Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Jan-2021

الوقت حان لمسيرة سلمية مع الفلسطينيين

 الغد-يديعوت آحرونوت

بقلم: دينس روس 17/1/2021
 
عندما أعلن أرئيل شارون عن نيته الانسحاب من قطاع غزة، قبل بضعة اشهر من عمل ذلك في 2005 ألقيتُ خطابا في موضوع العلاقات الخارجية أمام اعضاء السلطة الفلسطينية. وأمام جمهور من 200 الى 300 شخص شددت على حقيقة أنه نشأت للفلسطينيين هذه الايام فرصة حقيقية: أن يستغلوا الانسحاب الاسرائيلي من اجل تطوير وتنمية الاقتصاد والحكم في غزة. اذا فعلوا ذلك، فستتمكن الاسرة الدولية (والجمهور في اسرائيل) ان يقولوا انه اذا نجح هذا في غزة فله فرصة في أن ينجح في الضفة الغربية ايضا. من جهة اخرى، اذا ما اصبحت غزة منصة لانطلاق الهجمات ضد اسرائيل فأحد لن يحاول الاقناع بتطبيق هذا النموذج الفاشل في أي مكان آخر.
عندما طرحت حججي هذه، لم أتوقع تغييرا فوريا في وعي الجمهور، ولكني اردت أن اعرض عليه الفرص والاحتمالات التي توجد امام الفلسطينيين. لم يسارع جمهوري للبحث في الموضوع الذي طرحته وفضل التركيز على مسائل وحجج تقضي بأن أميركا لا يمكنها أن تعتبر وسيطا نزيها. وكممثل عن الرئيس بيل كلينتون لمحادثات السلام حرصت على أن اشير الى أني لست جزءا من ادارة جورج دبليو بوش الذي أبعد اميركا عن مكانة الوسيط، سواء كان نزيها أو غير نزيه. وبدلا من ذلك فضل الوقوف جانبا ليس مثلما في عهد ادارة كلينتون. سألت الجمهور هل وضع الفلسطينيين افضل الآن، في السنوات الاربع الاخيرة، حين تكون الولايات المتحدة تحرص على الا تشكل وسيطا بين الطرفين في النزاع. في أوساط الناس في الجمهور، الذين لم يبدوا حتى الآن خجلا زائدا، أحد لم يرفع يده.
هذا ليس مفاجئا حقا. فالانتفاضة الثانية وان كانت خبت قليلا الا انها لم تصل بعد الى منتهاها، وجبت منذ الآن ضحايا في الارواح لقرابة 4 آلاف فلسطيني (ولأكثر من ألف اسرائيلي ايضا). اضفت وقلت انه حتى في الوقت الذي لم تبذل فيه ادارة بوش اي جهد للتوسط بين الطرفين فانها لن تحاول ايضا منع اي جهة اخرى من أن تؤدي الدور. ولكن أحدا لم يعرض نفسه – لا الاوروبيين، ولا الروس ولا اي طرف آخر. لقد فهم الجميع بان على الوسيط ان يكون من لديه الوسيلة والقدرة على التأثير على الطرفين، وحقيقة أنه لم تنهض اي جهة لملء الفراغ الناشيء تقول كل شيء. الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي يمكنها أن تمارس ضغطا حقيقيا – خيرا كان ام شرا – سواء على الاسرائيليين أم على الفلسطينيين. لا أحدا آخر يمكنه أن يفعل ذلك.
وختاما، كنت على مسمعهم ان الموضوع المركزي ليس مدى نزاهة الوسيط بل كم هو ناجع ومؤثر. فالوسيط الناجع هو الذي يفهم بانه لا يمكن لاي اتفاق ان يخرج الى حيز التنفيذ الا اذا كان فيه ما يستجيب للاحتياجات، وليس للارادات، لدى الطرفين. وللقيام بدور الوسيط يجب أن يفهم بعمق ما هي المواضيع الحيوية لكل طرف. واضح انه اذا لم يكن الطرفان ناضجين لقرارات قاسية – او مثلما في حالة النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني غارقين في مواضيع تاريخية واسطورية – فان حل النزاع سيتبين كمتعثر.
ان الفوارق بين الاسرائيليين والفلسطينيين – سواء النفسية ام تلك المتعلقة بالمواضيع الاساسية – اكبر اليوم مما هو ممكن جسرها، فلا يمكن الدفع الى الامام بفرص السلام من خلال طرح اقتراحات مآلها الفشل – محاولة كهذه تزيد فقط التهكم وتعمق عدم الثقة. وما هو ضروري الآن هو اعادة بناء الثقة بين الطرفين. وهنا تفتح امام الولايات المتحدة الفرصة للدخول الى مهمة الوسيط. مسيرة التطبيع بين الدول العربية واسرائيل خلقت واقعا جديدا في المنطقة. وهو يمكنه أن يواصل التقدم لانه يستجيب لمصالح الدول العربية، ولان الفلسطينيين تبينوا منذ الآن بانه لا يمكنهم ان يوقفوه. وبينما يمكن لدول اخرى ان توقع اتفاقات التطبيع، فان تقدم السعوديين يمكنه أن يحصل على مراحل فقط. ومثلما قال لي مسؤول كبير من منطقة الخليج، فان السعوديين سيطالبون اسرائيل، بالتوازي مع تقدم المسيرة، ان تعرض على الفلسطينيين بوادر طيبة. مثلا، يمكن للسعوديين أن يوقعوا على اتفاق تجاري وان يفتحوا مكتبا تجاريا في اسرائيل، وان يطلبوا من اسرائيل أن تخفف من ضائقة السكن والتشغيل للفلسطينيين من خلال اصدار تصاريح بناء قانونية للفلسطينيين في المنطقة ج.
مفهوم أنه اذا خرج الفلسطينيون كاسبين، فانه يتعين عليهم هم ايضا ان يعطوا شيئا في المقابل. في مثل هذه الحالة يمكن للسلطة الفلسطينية أن توقف نظام دفع اموال الدعم لابناء عائلات من كانوا مشاركين في اعمال عنف ضد الاسرائيليين، بهذه الطريقة يكون دور الولايات المتحدة كوسيط ليس فقط ان تبني زخما في مسيرة تطبيع العلاقات بل وايضا ان تستغلها كي تكسر الجمود بين الاسرائيليين والفلسطينيين.
قد لا تكون هذه هي اللحظة بمبادرات كبرى خارقة للطريق ولكن هذه بالتأكيد اللحظة لبناء خطوات عملية على الارض، يكون بوسعها اعادة بناء احساس الجدوى.