وبيعها وأيضا العمل على مشاريع صغيرة كالترجمة والأبحاث. بالنسبة لأصحاب العمل فالإنترنت يشكل اقتصادا كاملا يمكنهم من خلاله الترويج لمشاريعهم وبأقل التكاليف حيث لا يلزم سوى بناء موقع وترويج الفكرة من خلاله كي تصل للمستهلك وهي في كثير من الأحيان لا تحتاج من صاحب العمل أن يكون متواجدا في مكان رسمي أي يمكن أن يعمل من خلال المنزل.
 
الدول المتقدمة تمكنت من التقاط المؤشرات الإيجابية للعمل الالكتروني ففي الولايات المتحدة أظهر تقرير المقاول الدولي أن أكثر من نصف المقاولين الأميركيين ينشؤون أعمالهم من Entrepreneur Global المنزل ويستمرون بإدارتها من المنزل بعد فترة الانشاء، حيث يعزى ذلك الى كون أعمالهم لا تحتاج أكثر من خدمة اتصال بالإنترنت وجهاز حاسوب وبعض التكنولوجيا المتاحة للاتصال. بينما أظهرت دراسة حديثة من مؤسسة ويبرو لللأبحاث أن أكثر من 61 بالمئة من الأميركيين و71 بالمئة من البريطانيين يقومون بشراء غالبية سلعهم من خلال الانترنت.
 
في عصر الفقر و البطالة والتحديات الاقتصادية التي تواجه الاردن أصبح العمل الالكتروني ضرورة ملحة وبوابة للحل في نفس الوقت الا أنه أيضا يحتاج الى ادارة وطنية كي تقوم بتدريب وتعريف المواطن به و تقديم النصح والارشاد له, فكثير من فئات المجتمع كربات المنزل والمتقاعدين والشباب العاطل عن العمل لديهم الوقت الكافي الذي يمكنهم من خلال العمل الالكتروني زيادة مداخيلهم الشهرية, وفي نفس الوقت أهمية ان تتولى الدولة مبادرة وطنية للعمل الالكتروني أيضا لضمان الاستفادة من هذا القطاع الاقتصادي الذي يمكن تحفيزه ووضع ضوابط تشريعية لعمله لخدمة الاقتصاد الكلي الذي بات يحتاج لابتكار حلول ناجعة أكثر من أي وقت أخر, فهل تلتقط الدولة هذه الفرصة أم أننا سنعبر عنها نحو الحلول التقليدية وهي جيب المواطن؟ مجرد تساؤلات..