Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    25-Feb-2018

هذه هي روسيا - صالح القلاب

 الراي - المفترض أن لا تكون هناك مساحة رمادية في هذا الصراع المحتدم في سوريا، الذي وصل في غوطة دمشق الشرقية إلى ما هو أكثر من الإبادة الجماعية، ولعل ليس ما يشير بل ما يؤكد على أن هناك إستهدافاً للمكون السني لتكون الدولة السورية «المفيدة» التي تحدث عنها بشار الأسد أكثر من خالصة للمجموعات المذهبية التي جرى إستيرادها بالإضافة إلى إيران من أفغانستان وباكستان ومن الهند وبعض الشراذم الطائفية العراقية التي أعطيت أسماءً مستفزة لتكريس التذابح الطائفي في هذه المنطقة التي هي عربية والولاء الجامع فيها للعروبة .

لم يعد هناك أي شك، بعد هذه المذابح «التطهيرية» بأبعاد مذهبية لم تعد خافية إلا
على من يكْذب على نفسه وعلى الآخرين، بأن سوريا تجاوزت آخر خط نحو التقسيم
ولقد ثبت أن «سوريا المفيدة» هذه إختراع روسي وأنَّ تشظي هذا البلد العربي هدف
روسي أيضاً له علاقة مباشرة بكل هذا الصراع المحتدم على مصادر الطاقة في البحر
الأبيض المتوسط وحيث تشير التقديرات أن للمياه الإقليمية نصيبا وافرا من الغاز
والنفط وهذا هو ما جعل الإيرانيين يعلنون باكراً عن هلالهم الذي هم من أسموه
شيعيا والذي غدوا يتباهون بأنهم حققوا الجزء الأهم منه في العديد من الدول
العربية .
والآن ثبت أن الروس هم أصحاب هذه الحرب الإجرامية فالمذابح التي أرتكبت ولا تزال
ترتكب في الغوطة الشرقية ما كان من الممكن أن تكون لولا التخطيط الروسي ولولا
الأسلحة والصواريخ الروسية وأيضاً لولا الـ»فيتو» الروسي الذي شكل مظلة للمجازر التي
كانت أرتكبت في حلب وفي حماه وحمص والآن والتي ترتكب عملياًّ في دمشق
فالمواجهة السياسية يقودها من الجانب الروسي يقودها لافروف والمواجهة
العسكرية يقودها وزير الـدفـاع والحـرب الإستخباريـة والأمنيـة يقـودهـا خـلفـاء الـ «كي
.جي. بي» السوفياتي.
إنه لولا روسيا ودخولها المبكر في حرب الإبادة التي تشن ضد الشعب السوري بأبعاد
تقسيمية طائفية ومذهبية فلما إستمرت هذه الحرب كل هذه السنوات الطويلة
فالروس إغتنموا رداءة إداء الإدارة الأميركية السابقة وهذا إن لم يكن تآمرها وأرتقوا
منصة الصراع في سوريا وعيونهم على حقول مصادر الطاقة في «المتوسط» وأيضاً
ليستعيدوا مكانة الإتحاد السوفياتي قبل إنهياره في بدايات تسعينات القرن الماضي..
وحقيقة أنهم حققوا إنجازات فعلية في هذا المجال ربما تتزايد وتستمر لسنوات
طويلة إذا لم تدرك الولايات المتحدة إن موازين القوى في الألفية الثالثة ستتوقف على
نتائج هذه المواجهة المحتدمة الآن في هذا البلد العربي وفي هذه المنطقة بأسرها.
وعليه فإنه يجب أن يكون معروفا أن «الدور» سيأتي حتماً على أصحاب موقف اللاموقف
إذْ أن من يرتكب جرائم الإبادة هذه لن يوفر أي بلد عربي آخر وأي شعب آخر إذا إقتضت
مصالحه ذلك وهذه تجارب التاريخ ماثلة أمام كل من يريد أن يأخذ العبر من هذه
التجارب التاريخية فألاعيب الأمم لا تفرق بين الصديق والعدو إذا إقتضت مصالح لاعبي
اللعبة أن يتعشّوا بمن يعتقدون أنه صديق بعدما «تغدّو» بـ «العدو»