Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-May-2017

مع جوستاف لوبون في «حياة الحقائق» - ابراهيم العجلوني

 

الراي - تضمنت ديباجة كتاب جوستاف لوبون: «حياة الحقائق» اربعة مرتكزات للنظر، او لنقل اربعة موجهات له، نملك ان نُفيد منها في واقعنا السياسي والاجتماعي.
 
اول هذه المرتكزات/المبادئ ان تقدم الأُمم من عمل خيارها على الدوام، فاذا ما سار الخيار وراء الجماهير بَدَلاً من قيادتها كان الانحطاط هو مصيرها.
 
وفي تقرير «لوبون» لهذا المبدأ جراءة مشهودة في عصر اتسم بالجماهيرية او بطرائق خداع الجماهير بالشعارات.
 
والفيلسوف الفرنسي منسجم في هذا مع نفسه، فهو لا ينفك يؤكد في كتبه – «سيكولوجيا الجماهير»، و»سر تطور الامم» وكتابه الذي نشير اليه هنا – اثر الجماهير السلبي على الفكر وهبوط المستوى للحشود الى ادنى عقول افرادها.
 
اما ثاني المبادئ التي يعتمدها او الحقائق التي ينطلق منها في ابتناء رؤيته بصنعة كونه «عالم اجتماع» فهو قوله ان «الجيل الذي لا يجد من القواعد المجمع عليها ما يوجه به حياته يعود بغريزته الى الماضي عودة محفوفة بالمخاطر (لضعف بصيرته ولخفاء معالم هذا الماضي عنده ولاعتسافه السير على غير هدى فيه: والتعليل هنا لكاتب هذه السطور».
 
ونحن اذ نقرأ ما في تضاعيف هذا الكلام ونربطه بما في المبدأ الاول القاضي بضرورة قيادة النخب للجماهير بما هي شرط للنهوض، فاننا نوقن بان في مقدمة واجبات النخب (الاخيار) تنوير اذهان الاجيال الجديدة، واظهارها على حقائق حاضرها وماضي اجدادها على حد سواء، اذ ارتداد هذه الاجيال الى الماضي على غير بصيرة سيجعلها قوة عمياء مدمرة لذاتها ومجتمعاتها.
 
وفي مقابل هذا المبدأ في ضرورة استنارة الفهم للماضي يأتي ثالث المبادئ التي ينادي بها «لوبون» وهو ان الرغبة في التقدم والنهضة لا تكفي، اذ «يجب ان تعلم الوجهة التي يُسارُ اليها قبل كل شيء، فالانسان العامل هو بانٍ أو هادم بحسب اتجاه جهوده، وشأن رجل الفكر هدايته الى الطريق التي يسلكها».
 
ونملك ان نقول هنا ان الوجهة التي ما يزال مشرقنا العربي الاسلامي معلّق النظر بها هي الأُنموذج الغربي للنهضة على الرغم من تآكل هذا الأُنموذج وسقوط ليبراليته واستقراره على أخلاق القوة الباطشة والكراهية المدمرة.
 
اما رابع مرتكزات جوستاف لوبون في كتابه «حياة الحقائق» الذي ترجمه الاستاذ عادل زعيتر، ترجمة أمينة فيما ترجم من كتبه مثل: «حضارة العرب» و»روح الثورات» و»الآراء والمعتقدات ومن كتب غيره من أعلام الغرب، فهو ان «الروح البشرية وان سَهُلَ عليها ان تستغني عن (بعض) الحقائق فانها لا تقدم على الحياة بلا يقين».
 
وهنا نقول ان العبرة انما تتعلق بمدى توافق هذا «اليقين» الذي يدعو اليه فيلسوفنا وحقائق الوجود، وبمدى ارتفاعه عن المادية الضيقة المعتمة وعن سمادير الأوهام واضغاث الاحلام، ولا سيما العلموية المنغلقة منها.