Tuesday 23rd of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Aug-2018

التربية والتعليم: وزراء وإنجازات محدودة (4 - 4) - د. ذوقان عبيدات
 
 
الغد- عرضنا في المقالة الأولى تاريخ وزراء التربية والتعليم الذين تولوا مهمة قيادة التربية منذ نشأة الدولة وحتى الآن، مع وضع بعض الدلالات حول مؤهلاتهم ومدد مسؤولياتهم. وفي المقالة الثانية ربطنا الإنجازات التربوية بأسماء الوزراء الذين تزامن وجودهم مع هذه الإنجازات.
أما هدف هذه المقالة فهو الوصول إلى استنتاجات ودروس، لعل هناك من يسمع.
1 - إن بعض الانجازات تمت “تزامنا” مع وجود عهد وزير ما، وهذا لا يعني إنها إنجاز له ولكن على الأقل تمت في عهده، ولم يعطلها. فهناك الكثير من الوزراء والمسؤولين لا يقبلون أفكار غيرهم. ويريدون إنجازًا خالصًا من أفكارهم, وهناك عشرات الأدلة لوزراء أوقفوا مشروعات كانت موجودة قبلهم. كما أن هناك أدلة عديدة على وزراء ألغوا إنجازات ومشروعات سبقت وجودهم. ومن امثلة ذلك عدة قرارات لعمل امتحان للمرحلة الإعدادية وعدة قرارات بإلغائه. كما أن هناك عشرات التنظيمات الإدارية للوزارة قام بإلغائها وزراء لمجرد صدورها في غير عهودهم، أو –ربما – لأن لديهم وجهات نظر مختلفة، أو حتى لأنها غير منطقية.
2 - إن كثيرًا من الإنجازات كانت تطورات طبيعية نتيجة ظروف موضوعية، وليست أفكارا أو خططا لوزراء، ومن أمثلة ذلك كل التطورات الكمية في مجال أعداد المدارس والمعلمين والطلبة وتنويع التعليم، واجراءات التسرب والرسوب وفيما يتعلق بالكفاءة الداخلية، حيث لم تشمل الدراسة مثل هذه الاهتمامات، مع أن هناك برامج لليونسكو تعلقت بالتعليم للجميع وزيادة نسب الالتحاق وغير ذلك.
3 -إن إنجازات بعض وزراء التربية كانت مفاجئة وقوية قادتهم مباشرة الى رئاسة الوزراء، فالسيد مضر بدران، انتقل مباشرة من التربية إلى الرئاسة وذلك بسبب نجاحه الباهر في قيادة الوزارة، واهتمامه بالمعلمين ومعالجة آثار تركها من سبقوه، ولا ينسى معلم ان مضر بدران كان أول من دعا إلى علاوة المعلمين ونجح في ذلك. طبعا لا يمكن القول أن نجاحه في التربية كان سببا وحيدًا لتشكيل حكومته.
 وكذلك د. عمر الرزاز فقد اشتهر بإنجازات تربوية عميقة الدلالة قادته إلى رئاسة الوزراء، حيث اعطى درسًا أن بإمكان الشخص العاقل أن يحقق إنجازات دون ضجيج، ودون مقاومة باسلة من أعداء التغيير.
4 -وهناك وزراء تربية آخرون ساهمت نجاحاتهم في الوزارة بوصولهم الى منصب رئاسة الحكومة، مثل: عبدالرؤوف الروابدة، ففي عهده في التربية، كانت الوزارة شعلة من النشاط والأفكار، ووضع كتابًا بعنوان “التربية والمستقبل” اشتمل على أكثر الأفكار التربوية حداثة. ونحن هنا لسنا بصدد تعداد إنجازاته، لكن كانت إنجازاته التربوية رصيدًا له في رئاسة الوزارة. على الرغم من تعامله مع قيادة جامدة، لم تحافظ على مستوى إنجازاته بعد تركه للوزارة.
5 - الدكتور عبدالسلام المجالي، وهو أكثر من أوجد إنجازات ملموسة في التربية، استلم رئاسة الوزارة بعد تركه لوزارة التربية حيث مرَ إلى رئاسة الجامعة أولاً، فهو من وضع نظام الفصول وتوسع دون عقد في بعثات الدكتوراة وفتح أبواب الدراسة لمن ضاقت بهم السبل.
ومن الجدير بالذكر، إن هؤلاء الوزراء الأربعة: بدران، المجالي، الروابدة والرزاز لم يكونوا من التربويين إطلاقًا. ولم يأت أي منهم من مؤسسة تربوية أو تخصص تربوي! وهنا تثور اسئلة لم أجد جوابًا لها:
- هل نجاح غير التربويين كان بسبب بعدهم عن الجو أو البيئة التربوية في وزارة التربية؟ أم بسبب كفاءتهم العامة؟ وهم بلاشك مختلفون عن وزراء تربويين وغير تربويين من حيث الشخصية والفاعلية.
- لماذا لم يقدم أي وزير تربوي، أي نموذج إصلاحي أو مهني قاده ليكون شخصية عامة بعد تركه لمنصب وزارة التربية؟
- أين اختفى معظم وزراء التربية– وخاصة التربويون؟ ولماذا لم نسمع أي إسهام عن العديد منهم، ولو بمقالة في صحيفة؟ أو محاضرة عامة؟
- هل يكون التخصص في التربية عائقا لوزير التربية؟  
6 -هناك وزراء تربية، اختفوا من المجتمع بعد تركهم الوزارة، أو على الأقل اختفوا عن التأثير في المجتمع. مع أن الدولة رحيمة بأبنائها. لقد أسهم بعض وزراء التربية من التربويين في تجريف الوزارة من قياداتها:
• في سنة 1990 حدثت المجزرة الأولى. • في سنة 1991 حدثت المجزرة الثانية. • في سنة 1999 حدثت مجازر أخرى.
وليست صدفة أن هذه المجازر كانت بفعل تربويين، أو ليس غريبًا أن يشكو د. الرزاز من عدم وجود قيادي واحد في وزارة التربية؟ وبالمناسبة، لم يعمد الوزراء – غير التربويين – إلى التخلص من أي قيادي في الوزارة!! فلم يرو احد أن الرزاز تخلص من أحد، مع أنه حقق أكثر الإنجازات.
7 -وقد يقول قائل: لماذا لم تتحدث عن د. عدنان بدران ود. عبدالله النسور، اللذين وصلا لمنصب رئيس الوزارة؟ وجوابي، إن فترة إقامتهما في الوزارة لم تتجاوز أربعة إلى خمسة شهور، وليس لهما إنجازات تربوية بحكم قصر المدة، واعتقد ان ليس لدورهما في وزارة التربية تأثير على وصولهما للرئاسة.
فالدكتور بدران طوّر خبرته في اليونسكو. والدكتور النسور طوّر خبرته في مجالات متعددة.
8 - هذا عن الإنجازات. فماذا عمّن مروا دون أثر كعدد كبير من الوزراء التربويين وغير التربويين؟ إن هذه الاسئلة تقود إلى الاستنتاجات الآتية:
- قد يكون الوزير –غير المختص – أكثر قدرة على رؤية الموقف بشمول وبحيادية أكثر.
- لم يعرف عن الوزراء الناجحين من غير التربويين أي اهتمام بالتفاصيل. فقد كانوا وزراء قواعد ومبادئ وأطر عامة وسياسات. وهذه مهمة الوزير.
- أهتم الوزراء التربويون – بعضهم – بأمور أقل من أن تشغل بال موظف صغير، فما بالك بوزير يرفض أربع صيغ لبطاقة دعوة عادية، ليعدّل عليها ويعيدها ثانية؟. أو من وزير جامعي كان يتحدث في الاجتماع، ويطلب من الحضور كتابة ما يقول خوفًا من النسيان؟ 
9 - ولحسن حظ الوزارة أن استلمها د. عمر الرزاز بعد أربع سنوات عجاف، وربما عشر سنوات لم تشهد فيها الوزارة أية إنجازات تذكر. لقد تمكّن الرزاز من تطوير شكلي في امتحان التوجيهي، دون أن يصل إلى جوهر الامتحان أو التعليم، ولكن يحسب له أنه عمل بهدوء، واعاد وزارة التربية إلى مكانها ومكانتها دون خسائر في الأرواح.
ألخص فأقول: تطور التعليم بمقدار يفوق الجهد الذي بذله الوزراء، أو على الرغم من محاولة بعضهم في إعاقته. ومن يعمل أو عمل مقدار ذرة – في الوزارة – خيرًا فإنه يلقى ذلك في دعم المجتمع. لاحظوا أنني لم اتحدث عمن ساهموا في تدمير قيم التعليم!