Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Nov-2018

ذاكرة جميلة وليل موحش.. - محمد كعوش

 الراي - يوم أمس،تساقطت اوراق اضافية من رزنامة العمر، اختلطت باوراق خريفية هجرت أغصانها لتفترش الارض تحت سيقان الأشجار العارية المغسولة بالمطر الأول.

هذه المناسبة اعادت الذاكرة الى اول العمر في ثنائية جميلة جمعت الطفولة بسن الحكمة، ولمّت الشمل بين عاطفة القلب وصواب العقل.
اضأت شمعة واحدة على وقع أهازيج العواطف المرتجفة، أردت تحويل الوهم الى واقع كي أملك القدرة على متابعة المسير نحو المصير دون خوف أو تردد باتجاه النهايات الحزينة. في مثل هذا الوقت من العمر الخريفي وحدها الذاكرة الجميلة تخرجنا من وحدة الذات في الليل الموحش، ونقبل على الحياة بشغف ونعتقد أننا ما زلنا بذات الروح القادرة، بوردة أوعلى جناحي فراشة، الوصول الى القمر، أو الى قلب محب.
في هذا اليوم نهمس يا وحدنا، ونعود الى بداية النشيد، نعيش ثنائية اللقاء الأول والانطباع الأول، يا وحدنا، اولادنا علّقوا المفاتيح خلف الباب، وتركوا لنا صورهم وطفولتهم معلقة على الجدران، تزين الدار بلون الذكريات الجميلة، وعناق الطفولة، هي حتمية فرضتها طبيعة الحياة، لا مفر منها، ولا يخرجنا من قيدها سوى فرحة نجاحهم وخطاهم الثابتة نحو المستقبل، الذي هو لهم وملكهم.
فصل الخريف اعطى العمر نكهة خاصة، واعاد للطبيعة لونها، وحشرني في مساحة زمنية مقيدة بخيارين لا ثالث لهما، اما أن أهرب الى الماضي واحتمي ببراءة الطفولة الوهم، واجتر ذكرياتها، واكرر الحديث عن تجربة جيل تألب على نار الأمل بانسانية مقهورة، أو اعترف بالواقع واتقدم نحو ما تبقى من المشوار بشجاعة منحازة الى جماليات الحياة.
في النهاية اخترت، ومشيت على الطريق الذي يعشق الحياة ويبجلها، فانا أكتب، والكتابة تمنح القدرة والأمل، كذلك أكتب لأثبت أنني حيّ. صحيح أنني تعبت من رفقة الكلمات بلا انقطاع، ولكن ما زلت قادرا على البقاء والدهشة والكتابة والوصول الى وعي الناس حتى آخر دقيقة من الزمن، وبلا ندم، لأن حياتي واضحة خالية من أي التباس أو غموض، وليس فيها متسع للكراهية والحقد والحسد.
في هذه العمر الناضج، تزداد اللهفة وينبت الشغف أكثر، فيستميلك كل ما هو جميل في هذه الدنيا، يخطفك حب الورد بخفة الندى، وفي الصباح يأسرك صوت فيروز مع قهوة الصباح، وفي منتصف الليل يصاحبك صوت ام كلثوم الى غرفة نومك حتى يداعبك النعاس والحب والحنين.
لا اسمح أن يحاصرني الضجر، فانا من جيل ولد من رحم رصاصة وتسلّح بالأمل الذي كان أهم اسلحة الأسكندر المقدوني في فتوحاته، هذا الأمل نعيد انتاجه باستمرارايمانا بمستقبل افضل لامتنا، يتجدد بولادة كل طفل عربي جديد يطل على الحياة مع اطلالة شمس كل يوم آخر، وسيبقى الأمل معنا، لأن لدينا قضايانا في وقت لا يتجدد فيه الزمن لا يتجدد او يتلاشى أو يعود الى الوراء، وبالتالي نحن نرحل ولكن الأجيال الشابة لا تنسى.
m.yousefkawash@gmail.com