Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Jun-2019

حرائق وبنزين وكلام تذروه الرياح*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور-يقال بأن الصدقة تطفىء الآثام والذنوب، لا سيما في نهاية رمضان، فاستوصوا بالأيتام خيرا رحمكم الله، وثمة أيضا أشياء أخرى يجب إطفاؤها، فالنار وحرائقها وقانا الله ووقاكم شرها في الدنيا وفي الآخرة، هي عدو الانسان وعدو الحياة ويجب إطفاؤها حين تشتعل، نقول هذا مع تمام علمنا بأن ثمة بشر وظيفتهم إشعال الحرائق والنيران وآخرون يسرقون ويحرقون حتى الأحلام ..كفانا الله وإياكم شرورهم وسموم أدخنتهم.

أكتب والغضب يعتريني بسبب الحرائق التي تشتعل هنا وهناك فتهدد الحياة ورمزها، فالشجرة كائن حي يتنفس ويمدنا بالأوكسجين وألف منفعة أخرى، والجنّة في اللغة تعني الخضرة، فمن يمد يده ليحرق الجنة ورمزها على الأرض سوى شيطان مريد؟!..
هذا العام؛ كان موسما مطريا ثريا، بعث في نفوسنا أملا عظيما بمزيد من خير، حيث استطالت أعشاب الربيع الخضراء أمتارا في بعض المناطق وعلى غير العادة، ومنذ تلك الأيام؛ أعني ونحن في عمق التلذذ بربيعنا الاستثنائي في الأردن، حذرنا من حرائق الصيف، وخطرها الداهم، فالربيع في بلادنا عمره قصير وسرعان ما تستحيل الخضرة الى صفرة ثم يباس شديد ويصبح العشب حطبا وهشيما «تذروه الرياح» فيكون أشد خطرا من زيت الوقود، وقد لا يحتاج الى عود ثقاب أو عقب سيجارة أو بقايا نار أشعلها بعضهم، ليشبّ حريقا يلتهم اليابس والأخضر أيضا.. فمثل هذه الحرائق تحدث حتى في مواسم الشتاء وتقف الدول العظمى عاجزة أمامها، وتقوم بإجلاء سكان مدن كاملة، وتسقط فيها ضحايا بالمئات..وأمريكا اصدق مثال على ذلك «شوفوا جوجل»، حيث داهمتها حرائق طبيعية وقفت أمامها عاجزة تماما وامتدت بل دامت مستعرة عشرات الأيام.
 وزارة الزراعة التي خرجت للتو من مواجهة خطر الجراد، وأبعدته عن زراعتنا وأراضينا، تنبهت لاحتمال اشتعال الحرائق وأصدرت خطتها لمواجهتها منذ منتصف نيسان، علما أن خططا سنوية موسمية تعدها، وتنفذها بها الوزارة لأنها من صلب عملها، وتتوفر لديها بنية تحتية ولوجستية ومهنية لمواجهتها، فالمسألة بالنسبة للوزارة دور وواجب ومديرية حراج وفرق مهنية وتجهيزات، وتقوم بدورها في حماية الغابات، مؤكدا هنا أن ثمة في الدول مؤسسات مختصة في مقاومة وإطفاء الحرائق، ولدينا منها جهاز الدفاع المدني صاحب السمعة والتاريخ في هذا المجال، وأعني بذلك أن وزارة الزراعة تقوم بعملها وهو ليس اطفاء الحرائق المشتعلة في الملكيات الخاصة..
 كلنا علينا واجب لحماية الأردن من حرائق السياسة والجريمة ومن الحرائق الأخرى، وليس بشريا ولا أردنيا من يروج لمزيد من حرق وتحريق للبلاد والعباد وما يملكون، فقول الكلمة الطيبة صدقة والصدقة تطفىء غضب الرب في كل الديانات، ومن هنا نطالب الجميع بأن يقوموا بدورهم في تجنيبنا مزيدا من الحرائق، وليس أن يصبوا البنزين على النار، ويكيلوا الاتهامات يمينا ويسارا للدولة، بأنها تتقاعس أو تشعل الحرائق في الأشجار والمزارع !..قرأت كلاما كثيرا بهذا المعنى منذ سمعنا خبر احتراق أشجار في جرش ثم في السلط، فنهض الناهضون عبر النت وتطبيقاته ومن بينهم من ركبوا ألسنة الدخان وبدأوا بممارسة عبقرياتهم وزكموا أنوفنا بروائحها، فهم مختصون في كل شيء كما تعلمون، ولا يمكن أن تجد موضوعا لا يفهمون فيه ويقدموا لنا فيه معلومات بل شتائم واتهامات للدولة بالتقصير.
أقل من 200 شجرة حرجية احترقت تيجانها فلم تعد قادرة على النمو، بينما احترق حوالي ألف شجرة جزئيا لكنها ما زالت حيّة تنمو، وسوف تتجاوز هذا الحريق، كما يتجاوز الأردنيون كل الحرائق والصعاب، وقد اشتعلت النيران في 3 مناطق في غابات جرش، وكلها نيران ابتدأت من مناطق ومزارع ليست تابعة للحراج، ولا تقع أساسا ضمن اختصاص طوافي ومسؤولي وموظفي الحراج، لكنها طالت الحراج، وكبدته الخسائر المذكورة، ولو لم تكن لدى وزارة الزراعة خططها وتجهيزاتها لكان الحريق أشد خطرا وسوءا على الغابات هناك.. لكن الإجراءات الاستباقية التي قامت بها الوزارة وتقوم بها كل عام، هي التي حالت دون انتشار الحرائق أكثر مع كل الأسى على ما تم حرقه من شجر ولو كانت شجرة واحدة.
 لن تتوقف الحرائق، ومطلوب منا حملة وطنية لمجابهتها قبل أن تحدث، ففي هذا الموسم يعتبر كل متر تقريبا على جوانب الطرقات وفي الاراضي الزراعية والمكشوفة معرضا للحريق، وهي اراض خاصة ومفخخة بالعشب اليابس القابل للاحتراق، وسوف تحدث حرائق في كل يوم بفعل الجاهلين أو الشياطين أو بإهمالهم، فالمطلوب اتخاذ تدابير من قبل كل صاحب ارض يوجد بالقرب في أرضه عشب يابس، ويجب أن تقوم البلديات بتنظيف الأعشاب في مناطق اختصاصها، ويتخذ المزارعون احتياطاتهم بالتخلص من كل أسباب الحرائق في مزارعهم وحول محاصيلهم، ولو فعلوا لما حدثت حرائق جرش ولا حرائق السلط التي اشتعلت في مزارع خاصة أيضا.
وقاكم الله شر الحرائق وصبابين البنزين عليها، وكل عام بل وكل الأيام وأنتم والوطن بخير.