Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Feb-2017

حينما نرى بمرآتنا - محمد عبدالجبار الزبن
 
الراي - لقد أثقلت الجراحات مسيرةَ أمة العرب، ولم يعد سياط الكلام يحرك ساكنها، فكان مِن لوازم فهم الواقع أن نقاوم التعنّت الذي يعشعش في أذهان الكثيرين، وهم الحالمون بمستقبل مزدهرٍ دون السعي لبناء ذلك المستقبل، فيُتعبون أنفسَهم بغفلتهم ويُجهِدون المصلحين وهم يبعدونهم عن نهايةٍ مؤلمةٍ. والذي لا بدّ من معرفته ونحن نتكلّم عن بناء المستقبل وإصلاح الطريق، أنّ تنافس الأمم فيما بينها أمرٌ قائمٌ وسوقٌ مفتوحٌ، فمن أدرك السوق وإلا فالرصيف قد لا يُؤويه، وأنّ الهموم وإنْ أثقلت كواهلَنا لا يتحمّلها غيرُنا، وأنّ مشاكلَنا نحن الملزمين بحلولها، خاصّةً وأنّ أكثرَها نحن سبب تشكيلها وإيجادها، وحتى يكون الكلامُ بنّاءً فإنّ التنبيه على أنّ كلّ فردٍ من أفراد المجتمع عليه واجبٌ منوطٌ به، والذي لا يدركُ أنْ يكون وزيرًا في خدمة مجتمعه لا يَضيرُه أنْ يكون غفيرًا في خدمة مجتمعه، وفي كلٍّ خير.
 
ومما ينقصنا لأجل أن نعيش حياةَ العلاج ولملمة الجراحات، أن نستلهم التاريخ من منظارنا ومن الزاوية الصحيحة، لأننا لن نعرف قُربَنا مِن خطّ النهاية إلا إذا عرَفنا بُعدَنا عن خطّ البداية، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال مرآة التاريخ بأبعادها الصحيحة. وقد أثبتت الأيام أنّ أرقى الأمم إنْ لم يكنْ لها تاريخٌ فإنها تصنع لها تاريخًا. 
 
وليس من نافلة القول: مرآتنا أصفى رؤيةً وأوضح صورةً فها هي لغة القرآن الكريم ولغة العرب تجمعنا وها هي القلوب التي تئنّ على دمعة تذرف في فلسطين أو سوريا أو العراق أو الصدور التي تتصدّع على صدى جبال اليمن أو صحراء ليبيا، فكلّها قلوبٌ يتجذّر فيها التاريخ وتحمل أغصانها هموم الشجرة الواحدة، ولا ريبَ أننا إذا وقفنا أمامَ مرآتنا فتصدقُنا الخبرَ بأنّ واقعنا الأليم يحتاج منا إلى عناية فائقة وغرفة العمليات الجراحية ليس التجميلية فحسب وأننا بحاجة إلى الالتفاف حول الكلمة الواحدة والتنفس برئة الدحنون وتكحيل العيون بألوان زيت الزيتون وأن نصنع غذاءنا الذي يكفينا وأبناءَنا وأنّ تخمةَ الحياة لن تزيدها سوى تعقيدٍ وإشكاليةٍ مستديمة، وأنّ الذي يخلص لبلاده تذكره الأجيال على غير أولئك الذين يسهرون لأنفسهم فقط، وأما الأردنّ تلك البقعة المباركة التي يخرج منها النور فإنها تحتاج إلى حمدِ الله وشكره ثمّ المسارعة إلى إيقاد الهمم بأعلى مستويات اليقظة للإبقاء على الابتسامة على وَجَنَات أجيالنا فذلك حق لهم علينا ، فلنؤدّ لكلّ ذي حقّ حقّه، ثمّ ها هو الأردنّ قد سما منارةً يُهتدى إليها فلنشكر اللهَ ولنكنْ بُناةَ مستقبلٍ تشكرنا عليه الأمم حينما نساعدها بأنموذجٍ فريدٍ اسمه: (الأردنّ) وذلك يتحقق حينما نرى بمرآتنا همومَنا واهتماماتنا ونسعى إلى تحقيقها جادّين مُجدّين.