Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Mar-2018

الأردن صمام أمان الشرق الأوسط - د. شهاب المكاحله

الراي -  شاركت أخيرٍأ في مؤتمر في العاصمة الاميركية واشنطن عن الارهاب وسبل مكافحة التطرف ودور الدول في الشرق الاوسط في التصدي لظاهرة التطرف والارهاب، وكانت لي مداخلة مع مستشار الأمن القومي الاميركي الجنرال هيربرت ماكماستر الذي سالته سؤالا عن موقفه من الأردن والدور الاردني الاقليمي خصوصا لما عاناه الأردن طوال سنوات عجاف بسبب الحرب على الارهاب في سوريا والعراق، فأجاب وبكل صراحة وإعجاب:» «نحن نقدر حقا ما يفعله الأردن حتى الآن ونحن نفهم تماما ما تواجهه المملكة الأردنية الهاشمية. نقدر تعاوننا مع الأمن الأردني المحترف جدا على المستويين الإقليمي والدولي. نحن فخورون حقا بأن يكون لنا مثل هذا التعاون القوي مع الاردن الذي يعد صمام أمان منطقة الشرق الاوسط».

 
هذه شهادة من أحد كبار المسؤولين الأمنيين الأميركيين التي تعكس بحق الدور الذي يلعبه الأردن في الاستقرار ليس فقط في الشرق الأوسط ولكن أيضا في العالم.
 
نعم، لا يمكن لأحد أن يتخطى الدور الذي يلعبه الأردن في منطقة الشرق الأوسط، مع الأخذ في الاعتبار أن الأردن يقع بين إسرائيل وسوريا والعراق والمملكة العربية السعودية وقد عانى لسنوات من حالة عدم الاستقرار في العراق وسوريا وبخاصة بعد أحداث «الربيع العربي». لقد أثبتت تلك الاحداث ترابط وتشابك دول المنطقة وقضاياها؛ فلن يكون هناك سلام في الشرق الاوسط بدون تحقيق الامن والاستقرار للمنطقة وأهلها سوى بحل الدولتين والتعايش بين الجميع ونزع فتيل حروب الوكالة والنزاعات الطائفية.
 
ولما كان الأردن دوما على فوهة بركان، فإن أية حالة من عدم الاستقرار والفوضى في المملكة لأسباب أمنية أو لصعوبات اقتصادية ستؤدي إلى زعزعة في بلدان أخرى لأن الأردن هو «صمام الأمان» في المنطقة، لذلك تعتبر المملكة ذات أهمية كبيرة للغرب، وبخاصة الولايات المتحدة الاميركية، على الرغم من قلة عدد السكان والناتج المحلي الإجمالي ولكن ونظرا لموقع الاردن الاستراتيجي والجغرافي، بدأت المملكة تلعب دورا محوريا في تشكيل الطيف السياسي في المنطقة من خلال علاقاتها الثنائية مع الولايات المتحدة ومن خلال علاقات مع لاعبين عالميين آخرين، وهو دليل قوي جدا على أن الاردن يمثل نموذج الاعتدال من حيث الدين والسياسة التي ينبغي للآخرين التعلم منها.
 
لكن المشكلة الكبرى تكمن في انشغال المنطقة بحروب الوكالة وحروب طائفية. فإذا ما اندلعت حرب — لا قدًر االله — فإنها ستكون حربا غير تقليدية وبخاصة بعد تحذيرات أميركية لإيران وسوريا وكوريا الشمالية والرد الروسي بأن أي عدوان على حلفاء موسكو هو بمثابة عدوان على موسكو ما يستدعي ردا مباشرا من جنس ذلك العدوان. وهنا يتبين لنا أن الخطر لا يكمن في التهديدات الارهابية التي تحيط بالاردن بل من اندلاع حرب اقليمية تتحول الى عالمية تكون ملامحها «تكسيرعظم» لانها حرب وجود لعدة دول وصراع على المياه الدافئة والموارد الاقتصادية.
 
حاولت بعض القوى الإقليمية التلاعب بالسياسة الداخلية الأردنية من خلال حرمان الأردنيين من المساعدات الاقتصادية والمالية أو من خلال مساومة أجندات سياسية للدعم الاقتصادي: لكن الاردن لم يقدم أي تنازلات عن حقوقه رغم أن الاردنيين بين مطرقة الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني والسندان السني-الشيعي. ولكل منهما أثر سلبي على الأردنيين وظروفهم المعيشية.
 
واليوم، يرسل الأردن إشارات سياسية مختلفة إلى اللاعبين السياسيين الرئيسيين في الشرق الأوسط وفي العالم أيضا. ويذكر ان عمان تحاول دوما اقناع الحكومات الغربية وغيرها بالمخاوف الأمنية والعسكرية والاقتصادية الأردنية.
 
وباختصار، فإن رأي المحللين الأميركيين في ما يمر به الاردن اليوم يمكن تجاوزه في حال مأسسة العمل الحكومي ومحاربة الفساد والوقوف صفا واحدا وفق رؤى استراتيجية تحقق الطموح والحلم للشباب الاردني بحياة افضل. لا يمكن تجاوز الاردن رغم كل محاولات تهميشه في «قضية القرن» التي باتت الشغل الشاغل للعديد من السياسيين اليوم. فالاردن رقم صعب في معادلة الشرق الأوسط الجديد.