Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Jan-2019

ما الهدف من قانون العفو العام؟* مروان المعشر

 الغد

تنص المادة 38 من الدستور ان “للملك حق العفو الخاص وتخفيض الضريبة، واما العفو العام فيقرر بقانون خاص” ولا يتوسع الدستور بأكثر من ذلك، ما يعني ان مسؤولية وضع القانون الخاص تقع على عاتق الحكومة ومجلس الأمة. وحيث ان هذه المادة لا تسعفنا من ناحية من يشمله قانون العفو، فلا بد من البحث عن مواد اخرى علها ترشدنا. تنص المادة 2/7 من الدستور ان “كل اعتداء على الحقوق والحريات العامة او حرمة الحياة الخاصة للأردنيين جريمة يعاقب عليها القانون” كما تنص المادة 1/128 على “لا يجوز ان تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق او تمس أساسياتها”. 
تبعا لذلك، يجب ان يقرأ قانون العفو العام في ظل هذه المواد الثلاثة على الاقل مجتمعة، ليتبين لنا ان قانون العفو العام لا يحق له دستوريا التوسع في القضايا التي يشملها العفو اذا اثرت على جوهر حقوق المواطنين. فهل حقق القانون تنفيذا أميناً لهذه المواد؟ بل هل كانت محاولات تضمين العفو، الناجحة والمخفقة منها، قضايا كهتك العرض وسرقة المياه والكهرباء والشيكات المرتجعة وغيرها من القضايا التي تمس صلب حقوق المواطنين دستورية؟ وهل “مصلحة” بضعة آلاف مواطن المتوقع ان يشملهم العفو تطغى على حقوق وحريات باقي الأردنيين؟ وهل المشككون في اتساع رقعة العفو نخبويون لا يهمهم مزاج الشارع ام انهم مؤمنون بسيادة القانون التي يجب ان نبنيها جميعا لبنة لبنة بغض النظر عن اية مكاسب آنية؟ 
لكل قانون أهداف معينة، وأسباب موجبة، فإلى ماذا يهدف هذا القانون؟ 
هل يهدف الى ارتفاع في شعبية مجلس النواب؟ ان شعبية مجلس النواب المتدنية تعود الى هيكلية قانون الانتخاب الذي لا يتيح إيجاد مجالس حزبية قوية تقوم بدورها في التشريع ومراقبة السلطة التنفيذية، وهي غير مرتبطة بحدث معين قد يجلب شعبية قصيرة الامد، ولكنه لا يعالج المشكلة الرئيسية وبالتالي لن يتجاوز الارتفاع المنتظر في هذه الشعبية أسابيع معدودة. 
هل يساعد العفو على تحقيق مبدأ سيادة القانون الذي نتغنى به صباح مساء؟ كيف يتم ذلك ونحن نسامح من تعدى على القانون، وكيف نوفق بين مطالبتنا بسيادة القانون والسلطة التشريعية المناط بها مراقبة سيادة القانون هي من تسمح بالتوسع في العفو؟ وهنا لا بد ان يسجل للحكومة انها اجتهدت لإبقاء العفو في حدوده الدنيا وتصرفت بعقلانية بالغة ولم تبتغ الشعبوية ولو انها في امس الحاجة لها. 
هل يهدف العفو لإعطاء البعض فرصة اخرى؟ وهل يتم ذلك بالتمني بينما تظهر الإحصاءات ان 33 ٪ ممن شملهم العفو الأخير عادوا لاقتراف افعال جرمية في الثلاثة اشهر الاولى بعد الإفراج عنهم؟ هل يتم مراقبة من يتم العفو عنهم او محاولة تأهيلهم او مساعدتهم ام نكتفي بالتمني بألا يعودوا لاقتراف جرائمهم؟ هل العفو وسيلة للتخلص من كلفة السجون العالية؟ هل هذه الكلفة اكبر من كلفة الجرائم المرتكبة؟
في سياق ما سبق، يمكن فهم مبدأ العفو العام اذا تعلق الامر بالعفو عن سجناء رأي مثلا، حين تقرر الدولة إسقاط حقها عنهم، او لمعالجة خلل او ظلم تشريعي، لكن من الصعب فهم مبدأ العفو حين تتعلق الأمور بمخالفات مالية او جنائية تطال حقوق الآخرين، فكيف تصبح مصلحة الجاني اهم من حق المجني عليه؟
ليت قانون المحكمة الدستورية يتيح للمواطنين العاديين حق التقدم بمثل هذه الأسئلة الى المحكمة، حتى تقوم بدورها كاملا، ولكنه لا يفعل. وتبقى أسئلة العديد دون جواب مقنع أننا على طريق بناء الدولة الحديثة.