Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-Mar-2017

الفلسطيني أبو دغش: تشكيلي مقعد يقهر اليأس
 
عمان-الغد- في غرفة صغيرة ببيته بدأت حكاية التشكيلي الفلسطيني محمود أبو دغش، وفي المكان ذاته لم يزل يبدع ويسخر موهبته ليعلن انتصاره على إعاقته منتظرا قطاف جهده.
في الحي الجنوبي من مدينة طولكرم (شمالي الضفة الغربية)، بحسب موقع (الجزيرة. نت)، لن تتكلف عناء ووقتا لتستدل على منزل الفنان أبو دغش، فقد بات معروفا لسكان الحي ومن يقصده من المواطنين أو الفنانين.
وشاء القدر أن يخرج محمود (24 عاما) للحياة وهو يعاني من مرض هشاشة العظام، لا سيما بالمنطقة السفلية من جسده، وفي اليوم التالي من ولادته يضطر لإجراء عملية جراحية، ليستقر به المقام على كرسي متحرك يجر عجلاته بيديه.
وباليدين ذاتهما واصل أبو دغش رسم مستقبله، ليتحدى واقعا مريرا وظروفا حياتية صعبة، فاختار أيدي زملائه بالمدرسة ليرسم على أكفهم ما يشاؤون، ووجد على لوح الصف ملاذا له.
ويقول أبو دغش "أنهيت دراستي بعناء وطمحت إلى عمل أحقق فيه أحلامي، لكن دون جدوى بعدما أوصدت الطريق أمامي"، بينما كانت عجلته تشق طريقها نحو مرسمه الصغير في المنزل.
وشهدت حياته انتكاسة عندما تعذَّرت عليه دراسة الفن التشكيلي لعدم مواءمة مكان الدراسة وشح الوضع المادي.
ورغم ذلك لم تذبل ريشة الفنان أبو دغش ولم تجف ألوانه كما جفت فرص توظيفه بعمل متواضع، فعاد يُسخِّر فنه لتحقيق أهدافه وإيصال رسائله، ليجد نفسه أمام أعمال تجلت فيها روح الفن التشكيلي بكل ألوانه الواقعي والتجريدي وثلاثي الأبعاد وغير ذلك.
وانطلق أبو دغش يرسم بالزيتي والمائي والباستل ليجد نفسه أكثر قدرة وجرأة في ألوان الرصاص والحبر الجاف، حيث تخصص في فن رسم الوجوه بكل تفاصيلها والمرأة والرسم بالتنقيط.
وشارك أبو دغش في معارض عديدة نظمتها مؤسسات أهلية ومجتمعية، لا سيما ممن يمثلهم من فئة ذوي الإعاقة، فأوصل رسائلهم وأظهر معاناتهم، وجالت خواطره في واقع الحياة من مشاهد يومية وأخرى للطبيعة وثالثة للتراث والوطن وقضاياه بين الأسرى والنكبة وأمل العودة للديار.
وتقول والدته رغدة أبو دغش "ولم يُهمل محمود واحدة من هموم وطنه أو زملائه ذوي الإعاقة، لكنه لم يحظ بما يستحق". وأخذت توزع لوحاته فوق المقاعد داخل البيت بعدما ضاقت ذات اليد بتخصيص غرفة لعرض أعماله.
ومن صغره لم تدخر رغدة (57 عاما) جهدا لتوفير العلاج لطفلها الذي أجرى 11 عملية جراحية لأكثر من 35 كسرا برجليه، كان آخرها منذ أسابيع قليلة، ولم تتوان أيضا عن إسعاده بمرافقتها له خلال مشاركته بالمعارض الفنية.
وفنيا ترى الأم أن حق ولدها بمجاله الفني قد أُجهض، ولم يحظ بذاك الاهتمام من الجهات الرسمية أو غيرها ممن يمثلونه كاتحاد المعاقين، وتضيف أنه يعيش من دخل قليل يتأتى من بيع بعض لوحاته.
ليست هذه حال محمود فقط، بل تكاد المشكلة تواجه أكثر من ثلاثمائة ألف من ذوي الإعاقة بفلسطين، يقول رفيق أبو سيفين رئيس الاتحاد العام للمعاقين إنهم يعانون من قلة الدعم الرسمي وغيره، لا سيما حق ما لا يقل عن 5% منهم في الوظيفة العمومية.
ويضيف أنهم يعانون من "تهميش" ثقافي واجتماعي، ويتفق معه في ذلك الفنان التشكيلي الفلسطيني يوسف كتلو الذي يبرهن بأن تهميشهم كفنانين تشكيليين موجود ويتجسد في غياب الدعم وتوفير الأدوات والسوق والمعارض "بالرغم من كونه عملا مقاوما أيضا"، وفق قوله.
ربما لم تسعف الظروف الفنان أبو دغش لينتصر على واقعه الاقتصادي، غير أن حلمه "بعالمية" أعماله بات قاب قوسين أو أدنى.