Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Apr-2019

كيف نواجه الضغوطات؟*د. رحيل محمد غرايبة

 الدستور-الأردن يتعرض لجملة من الضغوطات الحقيقية والجادة في هذه المرحلة الحرجة على صعيد الإقليم والمنطقة العربية على وجه الخصوص، وليس أدل على حقيقة هذه الضغوطات وجديتها من تصريحات جلالة الملك ومصارحته لشعبه في موضوع الترتيبات الأخيرة للوضع الإقليمي في ضوء التفاهمات الدولية والإقليمية، وفي ضوء العواصف السياسية التي اجتاحت الدول العربية بمجملها عبر عدة سنوات ملتهبة حافلة بالمؤامرات الدولية من كل حدب وصوب، والمليئة بالحروب والفتن والاختراقات التي أسهمت في إضعاف الأقطار العربية، وتخريب العلاقات فيما بينها، وبعثرة المواقف العربية وتشتتها.

 
 تسلسل الأحداث الإقليمية والدولية المتتابعة يشير بوضوح إلى هذا المآل منذ عدة عقود، فقد تم تحييد مصر وتقليص دورها الإقليمي منذ معاهدة (كامب ديفيد)، ثم جاء الدور على العراق حيث تم تحطيم قوتها وحل جيشها وشل دورها المؤثر في توازن القوى على مستوى الإقليم، كما تم مؤخراً إضعاف سوريا وتبديد قوتها بالتزامن مع تحطيم ليبيا واليمن، وإشعال الفرقة بين الأقطار العربية كلها الصغيرة والكبيرة، مما جعل الظرف مواتياً لاتخاذ خطوات سياسية من (اسرائيل) وبعض أطراف المجتمع الدولي الكبيرة تأسيساً على حالة الضعف العربي، مثل الإعلان الأمريكي عن الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة (لاسرائيل) والاعتراف بالسيادة (الاسرائيلية) على الجولان السورية المحتلة، وهناك توقعات باتخاذ خطوات أخرى أكثر صفاقة وأشد وقاحة في مخالفة الشرائع الدولية والمنطق الإنساني وكل الأعراف البشرية المعروفة عبر التاريخ الإنساني مثل موضوع المستوطنات والضفة الغربية المحتلة وملف المياه، وملف حق العودة، وفرض التوطين على الدول العربية المستضعفة.
 
 إذا كانت الضغوطات السياسية والاقتصادية التي يتعرض لها الأردن حقيقية وهي كذلك فعلاً، فلا ينفع في مواجهتها الاقتصار على المهرجانات والمسيرات والمظاهرات الشعبية والهبات العاطفية، التي تم انتهاجها عبر ما يزيد عن نصف قرن من الزمان، ولا ينفع في مواجهتها الاكتفاء بالتعبير عن الغضب حتى لو كان شديداً وعارماً، لأنها لن تنقذ الأردن ولن تغير المخططات (الاسرائيلية) والدولية التي يراد فرضها علينا وعلى المنطقة، ولذلك لا بد من القيام بخطوات أخرى مختلفة تنبثق من برنامج عملي محكم وملزم للحكومة ولكل القوى السياسية تتوزع فيه الأدوار بدقة وتكامل :
 
 
 
 
 
 
 
 أولاً: على الصعيد الرسمي لا بد من اتخاذ خطوات حاسمة وجذرية نحو الاستناد إلى الجدار الشعبي الداخلي، من خلال الاستعانة بالقوى السياسية الوطنية المنتمية للدولة الأردنية انتماءً عميقاً وصميماً، والشروع في عملية بناء شراكة حقيقية معها من أجل الحفاظ على الدولة ومؤسساتها، والعمل على بناء موقف رسمي وشعبي موّحد ومتماسك وقوي وقادر على الصمود وقادر على المقاومة.
 
ثانياً: في مواجهة الضغوطات لا بد أن تكون المواجهة شاملة ومحكمة في جميع المجالات وفي كل الأصعدة، ولذلك يجب وقف اتفاقية الغاز فوراً ووقف العمل باتفاقية البحرين، ووقف كل أشكال التنسيق الأخرى، ووقف المستوردات من الكيان الصهيوني بجدية وصرامة، فلا ينفع الصراخ في القاعات المغلقة أو أمام المسجد الحسيني، وفي الوقت نفسه لا نقوم بأي عمل يمس المصالح (الاسرائيلية)!!
 
ثالثاً : الذهاب الحاسم نحو الديمقراطية الحقيقية بطريقة متدرجة  وآمنة والسير بطريق الإصلاح الوطني الشامل الذي يحقق الالتفاف الشعبي الجماهيري الحقيقي والذي يعبر عن مشاركة سياسية جادة وليست شكلية.
 
رابعاً: على القوى المجتمعية تأطير نفسها عبر إطار سياسي وطني جديد يتبنى المشروع الوطني العروبي الإسلامي الواسع، الذي يؤمن بالدولة وهويتها وثقافتها ودستورها وينعتق من كل الأطر التقليدية السابقة، ويغادر مربعات التلاعب بالعاطفة الدينية والجهوية بشكل حاسم.
 
خامساً: الانتقال نحو مرحلة البناء والعمل الجاد، ومغادرة مربعات جلد الذات، والمهاترات الجدلية الهدامة، وضرورة العمل على صيانة النسيج المجتمعي ومقاومة النعرات التفريقية ودعوات التعصب البغيضة بحزم.