Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Jun-2017

حكمة وأخلاق ودولة - ابراهيم العجلوني
 
الراي - لله در ذلك الشاعر العربي الذي اختصر في عدة ابيات قانون العرب الاخلاقي في باديتهم التي لم تعرف حكومات مركزية ولا قوانين وضعية, ولم تحتكم في الملمات الى غير احكام النبل والمروءة..
 
يقول ذلك الشاعر:
 
وإن الذي بيني وبين بني ابي
 
وبين بني عمي لمختلف جداً
 
فإن اكلوا لحمي وفرت لحومهم
 
وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
 
ولا احمل الحقد القديم عليهمو
 
وليس حكيم القوم من يحمل الحقدا
 
لهم جل مالي ان تتابع لي غنى
 
وعند احتمال الفقر لا اكلّفهم رفدا
 
وهذا القانون الاخلاقي الاعلى حكم بوادي العرب ازمنة طويلة قبل ان تكون ثمة قوى مركزية أو انظمة دولة حاكمة فيها. ولأجل هذا القانون جعل ابن المقفع العرب – وهو فارسي معرق (وأنا اراه مسلماً صادقاً على الرغم مما اتهم به من زندقة) – في مقدمة الامم في طيب الأنفس وجمال الفضائل. ولأجله كتب ابن قتيبة (وهو الفارسي ايضاً) كتابه في فضائل العرب.
 
ولعل «غنى النفس» أن يكون هو جماع أمر هذا القانون الاخلاقي الاعلى الذي جاء الاسلام ليتممه ويرقى به الى كمالاته.
 
***
 
في الدولة العربية الحديثة التي يحكمها الدستور والقوانين والانظمة, لا بد من تجلّي روح الاخلاقية العربية وهذه بصفة كونها عنصراً رئيساً في السلم المجتمعي. وذلك - إن كان - كفيل بتحقيق وحدة شعورية, وعضوية اجتماعية, وانتماء اكيد..
 
***
 
وعلى ذكر «الانتماء» يمكن القول إنه كلما اتسعت دائرة انتماء المرء اتسعت رؤيته وتراحب وجدانه, ورحم الله ذلك الشاعر العربي الذي قال:
 
أبي الاسلام لا أب لي سواه
 
اذا انتسبوا لقيس أو تميم
 
***
 
ويتصل بما سبق توكيد أن «الدولة» - من حيث هي - مكسب حضاري, وانها - في صورتها المعيارية - تجلّ للعقل والحكمة, وانها هي الملجأ والمثابة في حال ضعفت احكام القانون الاخلاقي في الانفس وصار أمر الناس فرطا.
 
كما يتصل به توكيد ان قوة الدولة شرط (مع شروط اخرى في مقدمتها العدل والرحمة) للأمن والاستقرار الاجتماعي..
 
***
 
معانٍ يفضي بعضها الى بعض وتبسط فضاء للمتدبرين.