Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Jan-2019

أفلام صانعي الأفلام - د. صلاح جرّار

 الراي - لا أتردّد في حضور الأفلام السينمائية الأجنبية، ولا سيّما الأميركية والأوروبية، كلّما أتيحت لي فرصة لحضورها أو كلّما سمعت عن إطلاق فيلم جديد متميّز، فبالإضافة إلى ما توفّره هذه الأفلام لمشاهديها من المتعة فإنّها تتميّز في العادة بالإبداع في الفكرة والإخراج والتصوير والموسيقى واستخدام المؤثرات المختلفة والقدرة على التأثير في المشاهد. غير أنّ أهمّ ما يميّز كثيراً من هذه الأفلام ما تحمله من رموز وإشارات ورسائل تتصل بالسياسة والاقتصاد والثقافات، وما تتضمنه من تنبؤات غير مباشرة بأحداث المستقبل في المجالات المختلفة، وما تعبّر عنه من آراء ووجهات نظر واعتقادات خاصّة بكاتب النصّ والمخرج.

وربّما لا يختلف اثنان على أنّ قدرة الغربيّين على إنتاج الأفلام قدرةٌ فائقة لا تضاهيها أي محاولة من محاولات الإنتاج السينمائي العربي الذي يخلو في الغالب من العمق والابتكار والانتشار والإبداع، ولا يدور إلاّ حول قضايا ثابتة لا تتغيّر إلاّ في الشكل.
إنّ قدرة العقل الغربي على إبداع أفكار جديدة ومتنوّعة وإنتاج أفلام تتناول جوهر القضايا السياسية والفكرية، وقدرة المخرجين على توريط المشاهد في فكرة الفيلم وأحداثه إلى درجة تصديقها حتّى لو كانت مغرقة في الخيال، تجعلني أعتقد أنّ هذا التفوّق والإبداع في صناعة الأفلام عند الغربيّين لا تنفصل عن قدرة السياسيّين والاقتصاديين الغربيين على إنتاج أفلام واقعية تكون الشعوب والقيادات والطوائف والمنظمات السريّة وغير السريّة أطرافاً في تمثيلها، فكلما ازداد إبداع الأمريكان والأوروبيين في إنتاج الأفلام السينمائية ازداد إبداعهم في إشغال العالم بأحداث سياسية وعسكرية واقتصادية وثقافية وصحيّة وبيئية من صناعة الفكر الغربي، فما إن ينتهي فيلم ينتجه دونالد ترمب أو غيره من القادة والزعماء الغربيين حتّى ينتجوا فيلماً جديداً يشغلون به العالم، وفي رأيي أنّ صدام الحضارات وجنون البقر ومرض فقدان المناعة وانفلونزا الطيور والعولمة والإرهاب والنزاعات الطائفية والحروب الأهلية وصفقة القرن وغيرها ما هي إلاّ نتيجة تخطيط لا يختلف عن التخطيط لأيّ فيلم، لكنّ أبطال هذه الأفلام واقعيّون من شعوب وزعماء وبلدان وجيوش ومدن ومخيّمات وميكروبات فتّاكة وغير ذلك.
ولذلك ليس مستغرباً أن يكون بعض رؤساء الولايات المتحدة الأميركية ممّن نبغوا في التمثيل في شركات الإنتاج السينمائي مثل رونالد ريغان ودونالد ترمب.
salahjarrar@hotmail.com