Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Jun-2019

هل هي نهاية الصفقة؟* د.باسم الطويسي

 الغد-الامم المتحدة تعلن رفضها حضور مؤتمر البحرين المزمع عقده نهاية الشهر المقبل والذي بات ينظر اليه على اعتبار أنه المقدمة الاقتصادية لمشروع التسوية السياسية (صفقة القرن) التي تحاول الادارة الاميركية فرضها لحل الصراع التاريخي في الشرق الأوسط، كما هوالحال أعلنت الصين وروسيا مقاطعتهما للمؤتمر.

في هذا الوقت فشل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومة ائتلافية. حيث صوت نواب إسرائيليون لصالح حل البرلمان ( الكنيست )، أي ان الانتخابات الثانية ستجرى في شهر ايلول الماضي، وهي المرة الاولى في تاريخ اسرائيل التي يفشل فيها رئيس وزراء منتخب من تشكيل حكومة، وهذا يدلل على حجم الأزمة السياسية في اسرائيل، ويعني عمليا أن لا شريك اسرائيليا خلال الاشهر الثلاثة القادمة لمناقشة ملف الصفقة في الوقت الذي ستدخل فيه الولايات المتحدة بحمى التحضير للانتخابات الرئاسية القادمة 2020، وبالتالي تجميد الملفات الكبيرة وتراجع مساحة النشاط الدبلوماسي الخارجي. 
في مقابل كل هذه التطورات الاجرائية لم يعمل الزمن على ترويض الرافضين التقليديين للصفقة وهم الفلسطينيون بالدرجة الاولى ثم الاردنيون، بل ما جرى بالفعل أن الأحداث باتت في بعض مؤشراتها تسير نحو منحهما المزيد من النقاط وربما قريبا المزيد من الحلفاء. 
لقد ابقى مؤتمر قمة مكة الأخير الخطاب السياسي العربي في حدوده التقليدية وعلى الرغم من أنه منح التهديد الايراني لدول الخليج العربي الأهمية الأبرز ومنحه الأولوية على القضية الفلسطينية، إلا أن المؤتمر المنعقد تحت التأثير الاميركي الكبير لم يستطع مغادرة مربع الالتزامات العربية التلقيدية التي اعتاد عليها الخطاب السياسي العربي الرسمي وعنوانها الالتزام بمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، وهو الأمر المناقض لأطروحة مستشار الرئيس الاميركي جاريد كوشنر الذي يحمل ملف هذه الصفقة، تلك الأطروحة التي تحاول أن تبني تصورات جديدة للحلول بعيدا عن قرارات الامم المتحدة التاريخية حيث تستند اطروحته السياسية على أن الشرعية الدولية فشلت في إيجال الحل للصراع ما يعني حسب زعمه البحث عن حلول خارج إطار هذه الشرعية، وفي الوقت الذي تدير الإدارة الإميركية صفقتها بالتسريبات الإعلامية الغامضة فإن كل ما هو معروف عنها انها لا تعترف بحل الدولتين ولا تعد الفلسطينيين بدولة مستقلة ذات سيادة. 
السيناريوهات المتوقعة خلال الايام والاسابيع القادمة تبدأ من احتمالات محدودة لتأجيل مؤتمر البحرين اذا ما اعلنت اطراف جديدة عدم حضوره مع العلم ان العديد من الاطراف الرئيسة والمؤثرة لم تعلن بعد عن حضورها من عدمه، وما تزال في مرحلة جس النبض بعدما بات واضحا ان الاطراف المنظمة والداعية لهذا المؤتمر اصبحت اقل قدرة على توفير تكييف سياسي مقبول لهذا المؤتمر، السيناريو الاكثر توقعا أن المؤتمر سيبقى في موعده وفي مكانه، ولكننا سنشهد في الايام القليلة القادمة تحول الخطاب السياسي الى التقليل من التوقعات من هذا المؤتمر، بل النظر اليه على اعتبار انه مجرد فرصة لتبادل الآراء بدون صفقات ولا مليارات. 
الاحتمالات مفتوحة، والسياسة الدولية قابلة لتحولات صادمة ايضا، وبانتظار الانتخابات الاسرائيلية الثانية ثمة احتمالات متعددة ومعقدة، أخطر هذه السيناريوهات تصعيد جديد للنخبة المتطرفة في تل ابيب يستهدف الضفة الغربية من اجل التأثير على اتجاهات الناخبين ووضع المزيد من الضغوط على السلطة الفلسطينية قد يأخذ شكل مواجهات شبه عسكرية مع الفلسطينيين ما قد يخلق حالة من الفوضى والمزيد من الإضعاف للسلطة الوطنية وتهميش حضورها الأمني والاداري وصولا الى عمليات استنزاف للقدرات الوطنية الفلسطينية وإنهاك إمكانيات الصمود ما قد يقود الى عمليات تهجير منظم وخلق أوضاع انسانية غير مسبوقة.
صحيح أن قوى كبرى واقليمية متواطئة في الذهاب الى تسويات غير عادلة، لكن هذا المسار غير حتمي، وثمة جولة جديدة لصراع الارادات قد يأتي باحتمالات جديدة، وهذه بالتأكيد ليست نهاية التاريخ في الشرق الاوسط.