Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-Mar-2018

سباق جديد للتسلّح... أم كبح لِـ «الهيمنة»؟ (2-2) - محمد خروب

 الراي - في تفسيره لما ورد في خطابه المدوّي, الذي وضع علاقات بلاده مع الولايات المتحدة والمعسكر الغربي امام مرحلة جديدة, قال الرئيس الروسي بوتين: ان «مبادئ الجيشالروسي لم تتغيّر» مشددا على «أننا نحمي مصالحنا ونحترم مصالح الدول الأخرى، ونعتمد على القوانين والمواثيق الدولية، وهذه الأساليب تسمح لنا بإقامة علاقات طيبة مع غالبية دول العالم، كالعلاقات الاستراتيجية بين روسيا والصين والهند.

 
يرسم بوتين إذاً ما يمكن وصفه, وإن بحذر ٍشديد ملامح محور لم يتبلور بعد ودونه عقبات كثيرة, عندما يشير الى الصين والهند وبخاصة ان العلاقات بين بيجين ونيودلهي, ورغم انهما في اطار مجموعة (بريكس)، لكن علاقاتهما لا يمكن وصفها بالجيدة وتعترضها ملفات شائكة, كقضية الخلافات الحدودية ومسارطريق الحرير الخلافي, ومسألة التبيت والعلاقات مع باكستان وغيرها، الامر الذي يدفع لأخذ ما ورد في خطاب بوتين حول علاقات موسك الجيدة معهما والقائمة على الاحترام المُتبادَل, كمثال على ما يريد ان تكون علاقات بلاده مع واشنطن والاتحاد الاوروبي عندما قال في الخطاب نفسه: ان روسيا ترغب في «تطوير» التعاون مع الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي, وأن تكون لدى شركائنا «العقلانِية» باتجاه التعاون المتكافئ, والتصدي للتحديات المشتركة وبناء مستقبل العالم المترابِط والمتكامِل. هذا يعني ضمن امور اخرى, تأكّد موسكو من غياب العقلانية عن شركاء كهؤلاء.. وهو امر يمكن تفهمه بل تأكيده, اذا ما رصدنا السلوك الاميركي والاطلسي ومواقف الاتحاد الاوروبي تجاه روسيا، منذ تفكّك الاتحاد السوفياتي وخصوصا في المرحلة الاسوأ التي مرّت بها روسيا في العهد الكارثي لبوريس يلتسين, وكيف ازداد ذلك السلوك العدواني والاستفزازي منذ وصول بوتين الى قصر الكرملين حتى الان.. مع الاشارة الى ان لدى واشنطن وبروكسل (كمقر لمؤسسات الاتحاد الاوروبي, وحلف شمال الاطلسي) وباقي عواصم الغرب, قناعة تامة بأن بوتين ليس ميخائيل غورباتشوف وبالتأكيد ليس نسخة عن يلتسين, وعلى تضاد بالمطلق مع ليونيد بريجنيف, وخصوصا السنوات العشر الاخيرة من حكمه البيروقراطي المتكلِّس. في الوقت ذاته الذي فيه قناعة مطلقة لدى بوتين, بان لا اختلاف جذريا بين رئيس اميركي ديمقراطي من قماشة اوباما, واي نسخة من الرؤساء الجمهوريين حتى هذا الاخير رجل الاعمال, التي رافقت حملته الانتخابية دعاية مزيّفة تقول: انه «رجل بوتين او رجل روسيا» وما تزال تلاحقه (ترمب) حملة مركّزة تتهمه بالتعاون مع موسكو خلال حملته الانتخابية.. وبعدها. وهو امر يكاد يكون اقرب الى «النكتة», ويعكس معركة تصفيات حسابات بين الحزبين الكبيرين واجهزة الدولة الاميركية العميقة (الإستبلِشمِنت) اكثر من حقيقة وجود «صلة» ما بين ترمب وموسكو. ولهذا طالَب الرئيس الروسي قي مقابلته الاخيرة مع شبكة «NBC «الاميركية مباشرة بعد خطابه «النووي», بان «تمُرّ الاتهامات الاميركية لتدخل روسيا المزعوم في الانتخابات الرئاسية الاميركية، عبر قنوات رسمية، لا من خلال الصحافة او صراخ وصياح داخل الكونغرس الاميركي». كيف تعامل الاميركيون والناتو والاوروبيون مع روسيا وخصوصا منذ وصول بوتين؟
ليس ثمة ما هو جديد او غير مُعلَن في ما نورده, الاّ من باب التذكير وربما الإتكاء على تلك المقارفات «الثلاثية» الاميركية الناتوية والاوروبية، للاشارة الى انها الأسباب التي اوصلت الرئيس الروسي الى قناعة بان الوقت قد حان لقلب الطاولة على هؤلاء, والتأسيس لمرحلة جديدة في علاقاتٍ, واصلَت التدهور وباتت احتمالات المواجهة واردة.
وربما تكون مُبرّمجة في نظرهم, وتحديدا في محاولاتهم التي لا تتوقف لمحاصرة روسيا وعزلها, جغرافياً وسياسياً ودبلوماسياً وشيطنة قادتها إعلامياً وادارة حملة شعواء ضد سياساتها الداخلية كما الخارجية, وكأنها ما تزال «روسيا السوفياتية» التي لم تتقلّص سوى مساحاتها الجغرافية, فيما ما تزال في نظر الغرب تُشكِّل خطراً على الرأسمالية بنسختها النيوليبرالية المتوحشة, رغم عِلم الجميع ان روسيا بوتين, تنتهج سياسة اقتصاد السوق وهي عضو في منظمة التجارة العالمية, وتوجد على اراضيها طبقة رأسماليين واسعة النفوذ, ورجال اعمال لا يقلّون «شراسة» عما هم عليه اترابهم الغربيون.
انها إذاً.. الغطرسة الاميركية المحمولة على «استثنائية» مزعومة, وجُبْنٌ اوروبي ما يزال يفرض نفسه على قادة دول الاتحاد الاوروبي, الذين يخضعون للابتزاز الاميركي وأُكذوبة أن روسيا ما تزال تشكل خطراً عليهم كما كان خطر الاجتياح العسكري الاتحاد السوفياتي المزعوم، الذي اخترعته الدعاية الاميركية للإمساك بالقرار الاوروبي. ويأتي الآن دونالد ترمب, ليضيف على عدوانية حلف الناتو ابتزازا آخر, ينهض على ان يقوم الاوروبيون «بدفع مقابِل الحماية الاميركية لهم. وان شعار «أميركا أولاً» يعني ان واشنطن «لن تستمِر في دفع أكلاف الدفاع عنهم».
لهذا ايضا واخيراً.. لنقارِن قيمة الموازنة العسكرية الاميركية التي تصل الى (700 (مليار دولار اميركي سنويا, فيما موازنة روسيا العسكرية التي لا تزيد على «70«مليار دولار، وما يزال الناتو يتمدّد ويتوسّع على حدود روسيا, وينشر منظومة الدفاع الصاروخية بما فيها صواريخ ثاد THAAD ((ويُجري مناورات لا تتوقف على حدود روسيا مع دول كان تعهّد لروسيا يلتسين, بانه (الناتو) لن يسعى لضمها الى عضويته،لكنه نكث كالعادة في عهوده, ضلا عن «طرد» روسيا من عضوية نادي الدول الرأسمالية (G8,( وفرض عقوبات قاسية عليها وعلى معظم مسؤوليها السياسيين، دون اهمال آخر «العداء» الاميركي لموسكو الذي ورد في استراتيجية الأمن القومي التي نُشِرت مؤخرا.
أليس ثمة مبرّر لخطاب الرئيس الروسي الاخير, الذي قال في حزم وتحدٍ... كفى للهيمنة الأميركية؟.