Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Sep-2017

عن العراق بصراحة.. - محمد كعوش
 
الراي - أكتب عن بلاد الرافدين بمناسبة قد تكون صريحة واقعية ولكنها غير سارة، فالحقيقة تغضب الكثيرين لأنها مرة..
 
أكتب عن العراق بمناسبة الإستفتاء في اقليم كردستان والمناطق (المتنازع عليها) كما يسميها البعض، في غياب العراق الواحد الموحد.
 
لن اقف طويلا أمام بيان جامعة الدول العربية الرافض للإستفتاء، لأن النظام العربي متهالك لا يؤثر ولا يقدّم ولا يؤخّر. ولن أتوقف أمام رأي الأدارة الأميركية حول هذا الموضوع، لأنه يمثل موقفها الرخو الغامض الذي تفوح منه رائحة النفاق، فهي تطلب التاجيل لأن التوقيت لا يناسب مصالحها ولا يخدم وجود قواتها في سوريا، مع ضرورة التذكير بأن ادارة الأحتلال هي التي فرضت المحاصصة الطائفية والعرقية التي كرسها دستور بريمر، بهدف تقسيم العراق وتمزيق النسيج الإجتماعي للشعب العراقي الواحد.
 
الحقيقة أن المشهد العراقي الحاضر محزن وبائس، فالواقع العراقي يفتح شهية كل الطامعين المتربصين الساعين لإقتناص حصة من ثروته أو أرضه، لأنه يعرفون أن النظام فاسد متهالك، ولا يحتاج المرء الى الكثير من العناء لإكتشاف واقعه الراهن، فالشعب العراقي بكل طوائفه واطيافه يضج من تكريس حالة الفقر والجهل والبطالة، في حين تنهب ثروات البلاد جهارا نهارا في ظل تغول الأحزاب الدينية على الحكومة، وسطوة المليشيات واستقوائها على الجيش.
 
هذا الواقع يعرفه مسعود البرزاني ومن حوله في كردستان العراق، لذلك يرون في ضعف الدولة المركزية في بغداد فرصة لحصد المزيد من المكاسب، أي من «المال الداشر»، على الرغم من حصول الكرد على «كيانهم المستقل» فعليا في الشمال ومشاركتهم في الحكم المركزي في بغداد، وهو الواقع الذي فرضه الإحتلال.
 
ولكن لماذا الإستفتاء على الإنفصال؟!
 
قبل الإجابة على هذا السؤال أقول إنني تابعت تصريحات عدد كبير من السياسيين والبرلمانيين والمسؤولين وشيوخ العشائر في العراق، وكلها تندد بالإستفتاء وتهدد بالرد الحاسم، ولكن كل هذه التصريحات والتهديدات لم تهز شعرة برأس بارزاني، حتى هوشيار زيباري الذي جلس في مقعد وزارة الخارجية العراقية ردحا من الزمن اصبح عضوا في اللجنة العليا للإستفناء، ويرفض التأجيل خوفا على «مصداقية القيادة الكردية « حسب قوله!
 
نقول ذلك لأن بارزاني يعرف الحقائق على الأرض، ويعرف تركيبة الحكم في بغداد من الداخل، وربما درس كل الإحتمالات، ولا شك أنه يعي حقيقة الواقع العربي، وحقيقة موقف البيت الأبيض، وهو يعتقد ان لديه قوات نظامية قوية ومسلحة لا يقلقه التهديد بالجيش العراقي والحشد الشعبي، اوالزحف تحت الشعارات والرايات المقدسة، ولكن قد يقلقه أمر واحد هو الجغرافيا السياسية، لذلك سيستمر في اللعب والمناورة من أجل ابتزاز الحكومة العراقية، بهدف «نهش» المزيد من ثروة وجسد العراق، قبل الوصول الى نهاية الطريق.
 
نعم، الجغرافيا السياسية وحدها التي تقلق بارزاني، لأن اعلان الإنفصال وقيام الدولة الكردية المستقلة وسط مربع مسيج بحدود رافضة لهذه الدولة ومتضررة من قيامها (تركيا والعراق وايران وسوريا)، يعني ولادة دولة محاصرة وهي في مهدها لا تملك أي نافذة مفتوحة على العالم جوا وبرا، رغم الدعم الأميركي السري، والدعم الإسرائيلي المعلن، اضافة الى احتمال تورط البشمركة في قتال طويل يعيده الى المربع الأول.
 
لذلك صرح بارزاني، ومعه قيادات كردية، أكثر من مرة، عن التمسك بالإستفتاء، في حال «عدم وجود بديل يرضي الشعب الكردي»! أي يريدون ابتزاز بغداد بضمانات دولية على حساب وحدة العراق ارضا وشعبا.
 
في النهاية نقول إن العراق يقف اليوم على مفترق طرق خطير جدا، وهي مرحلة من افرازات الإحتلال الأميركي، ولأن الأمر يتعلق بتحالفات اقليمية ودولية، لا شيء مطمئن، وستبقى الأبواب مفتوحة أمام كل الإحتمالات وأسوأها..