Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    27-Feb-2018

الغوطة تدفع ثمن موقعها وموقفها ؟! - فيصل ملكاوي

 الراي - موسكو عطلت بالفيتو 11 قرارا لمجلس الامن ازاء الازمة السورية ، بما في ذلك انهاء التحقيقات بالهجمات بالاسلحة الكيماوية ، وقبلها في العام 2016 امنت الغطاء الجوي في المعارك الميدانية حتى تمكن النظام من استعادة حلب بعد دمار هائل حل بالمدينة ،افضى الى خروج الفصائل المسلحة الى محافظة ادلب شمال سوريا ، وفي هذه المرحلة استغرق الامر اكثر من اسبوعين لاقناع روسيا لتمرير قرار الهدنة الانسانية ، وقد مر بالنهاية بعد ان وضعت روسيا كافة شروطها في القرار الدولي 2401 الذي جاء بصيغة فضفاضة ، يتيح استمرار المعارك في كافة انحاء سوريا وبما يمكن النظام من مواصلة الهجوم الدموي على الغوطة الشرقية ،التي بكل الاحوال، لن تقارب بما حدث في حلب،بل سيكون الدمار اشمل واكبر بكل الاوجه الى درجة كارثية غير مسبوقة.

كان السؤال ليس ان كان الهجوم على الغوطة سيقع ، بل متى سيقع؟ ورغم ان هذه المدينة بالجغرافيا والديموغرافيا التي تتكون منها اصحبت من مناطق خفض التوتر الاربع في عموم سوريا ، الا ان النظام وحليفته ايران كان لديهما النية والاصرار على الدوام على استعادة هذه المنطقة بالقوة وليس عبر الحل السياسي ولا عبر اي ترتيبات ، وعندما تمت الموافقة على ادراجها في مناطق خفض التوتر وفي الية استانا ، فان كل المؤشرات كانت تدل على ان هذه المسألة بالنسبة للنظام مجرد ( تكتيك مؤقت ) غير قابل للديمومة ، انما سياتي الوقت المناسب سياسيا وميدانيا لبدء المعركة الكبرى الاستراتيجية على مشارف العاصمة دمشق في سياق التقدم الميداني الذي توالى منذ التدخل الروسي الحاسم في الازمة السورية في ايلول عام 2015 واستعادة حلب واعادة بسط النفوذ على اكثر من نصف الاراضي السورية لصالح النظام وحلفائه.
 
في مقابل النشوة التي يشعر بها النظام وحلفائه خاصة ايران ، في ظل الغطاء الروسي القوي، لم يكن هناك موقف دولي حاسم بشكل حقيقي كان يمكن ان يمنع ما يقع في الغوطة الشرقية من كارثة انسانية ، لها ابعادها الشاملة التي ابرزها ان الحل السياسي بات مهمة مستحيلة في سوريا ، بل ان الواقع الذي يكرس يوميا على الارض يؤشر على ان صوت المجتمع الدولي هو صوت خافت على استحياء ، لا يقدم ولا يؤخر شيئا، حتى بالنسبة للكارثة الانسانية الشاملة التي تحدث في سوريا ، وفي هذه الايام في الغوطة الشرقية على وجه الخصوص ، اذ ان مجلس الامن، الذي كانت سمته الشلل في الازمة السورية ،يواصل هذا الشلل لدرجة عجزه عن فرض موعد لبدء الهدنة الانسانية او موعد لوقف الاعمال القتالية التي لن تتوقف امام مثل هذا القرار الضعيف المليء بالثقوب الواسعة التي تمكن اي طرف لتجاهله واختلاق الذرائع لخرقه دون الية رقابة او تحقق ثمن تحديد المسؤوليات او الخروقات او من يقوم بها.
 
والمفارقة في هذا القرار الغريب ، ان كافة الاطراف اعلنت الترحيب به لكنها في ذات الوقت قامت بخرقه منذ اللحظة الاولى لاقراره، فالمعارك لازالت تدور في كل مكان كانت مشتعلة فيه بسوريا سواء في الشمال بين القوات التركية والكردية ، وكذلك الامر في الغوطة الشرقية، بل ان الاحتمالات ان تزداد المعارك اشتعالا في كل مكان، وان تكون الهدنة الانسانية بلا معنى او قيمة على الارض ، وستكون اللقمة التي ستصل الى المدنيين الابرياء من ابناء الشعب السوري في الغوطة الشرقية مغمسة بالموت والدمار.
 
الغوطة الشرقية تدفع ثمن فشل المجتمع الدولي ازاء الازمة السورية ، كما تدفع موقفها العنيد من النظام وثمن قربها من العاصمة دمشق ، وانها ليست منطقة حدودية، كان يمكن ان يبعدها نسبيا عن مثل هذا المصير الماساوي الذي اكاد اجزم انه سيكون مع الاسف اسوأ من الكارثة التي لحقت بحلب.