Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Aug-2020

مؤسسات.. ما كان يجب أن تُهمش أو تلغى!*سمير الحباشنة

 الراي

في خضم المطالبات التي لا تتوقف بضرورة الغاء أو دمج مؤسسات و هيئات حكومية، كانت تأسست كهياكل موازية لوزارات الدولة، والتي تسببت بذلك الأرهاق الكبير للمالية العامة فزادت من عجز موازنات الدولة المتعاقبة على مر السنين، والتي كان وجودها قد عزز من بيروقراطية القرار وبطء التنفيذ، وأدت الى حالة من تضارب الأهداف، وأزدواجية أو ثلاثية الجهات المعنية باتخاذ نفس القرار في القطاع الواحد.
 
في خضم تلك المطالبات وقعنا بأرباك، وحيث لم نميز بين مؤسسة هامة ذات دور تنموي أو خدمي ضروري يجب الحفاظ عليها، وبين أخرى معيقة للعمل لابد من إلغائها.
 
وكان أن ذهبنا بلا تمعُن فقمنا بشطب مؤسسات كان من الضرورة أن نحافظ عليها.. وهنا أورد نماذج ثلاثة ينطبق عليها هذا الفعل الاداري الخاطئ..
 
(1):
 
«سلطة المصادر الطبيعية»..
 
تم تأسيسها في العام 1968 كجهة وحيدة مسؤولة عن قطاع التعدين ومختصة بالكشف عن المعادن والثروات والتنقيب عنها في باطن الأرض، وحدها أو بالأشتراك مع القطاع الخاص المحلي أو الأجنبي، إضافة الى أجراء الدراسات العلمية الجيولوجية والمسحية اللازمة.
 
وكانت تضم خيرة الكوادر الفنية التي راكمت على مدى عقود من الزمن خبرات بشرية وطنية ذات مستوى علمي وكفاءة ومعرفة بالثروات الوطنية ومكامن وجودها. وقد وصلت مساهمة قطاع التعدين في الناتج القومي الاجمالي عام 1914 حوالي «11%» والذي أنخفض بعد أن تم حل سلطة المصادر ليراوح حوالي ال 7% فقط !!.. لقد فقدنا بهذا القرار الخاطئ ذراعنا الوطنية في هذا الحقل، كما فقدنا بقرارنا الخاطئ بحل سلطة المصادر الطبيعية ذراعنا الوطنية في حقل التعدين وفقدنا كذلك تلك الكوادر الفنية العالية المستوى والهمة، والتي استقطبتها الدول المجاورة..!?
 
(2):
 
«صندوق المخاطر الزراعية»..
 
هو صندوق للتأمين على المنتج الزراعي في مرحلتي الانتاج والتسويق، باعتبار أن الاقتصاد الوطني والمزارع سواء بسواء، يتأثر سلباً في حال الكوارث الطبيعية أو انهيار الأسعار في أغلب المواسم.
 
وكان لي تجربة شخصية بهذا الموضوع إبان إشغالي لحقيبة الزراعة، حيث قمنا بتأسيس هذا الصندوق بقانون، كمؤسسة معنية بالتأمينات الزراعية، وتم انتخاب كوادر مالية وفنية عالية المستوى المعرفي الفني والمالي، ومن جسم المؤسسات الرسمية العاملة في القطاع الزراعي. كما قمنا وبدعم كبير من الأخ معروف البخيت رئيس الوزراء آنذاك شافاه الله.. برفد هذا الصندوق كبداية بمبلغ من موازنة الدولة، وفرضنا على السوق المركزي في عمان رسماً على كل عبوة ترد الى السوق لصالح هذا الصندوق، كخطوة أولى لفرض رسوم على الأسواق المركزية الزراعية في كافة مناطق المملكة. كما وضعنا سلماً مالياً يتم تحصيله من المزارعين كتأمين على المزروعات على اختلافها «أشجار، خضراوات، محاصيل» على أن يتم شمول قطاع الثروة الحيوانية لاحقاً. كما بدأن? باستقدام عروض من شركات التأمين على مبدأ التأمين الثانيِ حفاظاً على أموال الصندوق..
 
ومع الأسف، لجأت الحكومة فيما بعد الى الغاء هذا الصندوق و تحويله الى مديرية في وزارة الزراعة لتصبح صندوق تعويضات محدود الأثر !!
 
(3):
 
«الحركة التعاونية الأردنية»..
 
لقد راكم الأردن تجربة عميقة في حقل التعاون، حتى أضحى في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي نموذجاً يُحتذى في المنطقة العربية، «جمعيات نشطة ومتخصصة منتشرة في كل بقاع البلاد، بنك تعاوني، معهد تدريب تعاوني». وكان هذا القطاع بالفعل قطاعاً منتجاً ومؤثراً، فرض نفسه كقطاع ثالث الى جانب القطاعين الرسمي والخاص..
 
ألا أن هذا القطاع الهام بدأ بالتراجع بعد أن أصبح يتسنم ادارته من لا خبرة له بهذا القطاع، ما أدى الى تهميشه وإضعافه، فتحول من قطاع رديف للاقتصاد لصبح عبئاً على خزينة الدولة..
 
ويذكر الأخوة العاملون في هذا القطاع أن الفكر الاقتصادي «المُستغرب» كاد أن يلغي تماماً القطاع التعاوني، حتى قُدر لي والشباب العاملين فيه أن نُعيد له نبض الحياة..
 
وهو الآن على أهميته، ينتظر من يقرع الجرس. فالتعاون سبيل أمثل للنهوض بقطاعات كثيرة متعثرة وأداة لأعطاء الأقتصاد بُعداً أجتماعياً طالما نحن بأمس الحاجة اليه.
 
وبعد، المطالبة بألغاء المؤسسات والهيئات التي تشكل حملاً ثقيلاً على الدولة مطلب وطني، يقابله مطلب وطني آخر بضرورة إعادة إحياء مؤسسات.. لا غنى للدولة عنها.
 
والله و الوطن من وراء القصد