Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Oct-2018

«هايلي» استقالَت.. مُن يأسف عليها سِوى (إسرائيل)؟ - محمد خروب

 

الراي - امرأة فظّة، شرسة وعدوانية.انطباع فوري لا يتردّد كثيرون في نعت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هايلي بهذه الصِفات،بعد سنتين (تقريباً) من وجودها في هذا الموقِع،الذي يستقطب اهتمام وسائل الإعلام الدولية وجمهور الدبلوماسيين،الذين باتوا يَرون في منصة مجلس الامن (دع عنك ما يقوله قادة الدول تحديداً وحصراً،من على منبر الجمعية العامة) حلبة مصارعة دولية حقيقية،في مواجهة الغطرسة الاميركية المتصاعِدة،والخارجة على الاعراف والتقاليد السياسية والدبلوماسية ،وبخاصة في مضمون وطبيعة الاوصاف التي كانت تُطلقها نيكي هايلي مُبتكِرة»دبلوماسية الكعب العالي»الذي هدّدت أن تركُل به كل مَن ينتقد إسرائيل، وقبلها كانت سمانثا باور،ودائما في عهد رؤساء اميركيين يفيضون غطرسة وعدوانية،على النحو الذي عليه ترمب ورهط «حزب الحرب»المُتحكّم بقرار البيت الابيض،كما كانت الحال في عهد جورج بوش الابن ورونالد ريغان.
استقالة المندوبة الاميركية ان صح وصفها بالمفاجأة،هي الاحدث في عملية القفز المتواصِلة من سفينة ترمب،التي تتقاذفها الفضائح وضغوط التحقيقات التي بدأت تضيق الخناق عليه،وآخرها ما كُشِف عن استعانة فريق حملته الانتخابية بشركة اسرائيلية،لإعداد خطة»تضليل الكترونية»ترمي الى انشاء حسابات وهمية على الشبكة الالكترونية،واستغلال وسائل التواصل الاجتماعي في عمليات التضليل وجمع معلومات استخبارية،بهدف إلحاق الهزيمة،بمرشحين آخرين منافسين لترمب وخصوصا بالمرشَّحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.إستنادا الى مقابلاتٍ ونُسخٍ من هذه الإقتراحات،اطّلَعت عليها صحيفة نيويورك تايمز الاميركية، وِفق ما نشرته على صفحتها الاولى يوم اول من امس الثلاثاء.
الكلام  المرتبِك في المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده ترمب مع السيدة الفظّة هايلي،لم ينجح في إخفاء حقيقة ان الاستقالة المفاجِئة هذه لم تكن»استراحة محارب»،على ما حاول ترمب وخصوصا هايلي الإشارة اليه،بل ثمة اسباب اخرى قد تكشِفها الصحافة الاميركية لاحقاًنوإن كان ذلك يبقى شأناً اميركياً لا علاقة له بقضايانا وملفّاتها،التي أُوكِلت، لسوء حظنا ودائما لسوء تخطيطنا وتسليم أُمورنا،للسيد الابيض,الذي يُمعِن غطرسة وتآمراً واستخفافاً بنا وبحقوقنا وتاريخنا وثقافتناً،على نحو تؤكده مقولة ونستون تشرشل الذي تحظى»سيرته»بإعجاب بعض العرب،عندما وصَفَنا بأننا «امة من البرابرة بالتأكيد أَكلُوا.. روث الجمال».
ولأن الدفاع عن»اسرائيل»كانت المهمة الاولى والرئيسة للمندوبة الاميركية لدى الامم المتحدة،فان مراجعة دقيقة( و»محايِدة»إن أَردّتُم)تكشف بغير عناء،ان معظم وقت وظيفتها الرفيعة (تحمل رتبة وزير) أَنفقته في ترويج الرواية الصهيونية،والدفاع المستميت عن ارتكابات وإرهاب اسرائيل وتبرير جرائمها،وبخاصة تلك المجازر التي ما تزال ترتكبها بوتيرة عالية منذ الثلاثين من آذار الماضي،التي انطلقت إحياءً لذكرى يوم الارض وتدشينا لمسيرات العودة الكبرى،التي ما تزال متواصِلة بزخم وإصرار،رغم عدّاد الشهداء والمصابين الذي لا يتوقّف،والذي يأخذ الأوضاع المأزومة في قطاع غزة وعلى خط المواجهة مع جنود العدو،نحو»عدوان»جديد تتصاعد الدعوة الى شنِّه في صفوف قادة العدو،وبخاصة في السجال المندلِع بين وزير الدفاع افيغدور ليبرمان ووزير التعليم نفتالي بينيت،زعيم حزب المستوطنين المُسمّى»البيت اليهودي».
اقوال نيكي هايلي خلال لقائها مع ترمب بهدف إظهار ان الاستقالة عادية، تكشف عن»إنجازاتها»التي تباهَت بأن على رأسها،كان دعم القرار الاميركي للإعتراف بالقدس عاصمة لدولة العدو،معتبرة ذلك بوقاحة انه»من حَقِّنا»،زاعمة في الوقت نفسه»ان المجتمع الدولي يحترِم الولايات المتحدة الآن اكثر مما قبل».ساندها في ذلك ترَمب الذي قال في زهو مُفتعَل:ان نيكي»عرفت جيداً كيف تتعامل مع اللاعبين الرئيسيين في الامم المتحدة,وانها – أضاف – قامَت بعمل رائع».
والحال.. فان شائعات تروج»ألمح اليها ترمب نفسه»،ان»دينا باول»قد تخلِف هايلي في موقعها،بعد ان صرف النظر عن تعيين ابنته ايفانكا مندوبة لبلاده في الامم المتحدة حتى لا يُتّهَم بـ»المحسوبية»على حد زعمِه،ولمَن لا يعرف دينا باول المصرية الاصل والمستشارة السابقة في البيت الابيض،فانها كانت جزءا من»فريق السلام»الاميركي الخاص بالشرق الاوسط والذي يقوده المتصهين اليهودي المتعصب صهر الرئيس جاريد كوشنر،مع محامي العقارات اليهودي الاميركي،مُمثِّلا خاصا لترمب في للمفاوضات الدولية جيسون غرينبلات.لكنها – دينا باول – استقالت وعادت الى العمل البنكي،وها هي تعود الى الاضواء ثانية،لكن بإرث مقيم مع»صفقة القرن».
كان لافتاً أيضاً ما قالته نيكي هايلي خلال مؤتمرها الصحافي عن صهرترمب جارد كوشنر»...جارد عبقرِّي مُتخَفَّ لا يفهمه احد.. عمِلتُ – أضافَت – معه على خطة السلام الخاصة بالشرق الاوسط،وهي خطة مُذهلة بشكلٍ لا يُصدّق»..
هل ثمة غرابة إذاً،في سيل الإشادات الصهيونية المتدفِّقة شكراً لها وإشادة بها من كل الطيف السياسي والحزبي في اسرائيل،بما في ذلك تغريدة – ولأول مرة في تاريخ اسرائيل – مِن قِبل قيادة جيش الاحتلال،شكَرَت فيها هايلي «ودعمِها لإسرائيل والحقيقة»مع»تحيةٍ من جنود جيش الدفاع»كما جاء حرفِياً في التغريدة؟.
kharroub@jpf.com.jo