Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Sep-2014

"الرفاق" في خندق "داعش"؟!*فهد الخيطان

الغد-لأن الولايات المتحدة الأميركية "معروفة بمواقفها المعادية لقضايا الأمة العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية"، فمن الطبيعي أن نقف ضد التحالف الدولي الذي تشكل بقيادتها لمحاربة تنظيم "داعش". على هذه القاعدة الذهبية، أسست الأحزاب اليسارية والقومية موقفها الرافض لمشاركة الأردن في التحالف ضد "داعش"، وإدانتها للتدخل الدولي في قضايا المنطقة.
بالنتيجة، الرفاق اختاروا الوقوف في خندق "داعش"!
مثلهم مثل جماعة الإخوان المسلمين، تبنى اليساريون والقوميون الموقف المرغوب شعبيا، وهو معاداة أميركا، من دون أن يأتوا على ذكر "داعش"، أو يحددوا موقفهم منه. وفي بيانهم المنشور في صحف أمس، تبدت حالة مخيفة من الانفصال عن الواقع، والتنكر للحقائق القائمة.
فالولايات المتحدة حسب رأيهم "هُزمت" في العراق، ولا أعرف كيف وصلوا إلى هذا الاستنتاج؛ أميركا احتلت العراق وأسقطت نظام صدام حسين، ومكثت هناك عشر سنوات، وانسحبت وفق خطة زمنية معلنة. وكان شعار باراك أوباما الذي على أساسه خاض الانتخابات وفاز فيها، هو الانسحاب من العراق، وليس إعادة احتلاله كما تتوهم تلك الأحزاب.
ويمضي البيان في سرد المغالطات؛ فالهدف الأميركي حسب قولهم هو "إعادة رسم الخريطة السياسية للمنطقة، وضرب فكرة الأمن القومي العربي، واستهداف الدولة الوطنية السورية". يا إلهي، لم يسمع قادة اليسار والقوميين بعد بآخر أخبار الأمن القومي العربي والدولة الوطنية السورية؟! في العراق، يحكم "داعش" ثلاث محافظات، والأكراد دولة بالأمر الواقع، والمليشيات الشيعية تفرد سلطتها في الجنوب، وإيران تتحكم بمفاصل القرار السياسي في بغداد. ليبيا دويلات، وعاصمة اليمن في قبضة الحوثيين، ناهيك عن تنظيم "القاعدة" الذي يسيطر على مدن بكاملها، والانقسام المتدحرج بين الجنوب والشمال.
أما الدولة الوطنية السورية، فهي الأخرى إمارات؛ "داعش" له الكلمة الطولى فيها، وما تبقى لجبهة النصرة و"أحرار الشام"، والنظام لا يكاد يسيطر على وسط دمشق، ومدن الساحل التي تئن تحت حصار المليشيات. ماذا تبقى من الأمن القومي العربي أيها الرفاق؟!
يقول الرفاق في بيانهم إن "شعوب ودول المنطقة هي الأجدر والأقدر على مواجهة التطرف". ليت ذلك صحيح، لكن الحقيقة، وكما تعرفونها، غير ذلك بكل أسف. الشعوب مقطعة بين الطوائف والمذاهب، وتتقاسم الخنادق فيما بينها، ودولها شبه منهارة؛ جيش العراق لم يصمد ساعات في مواجهة "داعش"، وجيش سورية يحارب منذ أربع سنوات من دون نتيجة.
والحق أن مواقف أحزاب المعارضة، بما فيها حزب جبهة العمل الإسلامي، محيرة، رغم اختلاف مواقف الطرفين من نظام بشار الأسد؛ فلا هم يريدون تدخلا دوليا لإسقاط النظام السوري، ولا تحالفا دوليا للقضاء على "داعش"، ولا دورا عربيا سواء كان لدعم المعارضة السورية أو النظام. بالمختصر، وكما جاء في البيان: "رفض كل أشكال التدخل الخارجي في المنطقة العربية مهما كانت أسبابه ودوافعه"! هم باختصار يؤيدون بقاء الحال على ما هي عليه.
أعطوني منطقة واحدة في العالم تنطبق عليها هذه الحال. الإسلاميون لم يدينوا يوما تدخل دول الخليج وتركيا لدعم المعارضة السورية، واليساريون والقوميون لم يعلقوا بكلمة على تدخل إيران وروسيا وحزب الله المادي لدعم النظام، ثم تقولون "ندين التدخل الخارجي".
هذه عباطة وليست سياسة، أقل ما يقال عنها إنها مواقف عدمية، أسوأ ما فيها أنها تنظر للمشاركة الأردنية في التحالف الدولي بمنظار القوى الخارجية وحساباتها، لا المصالح الأردنية المهددة في حال استمر الإرهابيون في التمدد في سورية والعراق من دون أن يردعهم أحد. تُرى، ماذا سيكون مصير اليساريين والقوميين في الأردن لو كتب لتنظيم "داعش" أن ينتصر؟