Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-May-2012

مختصون: زواج المغتصب من ضحيته جريمة أخرى بحق المرأة

 منى أبو صبح-الغد-  تضغط كثير من مؤسسات المجتمع المدني، إلى جانب ناشطين وحقوقيين، تجاه إلغاء المادة (308) من قانون العقوبات الاردني التي تعفي المغتصِب من الملاحقة الأمنية في حال زواجه من الضحية، ما يعني ذلك التمادي في انتهاك كرامتها وحقوقها.

ويجمع مختصون على ضرورة تطبيق أشد أنواع العقوبات وأقساها على الجاني ليذوق طعم الألم الذي تسبب به لإنسانة "انتهكت حياتها ودمرّ مستقبلها وتبدّدت أحلامها".
أمينة سر تجمع لجان المرأة مي أبو السمن، تبين أن المرأة "تُغتال" شخصيتها مرتين، الأولى حين اغتصابها، والثانية عند زواجها من الجاني، موضحة أن أهل الفتاة يلجأون إلى تزويج ابنتهم، كحل ومنفذ لهم، يحفظ كرامتهم من نظرات المجتمع، "متناسين كرامة ابنتهم والحالة النفسية التي حلت بها". وتنوه إلى أن الجاني يرتكب الفعلة الأولى، أما الجرم الثاني فالأهل هم من يتسببون به، بحسب اعتقادها.
وتعتبر أبو السمن أن المادة 308 تقف ضد المرأة كليا، مؤكدة أنها ليست لصالحها ولا تحفظ كرامتها، لأن تزويجها من رجل عديم المسؤولية، ولا يعاقب على فعلته، هو بحد ذاته تهاون في حقها، مما يضعها في مآسي أكبر، متمنية إعادة النظر بهذه المادة ومعاقبة الجاني وحبسه على فعلته".
وتعارض أيضا هذا القانون أمين سر اللجنة الوطنية للمرأة المحامية أسمى خضر، إذ تعتقد أنه "لا يجب أن يكافأ المغتصب بتقديم الضحية له كزوجة، فهو ليس أهلا لحماية الفتاة في ضوء العادات والتقاليد من وصمة العار التي حلت بها".
وترى أن هذا الفعل جرمي، فالشاب الذي يغتصب مرة، يمكن أن يكرر الأمر مع غيرها في المستقبل، وبالتالي يعرض أمن المجتمع للخطر، ويجب أن ينال جزاءه ولا يتهاون بحق الفتاة، وعلى الأهل أن يساعدوا أبناءهم على هذا الأمر.
وتعتبر خضر انه إذا كانت حالة الاغتصاب حقيقية، وأرغمت الفتاة على الزواج من مغتصبها، فقد تقدم على الانتحار، كما حدث مع فتاة في المغرب، أو تعيش حياة مهانة في بيتها رغم إرادتها "فهي لن تنسى هذه الجريمة".
وتوجه خضر رسالة للأهالي تذكرهم "أن الفتاة المغتصبة ضحية، إذ عليهم التروي ومنح ابنتهم مزيدا من الحب والرعاية والتأهيل النفسي والبدني والاجتماعي، ومعالجة الأمر في إطار من التفاهم، وليس إهداءها للمجرم كزوجة".
"إن تزويج الضحية لمغتصبها يعكس فكرا سائدا في المجتمع، يربط العذرية بوصمة العار، وبمكانة المرأة المتدنية في المجتمع"، وفق ما يقول رئيس شبكة "المهنيون الأردنيون" للوقاية من العنف ضد الأطفال الدكتور هاني جهشان.
ويؤكد أن المادة (308)، "غير دستورية" لأنها تعكس عدم المساواة بين الرجل والمرأة، ولا تحقق العدالة، والأكثر مرارة أنها توفر الظروف القانونية لإفلات المغتصب من العقاب.
ويلفت إلى أن تزويج المغتصب من الضحية هو "اغتصاب متكرر، يضاف لجريمة الاغتصاب التي افلت منها، وانتهاك لحقوقها".
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ يرى جهشان، أن الزواج المبكر (القصري) للقاصرات، له مخاطر صحية مباشرة كالإجهاض والولادة المبكرة ومضاعفات الحمل المختلفة، إلى جانب وجود عواقب صحية نفسية ترافق الضحية مدى الحياة، لافتا أن الحكومة ملزمة بالحفاظ على هذه الحقوق بمرجعية اتفاقية حقوق الطفل.
ويشار إلى أن حالات كثيرة يتم فيها اغتصاب طفلة يقل عمرها عن 15 عاما، ما يعني بحسب القانون الحكم بالإعدام على الجاني، غير أن تلك العقوبة تم "تجميدها" ليتم اللجوء في بعض الحالات إلى تزويج الضحية بقرار من القاضي، (مع أن القانون يمنع تزويجها قبل بلوغها هذا العمر)، وحينها لا يخضع المغتصب لملاحقة قانونية.
ويشير جهشان إلى أن الشبكة الإعلامية للوقاية من العنف ضد الأطفال، ستقوم بإجراءات فعلية، من أهمها التشبيك واستمرار دعم الناشطين على صفحات التواصل الاجتماعي المتعلقة بمناهضة تطبيق وإلغاء المادة 308 من قانون العقوبات الأردني، ودعم الأنشطة التي تحقق الهدف، مثل زيادة برامج التوعية المجتمعية بحقوق المرأة وتمكينها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، والتوعية بالمفاهيم الخاطئة المنتشرة حول "العذرية" من خلال المحاضرات والبرامج الإعلامية.
ويرى ضرورة دعم ضحايا العنف الجنسي من النساء من خلال عيادة إدارة حماية الأسرة، وأن تقوم مؤسسات المجتمع المدني بتوفير البيئة الملائمة لتأمين الخدمات النفسية والاجتماعية والقانونية لضحايا العنف الجنسي، بما في ذلك حثهم على طلب الدعم والمساعدة.
ولا ينسى الدكتور جهشان، الإجراءات القانونية، من خلال حث مجلس النواب المقبل بالالتزام بإجراء التعديلات على قانون العقوبات، بحيث يتم ضمان حقوق ضحايا العنف الجنسي، وبما يمنع الإفلات من العقاب، وكذلك إلغاء المادة 308 من قانون العقوبات.
وسجلت 67 قضية اغتصاب و 312 قضية هتك عرض في المحاكم، وفق ما جاء في التقرير السنوي لأعمال المحاكم في الأردن للعام 2010، فيما تشير الدراسات إلى أن معظم قضايا الاغتصاب لا تصل للمحاكم بدافع الحفاظ على السمعة.
من جهته يؤكد الاختصاصي الاجتماعي د.حسين خزاعي، أن جريمة الاغتصاب من أشد جرائم الاعتداء في المجتمع، لأنها تحدث أضرارا جسدية ونفسية وعقلية، وكذلك اعتداء على الشرف، إلى جانب أنها تمس الاستقرار العائلي في المجتمع.
ويرى أن مرتكبي هذه الجرائم يفتقرون إلى التربية الأسرة الحسنة، داعيا المؤسسات الاجتماعية لزيادة حملاتها لإعداد أفراد يحترمون العادات والتقاليد والدين، ولا يتطاولون على حقوق الأفراد في المجتمع.
ويدعو إلى توعية الشباب والشابات في عمر المراهقة، بعدم الاتجاه بسلوك سلبي يضر بأجسادهم أو بغيرهم، إلى جانب أهمية التوعية بالثقافة الجنسية، حتى لا تتضاعف السلوكيات السلبية، التي يمكن أن تؤدي إلى مشكلات اجتماعية في المجتمع".
ويطالب خزاعي بإلغاء أو تعديل المادة (308) من قانون العقوبات، بما يضمن العدالة والحقوق لكافة أفراد المجتمع، وخاصة من يتم انتهاك حقوقه، لأن الخاسر الوحيد في هذه الحالة هو الفتاة الضحية عند معالجة الجريمة بزواج السترة.
لا تنسى الفتاة المغتصبة ما حل بها، فهي تصاب بحالة نفسية، تبقى في ذاكرتها لفترة طويلة، ولن تمحى هذه الجريمة بسهولة من حياتها، وفق الاختصاصي النفسي خليل أبو زناد الذي يعتبر أن الحل لا يكون بزواجها.
ويقول "إن الفتاة الضحية للاغتصاب، ستعاني من متلازمة الشعور بالإهانة، والخوف الشديد، وتعميم الخوف، فأي رجل يمكن أن تراه يصبح بالنسبة لها مشروع مغتصب، ومن ثم تفقد ثقتها بالرجال عامة".
ويرى أنه إذا تم الزواج فسوف يؤثر عليها وعلى أبنائها، متسائلا "كيف ستتعايش مع شخص مجرم، وهو ذات الشخص الذي قام باغتصابها؟؟؟".
من المؤكد، بحسب اجابة ابو زناد، أن مثل هذا الرجل "سيقبل على فعل جرائم أخرى"، متابعا "هذا الزواج توريط للفتاة أكثر، ولن ينجح ومن المستحيل أن يستمر".
رئيسة جمعية حرائر الأردن الخيرية زكية البوريني تؤكد ضرورة ايقاع اقصى العقوبات بمن يقوم باغتصاب اي فتاة سواء كانت قاصراً أم غير قاصر فهذا مرتبط بالسلوكيات الاجتماعية السوية والتربية الصالحة.
وتضيف، لا بد من استيعاب المجتمع لهذه المظلومة والتي وقع عليها الغبن والاغتصاب ولابد من تطبيق أشد العقوبات حتى يتأدب بقية المغتصبين، او الذين يفكرون بهذا العمل"، وذلك حفاظاً على صفاء ونقاء هذا المجتمع، بدون أن يلوث بالانحرافات ولا تشوبه الجريمة التي تمتهن كرامة المرأة وانسانيتها وتسبب لها الدمار النفسي والاجتماعي والانساني.