Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Apr-2017

ماذا سيقول الأتراك:«evet» أم «hayir»؟ - محمد خروب
 
الراي - سواء قال الأتراك اليوم: نعم (evet) للتعديلات الدستورية التي يقف خلفها اردوغان في مسعى منه لمُزاحمة اتاتورك إرثه التاريخي والشخصي, الذي استمر منذ قرن تقريباً, أم وجّهوا له صفعة قاسية بقولهم «لا» (hayir) مُدوِّية، تضع حداً – ولو في شكل نسبي – كون الرجل سيبقى في موقعه مُمارِساً كل الصلاحيات التي سيطر عليها, منذ جاء رئيسا للجمهورية, وخصوصاً بعد ان جاء بتابعه المطيع بن علي يلدرم لرئاسة الحكومة، فإن تركيا بعد هذا الاستفتاء واياً كانت نتيجته, ستدخل مرحلة جديدة لن يكون صعباً على متابع المشهد التركي وصفها بالمضطرِبة ومحفوفة بالمخاطر الجمّة داخلياً وخارجياً وخصوصاً بروز اردوغان كحاكِم أوحد واثق من نفسه, ولكن في شكل يبعث على الرثاء والشفقة وخاصة في حال حقّق فوزاً متواضعاً سيكون اشبه بالهزيمة, اذا تجاوزت نسبة الـ «نعم» الخمسين بالمئة بقليل, وهو امر لن يؤشر فقط على ان انقساماً افقياً وعامودياً قد تكرّس في المشهد التركي على نحو ظاهر, وانما ايضاً لأن اردوغان الذي سيُطلق العنان لِمغامراته واحلامه الامبراطورية التي لم تفارقه, سيكون كما هي حال الرئيس الاميركي ترامب «غير مُتَوَقّعْ» بالمرة... داخلياً, وخصوصاً خارجياً في تعاطيه مع ملفات المنطقة الشائكة ورهانه على مشروعه العثماني الجديد، الذي بات واضحاً انه يسعى الى إنجازه بالوسائل العسكرية, ولم تكن غزوة «درع الفرات»للشمال السوري, سوى ترجمة عملية لهذا التوجه، فيما هو «يُبشِّر» الاتراك والمنطقة, بأنه في صدد تجريد حملة عدوانية جديدة تحمل اسم «درع دجلة» ستتوجه هذه المرة نحو العراق, وتحديداً صوب جبل سنجار الذي يسيطر عليه الآن مقاتلو ال«PKK» الكردستاني التركي.حيث معركة سنجار القريبة, سترسمُ خرائط المنطقة ومستقبل دُولِها, وليس معركة الموصل الراهنة... كما روّج البعض.
 
واذا كان الرئيس التركي قد حاول في الساعات الاخيرة ، وقد حاول شد اعصاب أنصاره وطمأنتهم بأن «استطلاعات الرأي» تشير الى تأييد «كبير» للتعديلات الدستورية, كما قال في مقابلة مع قناة TRT الرسمية (المعارضة بأطيافها كافة,لم تحظَ بفرَص متكافئة في القنوات الرسمية وتلك المسماة مستقلة,التي تخضع لأوامر الجهات الحكومية باستثناء بعض رموز قادة الحركة القومية اليمينية العنصرية المنقَسِمة الآن)، فإن الجدل الذي اندلع بين اردوغان وانصاره وقيادات منشقة عن الحركة القومية, بعد ان قالت تلك القيادات الرافضة لموقف زعيم الحركة دولت بهشلي: أن اردوغان سيقوم بعد «فوزه» في الاستفتاء, بتقسيم تركيا الى «اقاليم» بهدف منح الأكراد اقليمياً فيدرالياً بحكم ذاتيّ, في جنوب شرقي تركيا. هذا الجدل,الذي وإن كان «أزعج» اردوغان ، الاّ انه «أفاده» في «معركته» لشَقِّ صفوف المعارضة وإضعافها، وإن لم يُحرِز النجاح الذي توهّمه، وبخاصة ان حزب الشعب الجمهوري بزعامة كمال كيلتشدار اوغلو, لم يُوفِّرفرصة للنيل من اردوغان والتشكيك بأهدافه وخطورتها,ما دفع بالرئيس التركي الذي يصفه مفتي الارهاب يوسف القرضاوي, بأنه «خليفة المسلمين»,العودة لتسعينات القرن الماضي واتهام كمال اوغلو بأنه «فبْرَك» الشريط الجنسي الذي اطاح رئيس الحزب الجمهوري السابق دنيز بايكال, للوصول الى رئاسة الحزب!!.
 
كمال اوغلو وصف نتائج التصويت بـ «نعم», بالكارثيّة، لأننا بالتصويت بنعم – يقول – سنكون قد خرجنا الى طريق لا نعرف الى اين سيفضي بنا، وسنكون كمن ادخل تركيا الى الفوضى,وسيتم انهاء الديمقراطية» ولم يتردّد زعيم اكبر حزب معارض (وهو بالمناسبة الحزب الذي أسسه اتاتورك نفسه عام1923) بتحذير الأتراك بأن قطاع السياحة سينهار لأن «السيّاح» لن يأتوا الى تركيا «الرجُل الواحد».
 
أياً كان حجم الصراع والجدل اللذين استولدهما مُقترح الاستفتاء، فإن الأنظار ستكون متجهة اليوم ، نحو انقرة لمعرفة «الطريق» الذي سيتوجه صوبه اردوغان الذي ادخل بلاده في انقسام عميق وأثارت سياساته زوابع وعواصف داخلية وخارجية، وأخذها الى منزلقات خطيرة, عادت بالسلب على الفقاعة التي انفجرت اخيراً والتي قيل في وصفها عند قدوم حزب العدالة والتنمية الى الحكم قبل خمسة عشرة عاماً,انها «معجزة اقتصادية», تبخرت الآن أو هي سائرة بتسارع نحو التبدّد, على النحو الذي تعكسه ارقام البطالة وهبوط الليرة التركية وتراجع السياحة وهروب الاستثمارات وارتفاع العجز في الميزان التجاري, والمؤشرات الواضحة على دخول الاقتصاد التركي مرحلة الركود والإنكماش, وهو الذي ما فتئ اردوغان يحاوِل التستر عليه.
 
عدم «تعهّد» اردوغان بالإستقالة والخروج من الحلبة السياسية,اذا ما قال له الاتراك اليوم...»لا», كما فعل الجنرال ديغول في مثل هذه الايام من العام 1969 (27 نيسان) عندما استقال بعد ان قال الفرنسيون له «لا».. مُدوِّية, وإن بنسبة متواضعة 4ر52( مقابل 6ر27 قالوا نعم لاصلاحات حكومية تهدف الى تطبيق المزيد من اللامركزية) حيث ربط الجنرال مصيره السياسي بنتيجة هذا الاستفتاء, ما حوّله الى اقتراع بالثقة في ديغول نفسه, يؤكد – ضمن امور اخرى – نهج المراوغة الذي ينتهجه اردوغان والانتهازية السياسية التي تحكم خطواته,سواء بالتخلّص من منافسيه وخصومه داخل حزبه عندما «شطب» عبدالله غل وبولنت أرينج واحمد داود اوغلو, أم تجاه احزاب المعارضة التي نكّل بها وزج قادتها في السجون (خصوصاً حزب الشعوب الديمقراطي الكردي) حيث يقبع في السجن,صلاح الدين ديمرطاش وفيغن يوكسيكداغ زميلته في رئاسة الحزب, دون اهمال عواقب سياسته الخارجية التي تنهض على الغطرسة واحتقار الآخرين وخداعِهم وابتزازِهم.فعَل ذلك ويفعله, مع روسيا كما الإتحاد الاوروبي ودائماً مع المنطقة العربية.
 
..اليوم»قد» ينجح اردوغان في «تصميم»تركيا..على»صورته» ولكن الى متى يمكنه«الصمود»؟
 
kharroub@jpf.com.jo