Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-Feb-2017

أميركا.. «الأم الحنون» - احمد ذيبان
 
الراي - لو كان قرار حظر الهجرة، يتعلق بأي دولة كبيرة مثل الصين أو روسيا ،وحتى بالنسبة للدول الأوروبية ، لما حدثت هذه الضجة وردود الفعل العاصفة لكن لماذا كل هذه الانتقادات والغضب على قرار الرئيس الأميركي ترامب ،منع رعايا ست دول عربية بالاضافة الى ايران ، من زيارة الولايات المتحدة ،وهي بالمجمل دول فاشلة أوغير مستقرة وتشهد صراعات أهلية ،أو يحكمها نظام ديني متطرف كما هو حال ايران ؟
 
لندع الجانب الاخلاقي وحكاية حقوق الانسان جانبا، فليس في السياسة أخلاق ،ولعبة المصالح والمؤامرات هي التي تحكم العلاقات بين الدول ،لكن المفارقة أننا نكره السياسة الخارجية الاميركية غير النزيهة ،وندينها لأنها تنحاز الى جانب أنظمة متسلطة وديكتاتورية ، وتدعم العدوان الاسرائيلي، وفي نفس الوقت تتحدث عن حقوق الانسان والديمقراطية، ومن جهة أخرى نعبر عن الإعجاب بنمط الحياة الاميركية والقوانين والانظمة التي تحكم المجتمع الأميركي، فيما أصبح يعرف بـ «القيم الاميركية» التي تدفع الملايين من مختلف أنحاء العالم، للبحث عن الهجرة الى أميركا. وبضمن ذلك فاعليات واسعة ترفض قرار الرئيس بحظر الهجرة ، عبر مئات التظاهرات واستقالة العديد من المسؤولين الكبار، واحتجاج مئات الدبلوماسيين وانتقادات واسعة في وسائل الاعلام،وهي ردود فعل يصعب تصور حدوثها في دولة أخرى ، وربما تذهب بأصحابها الى الجحيم. 
 
هل «نعتب» على أميركا باعتبارها « الأم الحنون» أم لانها تتحمل مسؤولية سياسية وأخلاقية وقانونية ،عن العديد من الازمات والمشكلات تسببت بكوارث وجرائم ، نتيجة تدخلات وحروب شنتها في العالم ، لعل أهمها احتلال وتدمير العراق وافغانستان ،بالاضافة الى دعمها غير المحدود للاحتلال الاسرائيلي لفلسطين ؟
 
يعيش العالم منذ أسابيع « فوبيا ترامب».. ، الذي يصعب التنبؤ بمفاجأته التي يطلقها من خلال تغريدات عبر» تويتر» ، وهي ميزة يتفرد بها من بين زعماء دول العالم وبدأ ولايته بإظهار»العين الحمراء» بتوقيع حزمة قرارات وأوامر رئيسية مهمة ومثيرة في وقت قياسي، قريبة في مضمونها من شعاراته الانتخابية.
 
الواقع أننا «نلوم» ترامب على توجهاته المعادية للهجرة ، وكأننا نطلب من أميركا حمايتنا من ظلم الطغاة الذين يحكموننا، ونتجاهل حقيقة أن المواطن العربي يواجه معاناة كبيرة على الحدود العربية البينية ، وشروط الإقامة في بلد شقيق تبدو تعجيزية وفي النتيجة علينا الإدراك أن أميركا ليست «جمعية خيرية «، فهي دولة تعمل لمصالحها.
 
برنامج ترامب يقوم على « تغيير وجه اميركا « وشعار «أميركا أولا « ، وتوجهات انعزالية عنوانها «أميركا فوق الجميع « ما يعيد التذكير بشعار هتلر الشهير «ألمانيا فوق الجميع» وأحد تجليات سياسة ترامب خطته بإقامة جدار على حدود المكسيك ، ولم يخف إعجابه بجدار الفصل العنصري الاسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة لكن الرجل مهما بلغ تطرفه، لا أظن انه سيكرر حماقات «بوش الابن» الكارثية ، التي بلغت ذروتها بغزو وتدمير دولتين «العراق وافغانستان» ، وإدخال العالم بمتاهة «الحرب على الارهاب « ، التي وضعت الاسلام والمسلمين في دائرة الاتهام.
 
في حفل تنصيب ترامب، حضر جميع الرؤساء السابقين الأحياء وكان منافسته هيلاري تقف بجانب زوجها كلينتون ، وهذا مشهد يعكس أحد عناصر قوة أميركا، في تداول السلطة عبر صناديق الاقتراع ، بينما في عالمنا العربي نادرا ما يكون رئيس سابق يعيش حرا كريما ، فهو إما داخل السجن أو هارب، أو تحت التراب.
 
وفي كل الاحوال فإن المخاوف مشروعة من أفكار ترامب ، التي طرحها خلال حملته الانتخابية ، لكن بعضها غير قابل للتطبيق ، وأمر طبيعي أن يبالغ المرشحون في شعاراتهم لكسب الأصوات ، وأميركا دولة مؤسسات تكبح جنوح أي رئيس، وليست دولة في العالم الثالث.. يحكمها شخص «ملهم وعبقري» يمسك بمفاتيح السلطة.
 
Theban100@gmail.com