Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Apr-2019

من يقود “الأبارتايد” في فلسطين المحتلة..؟!* علاء الدين أبو زينة

 الغد-لم يتنافس في انتخابات الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة في أي وقت “يمين” و”يسار”، أو “معسكر حرب” و”معسكر سلام”. فمن حيث المبدأ، كل الذين يتنافسون على السلطة في الكيان محتلون، أقاموا وجودهم على حساب أصحاب الأرض. وأي برامج يتسابقون عليها إنما تختلف فقط في اقتراح كيفيات الاحتفاظ بوطن الفلسطينيين المغتصب وإحباط تطلعاتهم وكسر إرادتهم.

عندما فاز “اليسار” الذي مثله ذات يوم حزب العمل في الكيان، كان الفائزان هما الإرهابيان شمعون بيريز واسحاق رابين. وكان “السلام” الذي قدماه أسوأ من الحرب المباشرة. فقد تمكنا من عرض نفسيهما –وبالتالي كيانهما- للعالم كأنبياء سلام، على أساس مشروع أفضى بالضبط إلى الكارثة التي نحن فيها الآن. أولاً، أخرجا العرب الرسميين من الصراع بالمعاهدات، وكسبا اعترافها بشرعية الاحتلال، وعمقا التناقض بين تخطيط الأنظمة وآمال شعوبها. وثانياً، صنعا “أوسلو” التي أنتجت ما نحن فيه اليوم، والتي انتزعت اعتراف قادة الفلسطينيين بشرعية “إسرائيل”، وشوَّهت الثوابت الوطنية الفلسطينية المحقة، وأحبطت آليات النضال الفلسطيني.
كل الوقت، قبل أوسلو وبعدها، لم يتغير السياق الأوسع الذي حاول البعض عزل تفاصيله وتجميلها بما يشاؤون من التوصيفات: كانت فلسطين وظلت كلها محتلة عملياً، قبل “السلطة” كما بعدها. ولمن يشك، ثمة صورة لجنود الكيان وهم يقيِّدون أيدي عناصر من الشرطة الفلسطينية -بالزي العسكري- وراء ظهورهم بشرائط بلاستيكية، في مشهد يختصر كذبة “دولة فلسطين” التي طُبعت زوراً على المروسات وجوازات السفر.
كل المتنافسين على انتخابات الكيان اليوم يسوِّقون أنفسهم على أساس برامج الاستيطان والضم، ومناهج الوحشية ضد الفلسطينيين، لأنه لا يوجد ما يعطل برامجهم: لا فلسطينيون مقاومون مؤثرون، ولا عرب مهتمون، ولا “مجتمع دولي” ملتزم بقانون أو ضمير. وفي الحقيقة، كما في مسألة ضم الجولان المحتل الذي اعترفت به مؤسسة الإمبريالية الأميركية مؤخراً، فإن المسألة فنية أكثر من كونها واقعية عندما تكون الأراضي محتلة فعلاً وليس ثمة ما يهدد هذا الاحتلال.
مع أن أصواتاً عربية رسمية سفحت ما تبقى من خجل وأصبحت تجاهر بالترحيب بالكيان وتطالب بتطبيعه ومنحه الشعور بالأمان في وطن الفلسطينيين المحتل –على حساب أمان الفلسطينيين- فإن أي وجهات يسلكها الكيان لن تجلب له الأمان والخلود. كبداية: لا يمكن لشيء أن يُطبِّع الكيان في منطقة أقحم نفسه عليها بالقوة وما هو منها. ولا شيء سيجعله مقبولاً بما هو لأي صاحب ضمير في العالم كله. ويكفي سماع هتافات جماهير كرة القدم مثلاً، من المغرب والجزائر إلى أيرلندا واسكتلندا، لمعرفة النظرة الشعبية إلى الكيان وما تعنيه فلسطين.
والأهم، ما يلاحظه عشّاق الكيان قبل مناوئيه، من أن كل الطرق تقود الآن –كما أكدت برامج نتنياهو ومنافسوه- إلى الأبارتايد بوجهه السافر. وقد بدأ الكيان هذه المسيرة بإنهاء أي فرص لقيام دولة فلسطينية على أي جزء من فلسطين التاريخية، وأتبعه بسن القوانين العنصرية وعلى رأسها قانون القومية، والتي تمنح الصبغة القانونية فقط للممارسات العنصرية غير المتوقفة ضد فلسطينيي “الداخل” والوحشية ضد البقية في الضفة وغزة.
الواقع في فلسطين المحتلة اليوم هو وجود 6.48 مليون فلسطيني على أرضهم، في الضفة وغزة وداخل الخط الأخضر، حسب إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في نهاية العام الماضي. وفي المقابل، أحصت “دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية” 6.5 مليون يهودي في فلسطين عشية العام 2018. وحسب أرقام الجهاز المركزي الفلسطيني، فإن “معدل النمو السكاني للمقيمين في الأراضي الفلسطينية بلغ نحو 2.5 في المائة للعام 2018، مقابل معدل نمو سكاني لليهود بواقع 1.7 في المائة”. وتعني هذه الأرقام حتمية تجاوز أصحاب الأرض للغزاة في الأعداد، فيما يسمى “القنبلة الديمغرافية”.
سواء بـ”الضم” المعلن أو غيره، يعيش الفلسطينيون في فلسطين المحتلة كلها واقع الفصل العنصري بكل عناصره، والذي يتأثر به بقية الفلسطينيين في المنافي. ومع تلاشي أي خيارات أخرى، ليس أمام كل الفلسطينيين سوى إسقاط ما تبقى من أوهام، والشروع في التخطيط المنهجي والتحشيد لخوض النضال الطويل والشاق ضد النظام العنصري الفاشي في فلسطين، في اتجاه تفكيك هيمنة الغرباء على المصير الفلسطيني.